الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


عن المناظرة الأولى

تاريخ النشر : السبت ١٢ مايو ٢٠١٢

السيد زهره



تابعت مثل الملايين المناظرة الأولى التي نظمتها محطتا تليفزيون في مصر وصحف مصرية بين المرشحين للرئاسة عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح.
تابعتها ليس كي اختار بين الاثنين, ذلك انني ومنذ فترة طويلة قررت ان الاثنين لا يستحقان ان امنحهما صوتي ولأسباب كثيرة.
تابعتها لأن الحدث مهم بلا شك, هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها مناظرة مفتوحة مثل هذه في مصر والدول العربية, على غرار ما يجري في الدول الغربية. وكان من المهم ان نعرف كيف ستمضي هذه التجربة.
وكما قيل بالفعل قبل وبعد المناظرة, فلم يكن لحدث مثل هذا ان يتم لولا الثورة المصرية ولولا دماء الشهداء والتضحيات التي قدمها الشعب المصري في ثورته.
وبداية, لا شك ان تنظيم المناظرة بين اثنين فقط من المرشحين للرئاسة في مصر, ينطوي على تحيز, وعلى إجحاف بحق المرشحين الآخرين.
تنظيم المناظرة بين هذين المرشحين فقط أعطى الانطباع كما لو ان المنافسة محصورة او تكاد ان تكون محصورة بينهما فقط. وهذا ليس صحيحا.
وطالما انه تم تقرير تجريب مثل هذه المناظرات, فقد كان الانصاف يقضي ان يحظى على الأقل المرشحون البارزون الآخرون بنفس الفرصة أمام الرأي العام.
ولهذا كانت حملة المرشح البارز حمدين صباحي على حق عندما انتقدت المناظرة قبل تنظيمها وانتقت استبعاد صباحي منها وكذلك المرشحين الآخرين.
صحيح ان اختيار موسى وأبوالفتوح تم بناء على معيار محدد هو نتائج بعض استطلاعات الرأي العام التي جرت في الفترة الماضية والتي وضعتهما في مقدمة من يحظون بالتأييد في هذه الاستطلاعات. لكن الحقيقة ان هذا المعيار ليس مقنعا تماما. الكل يعلم ان هذه الاستطلاعات هي اسلوب جديد في مصر, وهي لا تحظى – بالتأكيد - بالمصداقية الكافية ولا يمكن اعتبار نتائجها موثوقة كما هو الحال في الدول الغربية التي تجري فيها هذه الاستطلاعات وفق ضوابط دقيقة إلى حد بعيد.
هذا بشكل عام. اما عن المناظرة نفسها, فعلى الرغم من استمرارها نحو ثلاث ساعات, فإنها لم تأت في حقيقة الأمر بأي جديد لا يعرفه المواطنون المصريون الذين يتابعون سباق معركة انتخابات الرئاسة, ويعرفون المرشحين.
المناظرة لم يكن الصراع فيها بالأساس صراعا حول برامج المرشحين ونقاط القوة او الضعف فيها.
التكتيك الذي اتبعه كلا المرشحين في مواجهة المرشح الآخر ومحاولة النيل منه والطعن في أحقيته بالرئاسة, لم ينطو على جديد, وركز على تاريخه وموقفه العام.
كما كان متوقعا, ركز أبوالفتوح في هجومه على عمرو موسى, على اعتبار انه كان من رجال النظام السابق, وانه مسئول بهذا القدر أو ذاك عما ارتكبه النظام, وبالتالي ليس معقولا ان يأتي بعد الثورة رئيس من رجال نظام أسقطته الثورة.
اما موسى, فقد ركز في هجومه على أبوالفتوح على حقيقة انه قضى حياته قياديا في جماعة الإخوان المسلمين والولاء المطلق للمرشد وللجماعة وأفكارها ومواقفها, وبما يمثله ذلك من خطر في راية يتهدد مصر إذا فاز بالرئاسة, وعلى تناقض وعدم وضوح وتذبذب مواقف أبوالفتوح.
وحقيقة الأمر ان الاثنين على حق فيما ذهبا إليه.
على الرغم من ان عمرو موسى دافع عن نفسه وعن مواقفه في عهد النظام السابق، فإنه في نهاية المطاف احد الرموز البارزة لذلك النظام. وهذه حقيقة لا يستطيع ان ينكرها احد.
وعلى الرغم من ان أبوالفتوح دافع أيضا عن تاريخه ومواقفه, فإنه يبقى احد قادة الإخوان المسلمين واحد قادة الجماعات الإسلامية التي لجأت إلى العنف طويلا قبل ان تراجع نفسها ومواقفها كما قال. وهو استقال من الإخوان فقط كي يترشح للرئاسة لا لخلاف جوهري حول المواقف مع الجماعة. وهو لا يستطيع ان يزعم انه قد أصبح مستقلا حقا عن مواقف الجماعة.
ولهذا السبب, ولأن الاثنين على حق فيما ذهبا إليه, فأظن انهما خرجا خاسرين معا من هذه المناظرة من هذه الزاوية تحديدا.
اعني ان المناظرة وان كانت قد صورتهما على اعتبار انهما على رأس المرشحين للفوز, فإنها في نفس الوقت أكدت نقاط ضعفهما الجوهرية التي تجعل كلا منهما غير جدير حقا بالفوز.
لكن يبق السؤال المهم: من بين المرشحين للرئاسة في مصر، من هو المرشح الجدير حقا بأن يمنحه المصريون أصواتهم؟
هذا حديث آخر بإذن الله.