الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


حمزة الخطيب

تاريخ النشر : الجمعة ١١ مايو ٢٠١٢

جمال زويد



في مثل هذا الشهر من العام الماضي، استيقظ العالم على وقع مشاهد وصور جريمة بشعة اعتبرها غالب المحللين أن ضحيتها هو ملهم الثورة المباركة للشعب السوري وأحد أهم أسباب اشتعالها، وأعني هنا الطفل السوري حمزة علي الخطيب الذي لم تتجاوز سنو عمره الـ (13) عاماً، وكان شهر مايو 2011م عنوانا زمنيا لفاجعة استشهاده واكتشاف العالم بأسره فظاعة الجريمة التي يجرى ارتكابها ضد أبناء الشعب السوري.
حمزة، هو من بلدة الجيزة في محافظة درعا، تربى داخل أسرة كريمة متوسطة الحال، وكان الطفل الأصغر لوالد مزارع. يتحدث أقرباؤه عن مقدار ذكائه وفطنته وحبّه للمدرسة وشجاعته حتى انه كان يتمنى أن يكون شرطيا في المستقبل قبل أن يغير أمنيته عندما رأى عناصر الشرطة يقتلون أفراد الشعب خلال الثورة، وقال لأحد أصحابه: «إن الشرطة يقتلون الشعب وأنا لا أريد أن أكون مثلهم، لا أعرف ماذا سأصبح ولكن الشرطة تقتل الشعب وتعذبهم».
قبضت عليه «الشبيحة» بتاريخ 29 ابريل في تظاهرة في مدينة درعا حيث خرج مع المئات من أهاليها احتجاجاً على الحصار الظالم الذي فُرض عليها آنذاك، كانت المظاهرة ترفع شعارات معادية لإيران وحزب الله وكانوا يقولون: «لا حزب الله ولا إيران بدنا حرية وبس». وكان حمزة يحمل علما سوريا صغيرا وعليه النجمات الثلاث، وهو علم الاستقلال السوري، وبعد التظاهرة افتقدته أسرته وبحثت عنه، غير أن بحثها كان من دون طائل.
وبعد أيام قليلة عندما عرِف والدا حمزة السجن الموجود فيه ولدهما، ذهبا إليه حيث طلب إليهما عناصر الأمن التوجه إلى المستشفى، وهناك عثرا عليه جثة هامدة ومشوّهة، فلم تتمالك والدته بشاعة المنظر فأصيبت على الفور بانهيار عصبي وأصبحت فيما بعد ومازالت بين حالتين: حالة تبدو كأنها فقدت عقلها وهي تبكيه، والحالة الأخرى تفرح لأنه أصبح شهيداً.
تلقت العائلة جثمان الطفل حمزة، وأظهر شريط فيديو عرضته الـ CNN وتم نشره على موقع يوتيوب جثة حمزة الذي تعرض للتعذيب بوحشية، حيث كان وجهه منتفخاً وبنفسجي اللون، ويحتوي جسده على ثقوب ناجمة عن طلقات نارية وآثار تعذيب على جسده الطاهر منها أن عضوه التناسلي قد بُتر بالكامل. أثار عرض هذا الشريط احتجاجات واسعة أسهمت في اندلاع وتأجيج الثورة وتعدّيها مدينة درعا لتمتد إلى المدن السورية كافة.
على المستوى الخارجي ؛ أصيبت دوائر القرارين الدولي والإنساني بحالة من الذهول لمشهد جثة الطفل حمزة، جعلت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية تقول: «لا يسعني القول سوى أرجو ألا يكون موته عبثيا»، وصرح بارتيك مكورميك المتحدث باسم اليونسيف قائلا: «الصور تثير الصدمة، لقد شاهدها العالم كله، وحركت مشاعر كل من رآها ودفعته إلى الشعور بالخزي نظراً إلى ما حدث مع هذا الطفل. ليست لدي فكرة عن السبب الذي يدفع شخصاً لتعذيب طفل على هذا النحو».
سانحة:
ورد في كتاب البداية والنهاية ـــ بن كثير: في سنة 554هـ أحسّ السلطان المعظم محمد بن محمود بن ملك شاه بالموت، فأمر الجيشَ بإحضارِ أمواله ومماليكه وجواريه، فأُحضِرتْ فجعل يَبكي ويقول: هذه العساكرُ ـــ يدفعون عني مثقالَ ذرةٍ من أمرِ ربّي، ويزيدون في عمري لحظة، وهذه الأموال والجواهر والخزائن والمماليك والجواري الحسان لو قَبِلَهم ملَكُ الموتِ مني لافتديت بذلك جميعه له، ثم قال:« ما أغنى عنّي مالِيَه هَلَكَ عني سُلطانِيَه»، ثم فرَّقَ شيئاً كثيراً من تلك الأموال والحواصل، ثم تُوفي رحمه الله.