الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


حرّاس كنوز الزمن البحريني الجميل

تاريخ النشر : السبت ١٢ مايو ٢٠١٢



قد لا تفصح سيرته الذاتية عن هذا الكم الكثير المكنوز في ذاكرته وأرشيفه، ولكن أبرز ما تسفر عنه سيرته الشخصية، هو شغفه بالعمل التطوعي، واتصاله الحميم بالذاكرة البحرينية من خلال تلك المنسوجة الفريدة والرائعة التي استطاع الأخ والصديق خليل بن محمد المريخي أن ينسجها عبر علاقاته الشخصية الواسعة مع كثير من رجالات الوطن، وعلاقاته الحميمة التي بناها مع تفاصيل وكنوز الزمن البحريني الجميل.. وهو الأمر الذي جعله واحداً من أبرز حراس الذاكرة البحرينية والتاريخ البحريني الشعبي.
والصديق خليل المريخي (بو طارق) واحد من الذين أحبوا وأخلصوا لبحرين الزمن الجميل، وتعاملوا معه بشغف وقرأوه بعناية وعايشوا محطات منه بإخلاص وطني ووعي فكري وادراك مستنير لدلالاته ومعانيه.. ومن هؤلاء: الاستاذ خالد البسام، وعيسى الجودر، وراشد الزياني، وغيرهم ممن بادروا الى جمع وتدوين ذخائر الذاكرة البحرينية، ورووا حكاياتها، واستوعبوا أسرارها، وفتحوا مكنون صورها وذكرياتها للناس وخاصة لابناء الجيل الحالي ممن لا يكادون يعرفون شيئاً عن البحرين في مراحل تكوينها، وفي زمنها الجميل، فكانت ذاكرتهم جسراً وقنطرة لا غنى عنها للربط ما بين تلك الحقبة الذهبية، وبين المرحلة المعاصرة، حيث تواجه البحرين تحديات الحداثة والعولمة وهموم حماية هويتها الأصيلة وذاكرتها العذبة ومكنون تراثها وتاريخها الشفوي والشعبي الجميل إلى جانب تاريخها الاكاديمي.
كل هذه الأفكار وغيرها من الانطباعات الشخصية والذكريات الجميلة، كانت تمرّ في ذاكرتي، وأنا أتصفح كتاب خليل المريخي الجديد «ذاكرة التاريخ»، الذي يروي جانبا غير مطروق تقريباً من سيرة البحرين ومسيرتها، وهي تنتقل عبر مراحل زمنية متقاربة من عالم البساطة والعذوبة إلى عالم التعقيد والعولمة والحداثة، ومن حياة الشظف والبدايات الأولى إلى حياة الرفاه والعصرية والوفرة، ومن مرحلة التشكيل والتكوين إلى مرحلة التقدم والازدهار. والكتاب من هذا الجانب يكاد يكون فريداً من حيث محتوياته ومروياته، فهو لا يدخل في باب بعينه من ألوان الكتابة التاريخية، هو ليس بتأريخ اكاديمي للبحرين، ولا هو بسيرة ذاتية للمؤلف، وإنما هو مزيج من أشياء عدة، فهو رصد ومعاينة لصور البحرين على ابواب القرن العشرين وملامح حياتها وشئونها وشجونها، من خلال تتبع أحوال حياتها الاجتماعية وصولاً إلى تطور مؤسسات التعليم والثقافة والإعلام والاقتصاد فيها، ليعود ويتوقف عند أسواقها التاريخية العتيقة ومهنها ومرافقها الصحية والطبية، ولينتهي بعرض شيء من طرائفها ومروياتها وحكايات تراثها.
ولئن كان كتاب خليل المريخي وأمثاله من الكتب التي تروي شيئا من مخزون ذاكرة البحرين الشعبية ستُسعِد بصورة خاصة أبناء البحرين من جيل المريخي، والجيل الذي تلاه مباشرة، لما تحفل به من رصد لمشاهد مرحلة فاصلة من تاريخ الوطن، فإنه باعتقادي سيشكل للأجيال الجديدة نوعاً من الإطلالة على البحرين وهي في بدايات تكوينها.. للمقارنة بين ما كانت عليه في مراحل التكوين من شظف العيش وشحّ الموارد والامكانيات وبساطة الحياة وعظمة القيم الرفيعة التي تحلى بها ابناء البحرين الرواد وابناء ذلك الجيل، وما هي عليه اليوم من تقدم وازدهار وعصرية مع نوع من الشح في تلك القيم الرفيعة التي لم تخن البحرين وأهلها في يوم من الايام ولم تتخلّ عنهم وهم يسجلون المأثرة تلو المأثرة لبناء وطن رحب على رغم مساحته المتواضعة، وكريم على رغم شحّ موارده، وجميل على رغم شظف العيش وبساطة الحياة.. وطن يفتح صدره للجميع ويستوعب الجميع، من دون أن يفتش في نواياهم وعقائدهم وانتماءاتهم وطوائفهم.. وطن أجمل ما فيه بساطته وطيبته وانفتاحه على كل الثقافات وقدرته على الجمع بين المتناقضات بمحبة وسلام..
في الشأن الوطني: وجودنا العربي الخليجي مرتبط بقرارنا نحو الاتحاد
ننتظر جميعاً مع الاخوة والأشقاء في كل دول مجلس التعاون ما سوف يسفر عنه لقاء القمة التشاورية لاصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في الرياض هذا الاسبوع.. وفي الحقيقة فإن ما ننتظره حقاً من هذا اللقاء اعلان صريح بالبدء بالخطوات الاتحادية التي نتطلع اليها بكثير من الآمال والطموحات، ونرى فيها سبيلاً لا يمكن التراجع عنه، للمحافظة على وجود دول المجلس وشعوبه، في هذا البحر العاتي من الاطماع والتدخلات السياسية الذي يحيط بالمنطقة ويرسم لها مستقبلا يعتمد في كل عناصره الايجابية على خيار الاتحاد الذي لم يعد خياراً يقبل التسويف او التأجيل او المكابرة.