كما أرى
صورة ومقال
تاريخ النشر : السبت ١٢ مايو ٢٠١٢
عبدالله المناعي
خلال اليومين الماضيين صادفتني إحدى أروع المقالات التربوية وإحدى أكثر الصور التربوية التي أثارت اشمئزازي. أما الصورة فقد كانت على غلاف مجلة «تايم» الأمريكية تصور أما واقفة وابنها البالغ من العمر أربع أعوام واقفا على كرسي يرضع ثديها. والصورة على الغلاف هي لأم حقيقية وطفل حقيقي وهي لا تزال تقوم بإرضاعه وهو في هذه السن، والموضوع المتصل بالصورة يستعرض نظرية جديدة للتقارب بين الآباء والأطفال.
وأما المقال فهو للكاتب الدكتور جاسم المطوع نشر في صحيفة «اليوم» السعودية بعنوان «10 كلمات تدمر نفسية الأبناء» وسأعرض عليكم أجزاء من المقال لأنني لن أجد أروع من الكلمات التي استخدمها الكاتب.
يقول الدكتور المطوع: «ومن خلال تجاربي في حل المشاكل التربوية اكتشفت أن أكثر ما يسهم في انحراف الأبناء سوء استخدام الألفاظ والكلام، ومن يومين جلست مع شاب هارب من بيته لأستمع لمشكلته التربوية مع والديه وكان ملخصها في الكلام السيئ الذي يسمعه منهما، وفتاة اشتكت لي الحال من انحرافها وهي غير راضية عن نفسها ولكنها أرادت أن تنتقم من سوء كلام والديها لها، وقد جمعت بهذا المقال الأمراض التربوية في اللسان بعشرة كلمات تدمر نفسية الأبناء وتشجعهم على الانحراف».
ويستعرض الدكتور الكلمات العشر وهي: «أولا: الشتم بوصف الطفل بأوصاف الحيوانات مثل (حمار، كلب، ثور، تيس، يا حيوان،...)، أو تشتم اليوم الذي ولد فيه.
ثانيا: الاهانة من خلال الانتقاص منه بأوصاف سلبية مثل أنت (شقي، كذاب، قبيح، سمين، أعرج، حرامي) والاهانة مثل الجمرة تحرق القلب.
ثالثا: المقارنة وهذه تدمر شخصية الطفل لأن كل طفل لديه قدرات ومواهب مختلفة عن الآخر، والمقارنة تشعره بالنقص وتقتل عنده الثقة بالنفس وتجعله يكره من يقارن به.
رابعا: الحب المشروط كأن تشترط حبك له بفعل معين مثل (أنا ما أحبك لأنك فعلت كذا، أحبك لو أكلت كذا أو لو نجحت وذاكرت) فالحب المشروط يشعر الطفل بأنه غير محبوب ومرغوب فيه، وإذا كبر يشعر بعدم الانتماء الى الأسرة لأنه كان مكروها فيها عندما كان صغيرا، ولهذا الأطفال يحبون الجد والجدة كثيرا لأن حبهم غير مشروط.
خامسا: معلومة خاطئة مثل (الرجل لا يبكي، اسكت بعدك صغير، هذا الولد جنني، أنا ما أقدر عليه، الله يعاقبك ويحرقك بالنار).
سادسا: الإحباط مثل (أنت ما تفهم، اسكت يا شيطان، ما منك فايدة).
سابعا: التهديد الخاطئ (أكسر راسك، أشرب دمك، أذبحك).
ثامنا: المنع غير المقنع مثل نكرر من قول لا لا لا ودائما نرفض طلباته من غير بيان للسبب.
تاسعا: الدعاء عليه مثل (الله يأخذك، عساك تموت، ملعون).
عاشرا: الفضيحة وذلك بكشف أسراره وخصوصياته».
ويواصل المطوع تحليله والدراسات في هذا الخصوص. ولكن كلا الصورة والمقال أثارا انتباهي بشكل كبير. إذ نحن الآباء مسئولين بقصد أو بغير قصد عن الكثير من تصرفات الأبناء في كبرهم. فإذا كذبنا عليهم ما نسميه «الكذبة البيضاء» فإننا نساعدهم على التصديق أن الكذب مباح، وإذا دللناهم وزدنا في منحهم الحب والحنان - كما كانت تعتقد الأم في الصورة أنها تفعل - فإننا أسهمنا في انحرافهم وفي كل حالة تكون النشأة والتربية هي السبب الرئيسي في هذا الانحراف. وبذلك مشاكلنا الاجتماعية والانحراف في سلوك أبنائنا الذين يخرجون إلى الشارع ليخربوا ويحرقوا سببها الرئيسي التربية والآباء.
أبناؤنا مسئوليتنا ومن حقهم أن يتعلموا أفضل الأخلاق من آبائهم لا أن يدمر الآباء أخلاقهم. وهذه هي مسئوليتنا الحقيقية.