بريد القراء
بين القطيعة وصلة الرحم
تاريخ النشر : الجمعة ١١ مايو ٢٠١٢
عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه- قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس قِبَلهُ. وقيل: قد قدم رسول لله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً فجئت في الناس لأنظُرَ، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ،فكان أول شيء سمعتهُ تكلم به ان قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصَلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» الترمذي (2485). وابن ماجة (3251). واللفظ له. وأحمد (5/451). وصححه الألباني.
كما أنها سبب في التوسعة في العمر والرزق فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سرهُ أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليصِلْ رحمه» رواه البخاري (5986) ومسلم (2557).
إن القطيعة لو كانت من صغائر الذنوب لهان أمرها وقلنا إنها من اللمم تكفرها الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان لكنها كما سبق من كبائر الذنوب وتحتاج منا إلى أن نبادر إلى التسامح والتصافي ومد اليد بالعفو والصفح فإن خير المتهاجِرَيْنِ من يبدأ بالسلام ففي الحديث عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ. أخرجه البخاري في صحيحه, وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَيزالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». إن العفو والصفح من شيم الكرام وخلق الصالحين وسبيل الأنبياء وقد حكى لنا القرآن الكريم مثالا رائعًا في قصة نبي الله يوسف -عليه السلام - مع إخوته، بعد أن حسدوه لمحبة أبيه له، حيث قال قائلهم «اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ»، فألقوه في البئر ليتخلصوا منه ويقتلوه ولكن الله لطف به فخرج من البئر سليماً معافى.. وتمرُّ الأيام والسنون ويكبر يوسف ويصبح وزيراً للمال لملك مصر.
وجاء إليه إخوته الذين أرادوا قتله ودخلوا عليه يطلبون منه الطعام لقومهم، ولم يعرفوه في بداية الأمر، ولكن يوسف عرفهم ولم يكشف لهم عن نفسه، وترددوا عليه أكثر من مرة، وفي النهاية عرَّفهم يوسف بنفسه، فتذكروا ما كان منهم نحوه، فخافوا أن يبطش بهم، وينتقم منهم، لما صنعوا به وهو صغير، لكنه قابلهم بالعفو الحسن والصفح الجميل، وقال لهم: «لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (92 - يوسف).
يتبع
ولد الرفاع الناصح بالخير
جمال صالح الدوسري