أخبار البحرين
د. فيصل الغرير: اليوم عمل ولا حساب.. وغدا حساب ولا عمل
تاريخ النشر : السبت ١٢ مايو ٢٠١٢
تحدث د. فيصل الغرير في خطبة الجمعة بجامع صلاح الدين فقال: فهذه رسالة خاصة، ممزوجة بالحب والإخاء، رسالة شكر وإعجاب، رسالة تحذير وتذكير وتثبيت، أبعثها إلى ذلك الشاب وتلك الفتاة وذاك الرجل الذين رضوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً فثبتوا كالطود الشامخ، متمسكين بحبل الله المتين.
إلى من سعد بالسنة علماً وعملاً ومنهجاً، إلى من رُزق الاستقامة على طريق النور والخير، إلى من وُفق للهداية والخروج من الضلال إلى ثبات النور والحياة الطيبة المباركة بين بيوت الله وحلق العلم، مستجيباً لأوامر الشريعة مبتعداً عن كل شهوات النفس المحرمة.
أقول: تذكر يا أخي الحبيب ما أنت فيه من نعمة الهداية والاستقامة، ووالله إنها نعمة، قد حرمها جمعُ من الناس، فمحرُوم من مُنع الهداية، محروم من لا يصلي في المساجد، محروم من يعيش حياة الترف واللهو بعيداً عن ذكر الله واعلم أن الهداية من توفيق الله وفضله عليك، وتيسيره لك (وما بكم من نعمة فمن الله) ولولا الله ما اهتدى مهتدٍ ولا وُفق للطاعة مطيع.
وعلى هذا فلابد من إدامة وشكر واستشعار عظمة نعمة الهداية. روى البخاري ومسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ينقل التراب وهو يقول:
((والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلت سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا))
يا من رُزق الهداية وفي المقابل نرى أعداء بالأمس كان النفاق وأهله في حربهم لاتباع الحق ودين الحق يستخدمون وسائل عدة، من السخرية والتشكيك، بغية التفريق بين المسلمين، وإبعادهم عن دينهم ولم يزل ذلك الفئام من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ويعيشون بيننا، أغواهم الشيطان، يلهثون وراء سراب المدنية والغرب، يحاربون أهل الحق المحبين للسنة، ينظرون إليك بعين الاحتقار والسخرية، ساخرين من هيئتك المصبوغة بالسنة، في وقار لحيتك، وكف ثوبك، واعتدال مشيتك وصوتك، وتمسكك بالسنة والحفاظ على شرائع الدين.
ها هي شعاراتهم تُرفع، تكتبها أقلامهم المسمومة، تتلوها أصوات مسعورة، أن أطلقوا الرجعية، واجروا القديم، إلى غير ذلك من هذه الأصوات الخبيثة.
فتارة يثيرون قضية المرأة ووضعها وحجابها على أنها المظلومة، مسلوبة الحقوق، وتارةً لقضايا التعليم لتغيير مناهج التعليم، وثالثة في بحث مسائل الدين كقضية الولاء والبراء، وتعيد بعض أحكام الشريعة الثابتة، حتى يصبح المرء بعيداً عن دينه، ورابعة باسم الثقافة البعيدة عن الدين المخالفة للشريعة وتقليد للغرب رقص وغناء
أقول أيها الناس أيتها الفتاة أيتها المرأة. لا تلتفتوا لكل ما يقال وينقل، فأنتم على الحق، وأنتم الأعزاء، عزيزٌ أيها المسلم بما تحمل من كتاب ربك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، عزيزٌ بإيمانك، وعلمك، وتمسكك بشرع الله (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون).
فيا أيها العقلاء: أي الفريقين أحق بالأمن؟ أيهما أجدر بالنور، أيهما أحق بالتقدير والإجلال؟ من هو المصيب ومن هو المخطئ؟.
قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نُصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذا الصراط، يكون سيره على ذاك الصراط، ولينظر العبد الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط المستقيم، فإنها الكلاليب التي بجنبي ذاك الصراط تخطفه وتعوقه عن المرور عليه، فإن كثرت هنا وقويت فكذلك هي هناك (وما ربك بظلامٍ للعبيد).
أيها الأخ المبارك، أخي وحبيبي، ولما كان الأمر كما ترى والصراع بين الحق والباطل قائم، كان لابد من وضع الكف على الكف تثبيتاً على طريق الإيمان والنور، الثبات نقوله لماذا؟ حينما نرى أعداداً ممن وفق للهداية أصابه اليأس والقنوط، فاستطال الطريق، واهتزت ثوابته بسبب كلام أهل الباطل له بالسخرية والاحتقار، فها هو ذاك يتنازل في كل يوم عن شيء من مبادئه، متذرعاً بوضع المجتمع وحال الحياة، لتراه بعد حيث قد تنكب عن الطريق وارتضى ثوب الذل. بعد رداء العزة والإيمان والتقوى.
روى النسائي وأحمد والترمذي عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمك وحسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم)).
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر في سجوده كما تقول عائشة رضي الله عنها من دعاء ((اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك)).
فاعلم أيها المسلم أن القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء.
فعليك أخي المسلم أن تثبت على الدين مهما اهتزت الأعاصير، وعليك أختي المسلمة أن تتمسكِي بدينك وحجابك وعفتك فجمالك بحجابك والتزامك بدينك، واعلموا أن اليوم عملٌ ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.