الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الثقافي

قضايا ثقافية

شيء عن القصيدة الرمزية

تاريخ النشر : السبت ١٢ مايو ٢٠١٢



في أوروبا لم تعش القصيدة الشعرية الرمزية ردحاً من الزمن، فقد بدأت في زمن ما وانتهت بمجرد انتهاء الأزمات والحروب التي كانت دائرة بين القوميات وخاصة في دول الاتحاد السوفيتي السابق وعدد من بلدان الدول الأوروبية الشرقية.
يوم كنا شباباً في الثانوية العامة توافر لدينا العديد من القصائد الرمزية السوفيتية وعدد لا بأس به من القصائد التي كان يكتبها ناظم حكمت وبابلو نيرودا وبريخت وغيرهم وكانت الترجمة العربية ركيكة إلاّ أن قراءة القصائد باللغة الانجليزية كانت أكثر إثارة وفائدة وتشعر بالمتعة الشديدة عند الاطلاع عليها والتبحر فيها.
علينا أن ندرك الأسباب التي أدّت إلى انقراض القصيدة الشعرية الرمزية في أوروبا وهو سبب لا يتعدى بضعاً من الكلمات لأن الدول الأوروبية هي في الأساس دول استعمارية في الخارج ولا تحتاج إلى قصائد رمزية تقال أو تنشر في الداخل وحتى لو أن الشاعر كان مناهضاً لفكرة الاستعمار واستغلال الشعوب لا يعتمد في كتابة قصائده على الرمز والرمزية بل يكتبها بطريقة مباشرة ومؤثرة ويتبناها المثقفون وأعضاء المجالس البلدية والكانتونات ونواب الشعب.
في بداية الثمانينيات من القرن الماضي كانت تربطني علاقة بأكثر من مثقف ومثقفة من أوروبا وخاصة من دول الاتحاد السوفيتي السابق وحين أسألهم ما موقع القصيدة الشعرية الرمزية في أدبكم وثقافاتكم ؟ يؤكدون أن هذه القصيدة لا مكان لها البتة وكانوا لا يعرفون عن وجود شيء رمزي في الثقافة ويسألونني ماذا تقصد بالرمز؟
أقول لهم إن في أدبنا العربي عامة وقصيدة الشعر خاصة يكون الرمز هو الركن الأساس لبناء العمل الابداعي لأن مجرد أن ينشر المبدع شيئاً من إنتاجه (اللغوي) مخالفاً للنمطية السائدة ومتجاوزاً للخطوط الملونة يذهب وراء الشمس في اليوم التالي حتى أن الجهة التي نشرت له تتبرأ منه وتتهمه باختراق قانون النشر!
على هذا الأساس ظلت القصيدة العربية الرمزية هي محور النقاشات سنين طويلة ومازالت الأمور لم تتغير ومعظم الشعراء العرب يخشون أن يتحدثوا عن الجمال وهم يعيشون في قُبحٍ مدقع.
لهذا لا يمكن أن تُدرَّس الرمزية في المعاهد العربية لأن السؤال الأول الذي يقفز إلى ذهن المتعلمين هو: لماذا الإغراق في الرمزية؟ نحن لا نفهم ما يدور في عقل الشاعر ولا ندرك ما يقول وعلى ضوء هذا السؤال وحوارات أخرى تأسس التخلف الفكري واستعان الطالب العربي بالقواميس اللغوية التي تفسر المعاني للكلمات لكنها لا تفسر المضمون الشعري الذي يريد أن يقوله الشاعرئي