التحقيقات
عدوانية الطلاب.. ظاهرة تتفاقم (1-2)
دور الإعلام.. ورجل الدين.. والمعلمين.. غائب!
تاريخ النشر : السبت ١٢ مايو ٢٠١٢
تحقيق: نوال عباس
يعاني الأطفال والنشء من مشكلة السلوك العدواني وهي من الظواهر التي أصبح لها ظهور واضح في مجتمعنا ومن أبرز مظاهرها الاعتداء البدني، وتدمير الممتلكات، والسرقة، والتمرد على القوانين، وعدم التجاوب مع النصائح وغيرها من المظاهر التي تؤثر بالشكل السلبي على الطالب ومستقبله الدراسي والمهني وكذلك على أسرته والمدرسة والمجتمع الذي يعيش فيه.
وقد أكد الأساتذة والمشرفون الاجتماعيون والاختصاصيون النفسيون والتربويون أن الأسباب التي تؤدي إلى ظهور السلوك العدواني لدى الطلبة تتمثل في تهميش الطالب وعدم تلبيته رغباته واستخدام العنف المفرط من قبل الأسرة والشعور بالإحباط من المحيطين به، بالإضافة إلى دور الإعلام والبيئة في تعزيز مثل هذا السلوك.
وقد أشار الاختصاصيون النفسانيون والتربويون إلى أن هناك دورا كبيرا يقع على الأسرة في حسن التعامل مع الطفل العدواني من خلال التحاور والتفاهم مع الطالب لتلبية احتياجاته وحل مشاكله بالإضافة إلى مراقبة ما يشاهده عبر وسائل الإعلام، كذلك طالبوا وسائل الإعلام وشيوخ الدين توعية النشء من خلال البرامج التثقيفية والقصص والسور القرآنية. جاء ذلك خلال التحقيق التالي:
كسر الجليد
تحدث الأستاذ وسام عباس السبع - الباحث الاجتماعي بمدرسة الخليل بن احمد الإعدادية للبنين، عن ظواهر السلوك العدواني قائلاً: بطبيعة الحال، السلوك العدواني هو من الظواهر التي لها وجود واضح في مجتمعنا، وقد أتاح لنا التعامل اليومي مع فئة الأطفال أن نقف على بعض مستويات التعبير عن هذا السلوك، أبرزها الاعتداء البدني على الزملاء، تدمير الممتلكات، السرقة، التمرد على القوانين، وعدم التجاوب مع النصائح، ولعل هذه الفئة من الطلاب هي من أصعب الحالات السلوكية الشائعة في مستوى التعاطي معها.
عن كيفية التعامل مع هذه الحالات، يحرص المرشد الاجتماعي بالمدرسة على الوقوف على الحالة ودراستها من جميع الجوانب، محاولاً قدر الإمكان كسب ود الطالب، ونيل احترامه وقبوله عبر آليات مذكورة في سرديات علم النفس الاجتماعي ومجال الخدمة الاجتماعية، وذلك من خلال «كسر الجليد»، والتأثير العاطفي على الطفل والسماح له عن الحديث عن نفسه، ثم النفاذ عبر هذه البوابة لتغيير اتجاهاته، والنجاح في معالجة هذه الحالات قد لا يكون سريعاً بل يحتاج إلى فترة طويلة وعدد من الجلسات الإرشادية، وإذا ما تطلب الأمر تحويل الحالة إلى معالج نفسي مختص فإننا نلجأ إلى هذا الأسلوب في حالات قليلة.
وعن الدور الإعلامي في التأثير على ذلك السلوك أشار الأستاذ وسام إلى انه من الطبيعي أن الإعلام له دور مهم في تشكيل السلوكات والقناعات لدى الإنسان، وخصوصاً في ظل تعدد الوسائط الإعلامية المتنوعة اليوم، فنحن نعيش في مجتمع مفتوح على كل الجهات، والإنسان بات اليوم يعيش في فوضى من التلقين الإعلامي الذي لا ينتهي، وعلى القائمين على الشأن التربوي استغلال هذه الوسائل وتوظيف هذه المكتسبات في تعزيز السلوكات الصحيحة وزرع بذور الوعي بالقيم الصحيحة والتحذير من مغبة الخاطئ منها، وهذا لا يتم إلا من خلال اختيار رسائل ومضامين إعلامية فيها من التشويق والإثارة بمقدار ما فيها من الهدفية والقيم الصحيحة.
تشكيل الطفل
وأضاف السبع: نصيحة أحب أن أتوجه بها لأولياء الأمور هي: «كن قريباً من ابنك». فالطفل كالعجينة يسهل تشكيلها، ولكن تحتاج إلى تواضع واهتمام وصبر وشيء كبير من الحميمية، فالمسائل التربوية ذات طبيعة إنسانية وليست عملا ميكانيكيا أو قواعد رياضية، وحيث إن الإنسان ؟ أي إنسان وأيا كان عمره - يمر بحالات نفسية متغيرة باستمرار فان على الوالدين والمربين بشكل عام أن يكونوا قادرين على التكيف والتعامل مع حالات النفس المتغيرة هذه، وعملية «فهم ذات الطفل» هي أقصر الطرق إلى السيطرة على سلوكاته وانفعالاته، وحينما يشعر الطفل بأن حاجاته الأساسية ورغباته تلبى بشكل صحيح وسليم فانه يشعر بالأمان النفسي والاجتماعي فتقل عنده الحالات السلوكية الشاذة. وفي المقابل كلما شعر الطفل بأنه مهمل أو منبوذ أو مهمش ازداد اغترابه النفسي وبالتالي لجأ إلى سلوكات خاطئة أبرزها السلوك العدواني، من دون أن ننسى بالطبع وجود عوامل أخرى يلعبها الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الطفل وجماعة الرفاق والخبرة العائلية وما إلى ذلك.
برامج لعلاج العدوانية
وفي هذا الصدد أكدت الأستاذة بدرية صويلح ؟ مديرة مدرسة آمنة بنت وهب الابتدائية للبنات - أن هناك عدة طرائق وأساليب نزود بها المعلم ليكون على استعداد تام للتعامل مع هذا السلوك أولها دراسة الأسباب ومصدرها، وعلى اثر ذلك نطرح المعالجات التي تتدرج بحسب الحالة لضمان تعزيز السلوك الإيجابي للطفل.
وعن حالات السلوك العدواني التي تتعرض لها البيئة المدرسية على حد قولها، إنها لا تتعدى سلوك التنمر أو التحرش اللفظي وكثيرة هي الحالات التي تعود أسبابها لمشكلات عائلية بين الوالدين أو أحدهما وتتراكم تلك مسببة عوارض السلوك العدواني لدى الأطفال.
(بسلوكي أتميز)
في سياق متصل أضافت الأستاذة نورة الكواري مديرة مدرسة حفصة أم المؤمنين الابتدائية للبنات أنه تمت مواجهة السلوك العدواني في المدرسة عن طريق وضع عدة برامج لتقويم سلوكات الطالبات، ومن أبرزها برنامج (بسلوكي أتميز)، وبنيَ البرنامج بالمشاركة مع أولياء الأمور حيث تم توزيع استبانة تطلب تحديد السلوكات التي يريد ولي الأمر تعزيزها والتركيز عليها في البرنامج، وتم الاتفاق على تعزيز سلوكات كاحترام الوالدين، التسامح والصفح، تحية الإسلام، المحافظة على الصلاة، ونظراً لحاجة المدرسة ارتأينا أن نبدأ بالاهتمام بإفشاء تحية الإسلام بين الطالبات والمصافحة باليد وهذا ما يسهم في تعزيز العلاقات الأخوية بينهن ويغرس المودة والمحبة بين الطالبات، وتم التركيز كذلك على سلوكية الاعتذار والتسامح التي من خلالها نغرس في الطالبة هذه السلوكات الحميدة التي من شأنها تفشي التسامح والمحبة وثقافة الاعتذار عند الطالبات، وذلك من خلال الورش التعليمية ونشاطات الرسم والتلوين والتعبير.
وتشاركها في تجربة النجاح مدرسة البلاد القديم الابتدائية للبنات، وتحدثت عن هذه التجربة مديرة المدرسة الأستاذة هنادي جاسم المقهوي، حيث تم وضع برنامج لنبذ العنف (معاً لمكافحة العنف والإدمان) يطبق بالتعاون بين وزارة التربية ووزارة الداخلية، ويتم من خلال المحاضرات التوعوية وورش العمل المصغرة للطالبات يلقيها ويقدمها وفود من وزارة الداخلية، تشمل المحاضرات عدة مواضيع تتناول الجانب التربوي وتهدف إلى بناء علاقات إيجابية بين أولياء الأمور والشرطة، وتشمل تدريبا خاصا لكيفية التعامل مع المشاكل والمواقف المختلفة، وتركز على تعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية، إلى جانب الحصص الإرشادية التي تنظمها شعبة الإرشاد الاجتماعي بالمدرسة، وجميع هذه الجهود تصب في نشوء بيئة مسالمة بين الطالبات ونبذ السلوكات العدوانية والعنيفة في المجتمع المدرسي.
مظاهر العدوانية
وفي السياق نفسه حاورنا الأستاذ عبدالله عيسى الخال من مدرسة الخليل بن أحمد عن دور الاعلام في تنمية السلوك العدواني فأوضح: «ان السلوك العدواني يأخذ مظاهر متعددة كإتلاف ممتلكات الآخرين أو سرقتها أو الإيقاع بين الزملاء أو الانتقام بممارسة الاعتداء بالضرب.
وللإعلام دور إيجابي أو سلبي تجاه ظاهرة السلوك العدواني لدى الأطفال بما يروج له من مشاهد عنيفة أو عرض ممارسات غير سوية كالسرقة والجريمة والاعتداء من خلال شخصيات محببة لدى الأطفال كأفلام الكارتون.
والأفلام الربحية لا تراعي القيم بقدر ما تراعي مبيعاتها كما أن الأفلام هي نتاجات ثقافات منتجيها ومن ثم فالكثير منها يحمل ثقافات وقيما غريبة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية وبذلك تحمل في طياتها إشكالات أسرية ومن أبرزها الازدواجية في شخصية بعض الأفراد وتبني أفكار أو سلوك غريب عن الأسرة».
وأكد بدوره، أن الأعلام الناجح يقدم برامج هادفة تنمي الطاقات الإيجابية لدى الأطفال وتبتعد في مادتها الإعلامية عن العنف والشرور، فالاعلام الناجح يرصد المشكلات ويستفيد من الخبرات المحلية والعالمية بما يقدمه من برامج استشارية مفيدة للأسرة، وبما يسهم به من برامج تنمي ثقافة الحب والوفاء واحترام الآخر، ومن خلال برامج تجمع الأطفال في ألعاب ومسابقات تعاونية تنمي لديهم مهارات التواصل الاجتماعي.
وفي كلمة أخيرة وجهها إلى أولياء الأمور أكد فيها أن ولي الأمر عليه أن يدرك أبعاد المشكلة أولاً، فالأسرة المفككة المليئة بالمشكلات ستضعف حالة الانتماء لدى أطفالهم بل ستخلق لديهم مشكلات نفسية وجسدية سترافقهم في جميع مراحل نموهم، والآباء الذين يمارسون القسوة الزائدة تجاه أطفالهم سيدفعونهم نحو الانتقام والتمرد عليهم ومن ثم رفض أوامرهم، وسيتخذ الأطفال الاتجاه المعاكس لرغباتهم، وسيمارسون كل ما يغيظ الآباء من سرقة واعتداء وإهمال دراسي.
لذلك لا سبيل أمامهم إلا الاستماع لأبنائهم ومعالجة مشاكلهم بالحوار لا بالقهر، وتفهم وجهات نظرهم سيجعل منهم متفهمين لوجهات نظر الآخرين واشعارهم بالرعاية والحب سينعكس على علاقاتهم ومحيطهم وسيعزز أواصر الانتماء للأسرة وللمجتمع.
أسباب السلوك العدواني
والأستاذ جاسم محمد المهندي، رئيس الإرشاد النفسي بإدارة الخدمات الطلابية بوزارة التربية والتعليم علق قائلا: ان مشكلة السلوك العدواني تعد من المشاكل المعرقلة لسير العملية التربوية التي تعانيها المؤسسات التعليمية على اختلافها ويمكن تعريف العدوان على انه: السلوك الذي يؤدي إلى إلحاق الأذى بشخص أو مجموعة أشخاص أو بشيء ما وقد يكون الأذى نفسيا (على شكل إهانة أو خفض القيمة) أو جسميا ويعتبر العدوان استجابة طبيعية لدى صغار الأطفال من 1-3 سنوات ويظهر عندما يتعرض أمنه أو سلامته للتهديد.
وأضاف أن الطفل قد يتعلم الكثير من العادات العدوانية عن طريق ملاحظة نماذج من سلوك العدوان لدى الآباء والمعلمين والاخوة والرفاق، كما يزيد احتمال تعلم الطفل لسلوك العدوان عندما يكافأ على تصرفاته العدوانية، فالتساهل يغذي العدوان ولا يزيله وخصوصا عندما يتقبل الأهل والمعلمون للعدوان حيث يعتبر تساهلهم معه نوعا من الموافقة الضمنية على سلوكه العدواني. ومن مسبباته أيضا منع الطفل من تلبية احتياجاته أو الوصول إلى هدفه فقد يتصرف بعدوانية، حيث نرى ان بعض الأطفال يعتمدون السلوك العدواني للفت النظر أو جذب الانتباه إليهم. كما أن النشاط أو الحركة الزائدة مع عدم توافر الطرائق المنظمة لتصريف تلك الطاقة في الأماكن المناسبة كضيق المكان أثناء اللعب قد يؤدي إلى (عدوان عارض).
وأكد الأستاذ جاسم ان أسلوب التنشئة التسلطية، وشعور الطفل بالإخفاق والحرمان من الحب والتقدير كما هو الشعور بعدم الأمان وعدم الثقة أو الشعور بالنبذ والاهانة والتوبيخ، بالإضافة إلى الغيرة، والتدخل المستمر في حرية وحركة ونشاط الطفل وسلوكه، كل ذلك من شأنه ان يعزز السلوك العدواني في الطفل.
ما هو العلاج؟
وعن علاج السلوك العدواني للطفل أوضح الأستاذ المهندي أن الاختصاصيين بمركز الإرشاد النفسي والاكاديمى بالوزارة يستخدمون عدة أساليب لتعديل السلوك والبعد عن العقاب فيتم البدء باستخدام الأساليب المعرفية والعقلانية الانفعالية والسلوكية في تخفيف العنف التي من أهمها: معرفة أثر النتائج المترتبة على سلوك العنف ؟ تعليم التلاميذ مهارة أسلوب حل المشكلات ؟ المساندة النفسية ؟ تعليم التلاميذ طرائق ضبط الذات ؟ توجيه وتقييم الذات ؟ تنمية المهارات الاجتماعية في التعامل ؟ تغيير المفاهيم والمعتقدات الخاطئة عند بعض التلاميذ فيما يتعلق بمفهوم الرجولة، والإرشاد بالرابطة الوجدانية التي تقوم على إظهار الاهتمام والتوحد الانفعالي وتوظيف الإيماءات والتلميحات ولغة الجسم عموما من قبل المعلم لإظهار اهتمامه بالطالب.
أما طريقة العلاج القصصي فتعتمد أسلوب سرد القصص على الطفل حيث تساعد على التخلص من عوامل الإحباط وتعمل على تطوير القدرات الإدراكية، ومن خلال القصص يدرك الطفل أن هناك العديد من الأطفال لهم نفس مشكلاته، ونجد انها تفجر المشاعر المكبوتة عندما يدخل الطفل في تجربة قوية من خلال تماثله أو رفضه الشديد لتصرفات قامت بها شخصية من الشخصيات مما يخفف الضغط النفسي عنده، فنعمل على عملية ضبط السلوك وتحديد عوامله وأسبابه ثم نقوم بعملية ضبطه تدريجيا حتى نصل إلى مرحلة ضبط السلوك العنيف وفي نفس الوقت إعطاء السلوك الايجابي البديل.
دور المعلم في التحكم بالسلوك العدواني
وأكد الأستاذ جاسم المهندي ان دور المعلم في عملية التحكم بهذا السلوك عند الأطفال، تتم من خلال عدد من الإجراءات التي يستطيع ان ينفذها وتسهم بشكل فعال في التقليل حتى تلاشي تلك المشكلة من خلال وضع قوانين واضحة للأطفال في كل مكان في المدرسة بعد شرحها لهم، فالقوانين توضح للطفل السلوك المتوقع منه، مع المراعاة أن تكون تلك القوانين بلغة مفهومة للطفل، تنمية السلوك الموجه نحو المساعدة الآخرين، أو تنمية التعاطف مع الآخرين فكلما أظهر الطفل اهتماماً أكبر بالآخرين قل أن يلحق الأذى بهم. تعزيز السلوك غير العدواني وتشجيعه، كاللعب التعاوني مع صديق وتعزيز الطفل عندما يلعب مع أقرانه من دون شجار وصراخ.
كذلك هنالك طرائق مفيدة جدا في علاج هذا السلوك من خلال تعليم الطفل كيف يعبر عن مشاعره بطريقة مختلفة، فعندما يستجيب المعلمون بشكل مناسب لمشاعر الأطفال واهتماماتهم وحاجاتهم، فإن ذلك يساعدهم على الشعور بالأمن والثقة. كذلك على المربين تعزيز أو إثابة السلوك المتوقع وخصوصا ان الطفل بحاجة للحصول على تقبل الكبار وتنفيذ ما يرضيهم وذلك على سبيل المثال كاستخدام عبارات: أنا لا أتوقع منك أن تؤذي أصدقاءك، أنا اعرف انك ترغب في اللعب باللعبة، ولكن لن اسمح لك بأخذها بالقوة.
جهود مركز الإرشاد النفسي
وتحدث الأستاذ المهندي عن جهود مركز الإرشاد النفسي بالوزارة ودوره الرئيسي في علاج مثل هذه الحالات، حيث أكد أن علاج العدوان أمر لا يقع على عاتق المعلم وحده، أو الأسرة وحدها، بل يجب أن تتكاتف الجهود بين المدرسة والبيت حتى المجتمع لتكون النتائج مرضية. إذ يتم في بادئ الأمر حصر الأطفال ذوي السلوك العدواني ووضعهم تحت المراقبة والتوجيه، ومع دراسة الأسباب الحقيقية للسلوك العدواني ووضعهم تحت المراقبة.
ولا يقتصر الدور على ذلك حيث يتم دعم الربط بين أسرة الطفل والمؤسسة التعليمية لكي يكون العلاج مفيداً وأيضا الحرص على تتبع حالات الأطفال حتى بعد معالجتهم لمعرفة تطوراتهم، إلى جانب توفير فرص لشغل أوقات الفراغ يسمح بإفراغ شحناتهم الانفعالية، وتوظيفها إيجابيٌّا مع تكثيف المحاضرات وورش العمل في تنمية الجوانب الايجابية عند الأطفال
السلوك العدواني
وأكد التربوي أ. د. خليل شبر (جامعة البحرين) ان السلوك العدواني لدى الطلاب هو: أي سلوك يهدف إلى إحداث نتائج مكروهة أو استخدام القوة الجسمية أو الاعتداء لفظياً على الآخرين، وقد يكون هذا السلوك من أشكال التنفيس الانفعالي، وأسبابه قد تتباين عوامل بيئية وأسرية، ومدرسية، ونفسية، واجتماعية، واقتصادية، وأيا كانت هذه الأسباب والعوامل فإن هذا السلوك يعد سلوكاً غير اجتماعي وغير مقبول ومرفوضا من جانب المجتمع وخاصة إذا صدر عن فئات الطلاب التي يفترض أنها تمثل الصفوة من شباب المجتمع الذين هم أمل كل أمة ومجتمع، ولذا كانت الوقاية والعلاج لهذا السلوك أمرا حتميا، ويمكن أن تكون الجوانب الوقائية والعلاجية التي يمكن أن تقدمها الإدارة المدرسية للحد من هذا السلوك ممثلة في الجوانب الآتية:
وجود القدوة الحسنة في التعامل مع الطلاب والبعد عن كثرة النصح واستبدالها بالأفعال لا بالأقوال.
وضرورة معرفة ما وراء سلوك الطالب العدواني فيما إذا كان للفت الانتباه أو التسلط أو الانتقام أو إظهار الضعف في سبيل الحصول على الشفقة فكل حالة لها طريقة خاصة للتعامل معها.
وضرورة تحاشي استعمال الكلمات والتصرفات المحبطة والابتعاد عن النقد والشكوى واللوم للطلاب، مع عدم ذكر الأخطاء الماضية والمتكررة إن وجدت. كذلك يجب تجنب الإحباط المتكرر للطالب وعدم الاستهزاء به أمام زملائه لأنه يسبب لديه الاستعداد للسلوك العدواني، بالإضافة إلى زيادة التعاون بين البيت والمدرسة من خلال تفعيل مجالس الآباء والمعلمين وممارسة دورها الفعلي المرسوم في لائحة تشكيلها ليتحمل الآباء مسؤولياتهم تجاه أبنائهم وتطبيقاً لمبدأ «التربية مسئولية مشتركة».
المقابلات الإرشادية
وأكد شبر ضرورة المقابلات الإرشادية لهؤلاء الطلاب لمعرفة أسباب المشكلة والعمل على تلافيها.
وتوجيه الطلاب وإرشادهم وتوعيتهم لمفهوم السلوك العدواني وأشكاله ومظاهره وأسبابه مع تدريب الطلاب على حل الصراعات عن طريق الحوار والتفاهم والتفاوض وليس عن طريق العنف والعدوان. واكتشاف الطلاب ذوي الشخصيات القيادية وتدريبهم على برامج خاصة لحل الصراعات من دون اللجوء إلى العدوان لكي يقوم هؤلاء الطلاب بتوعية زملائهم الآخرين كيفية حل مشكلاتهم وصراعاتهم عن طريق الحوار والتفاهم والتفاوض.
واعتبر د. شبر ان الاهتمام بتشكيل اللجان الإرشادية الطلابية لتقوم بتأدية دورها طبقاً لما ورد في لائحة تشكيلها من الأمور المهمة في علاج الطالب العدواني حيث إن هذا يتيح للطلبة فرصة تحمل المسؤولية والتدرب على الحياة الاجتماعية المنظمة، والحياة الجامعية الديمقراطية بجانب امتصاص طاقاتهم فيما يفيدهم ويشغل وقت فراغهم ناهيك عن الاهتمام بالطلبة الراسبين والمتأخرين دراسيا وعقد اجتماعات دورية لهم شهريا وحصر الطلاب أصحاب السلوك العدواني وإعداد برامج جماعية وتوعوية لمواجهة هذا السلوك على أن يشتركوا في إعداد وتنفيذ هذه البرامج وإعطاء التربية الأخلاقية حيزاً أكبر في المناهج المدرسية.
دور الإعلام
وأشار د. شبر إلى ان الإعلام يلعب دورا مهما في الحد من السلوك العدواني وخاصة الوسائل المرئية حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن تعرض الأطفال لبرامج العنف قد يسهم بصورة غير مباشرة في رفع مستوى السلوك العدواني وبالتالي يمكن أن تقوم وسائل الإعلام بدور أكثر ايجابية بهدف خفض هذا السلوك وذلك عن طريق عرض نماذج ايجابية مقبولة من جانب الأطفال وان يتم تشجيع هذه النماذج ومكافأتها على اعتبار انها تقدم السلوك المرغوب فيه وضرورة التركيز على البرامج التربوية الهادفة التي توجه الأبناء نحو السلوك الجيد وبالتالي يدرك الأبناء أن سلوكاتهم المتجه نحو العدوان بكل أنواعها هي سلوكات غير مقبولة.
دور شيوخ الدين
كما ان لدور العبادة ورجال الدين دورا مهما في حث الأطفال والشباب على عدم الاتجاه نحو السلوك العدواني وان هذا السلوك ترفضه الأديان وضرورة توظيف التطور الأخلاقي لديهم ومحاولتهم الالتزام بالمعايير الأخلاقية التي ترفض استخدام العدوان تجاه الآخرين ورجال الدين لما لهم من مكانة وقدرة في التأثير على إقناع الآخرين فانه يمكن توظيف هذه القدرة واستغلالها في توجيه الأبناء نحو السلوك الايجابي ورفض السلوك السلبي الذي منه السلوك العدواني وتوجيه طاقة الأبناء نحو العمل والانجاز بدلا من استخدامه فيما لا يفيد.