الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


يا بشار.. إن ربك لك لبالمرصاد!

تاريخ النشر : الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢



أول من سن سنة ادعاء الربوبية والألوهية من بني آدم هو فرعون مصر الذي قال: }وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري...{ القصص/.38
وقال أيضاً: } فحشر فنادى(23) فقال أنا ربكم الأعلى(24){ النازعات.
فماذا كان مصيره؟
قال تعالى: }فأخذه الله نكال الآخرة والأولى(25) إن في ذلك لعبرة لمن يخشى(26) { النازعات.
هذا اول إنسان سنّ سنة سيئة بأن خرج على ملك الله تعالى، أو حاول الخروج، وادعى ما ليس له بحق، ولقد جعله الله تعالى آية لمن سيجيء بعده ممن كان لهم قلوب يفقهون بها، وأعين يبصرون بها، وآذان يسمعون بها، آما من فقد هذه الوسائل، أو لم يوظفها فيما خلقت من اجله، فهؤلاء كالأنعام، بل هم أضل سبيلا كما قرر القرآن ذلك في قوله تعالى: }ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون{ الأعراف/ .179
هؤلاء سوف يعيدون ما فعله فرعون من دون أن يتعظوا مما وقع له، قال سبحانه:} اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون{ يونس/.92
ويبدو والله أعلم أن كثيراً من الحكام الطغاة يظنون ( ظن السوء) أن هذه العاقبة السيئة مقصورة على فرعون وحده ولن تتجاوزه إلى غيره، ونسي هؤلاء أو تناسوا قوله تعالى:} ألم تر كيف فعل ربك بعاد (6) إرم ذات العماد(7) التي لم يخلق مثلها في البلاد(8) وثمود الذين جابوا الصخر بالواد(9) وفرعون ذي الأوتاد(10) الذين طغوا في البلاد(11) فأكثروا فيها الفساد(12) فصب عليهم ربك سوط عذاب(13) إن ربك لبالمرصاد(14){ سورة الفجر.
نعم هذا هو مصير الطغاة من الأمم والحكام الذين أكثروا في البلاد الفساد، وطغوا وتجبروا، فكان مصيرهم ما حكاه القرآن العظيم عنهم، وها هو التاريخ يعيد نفسه، ويؤكد أن عقوبة الظالم الطاغي لا تتخلف عنه مهما تأخرت لأن الله تعالى لهؤلاء الطغاة لبالمرصاد، وها هو يجعل فرعون نموذجاً صارخاً لكل من عصاه، وحاول أن ينازعه في ملكه، فجعله آية لمن خلفه.
في العصر الحديث، وفي القرن الحادي والعشرين الميلادي تشبه طاغية من الطغاة بفرعون، ووصف شعبه بالجرذان والحشرات، وقال لهم من فرط طغيانه وغروره كأنه لا يراهم: من أنتم؟
ولم يكن الجواب المفحم له كلاماً، بل فعلاً حوله إلى جرذ من الجرذان، وأخرجه شعبه وهو يحاول الهرب من مصيره المظلم من أحد المجاري كالجرذ المذعور، إنه الرئيس المخلوع معمر القذافي، والمصير نفسه ، وربما أسوأ منه، ينتظر بشار الأسد، الذي طغى وتجبر، وقال: أنا ربكم الأعلى، ولم يرحم طفلاً ولا شيخاً ولا امرأة، وسوف يكون مصيره في الدنيا أسوأ من مصير من سبقه، أما في الآخرة فأمره إلى الله تعالى، وسوف يلقاه ويداه ملطختان بدماء الأبرياء من شعبه المسالم.
يا بشار.. إن ربك لك لبالمرصاد.. هل تشك في ذلك؟
وهل يشك من هم حولك، ويشجعونك على طغيانك وبغيك؟
هل تظن أن دماء الشهداء من شعبك التي سفكتها، وأعراض العفيفات الشريفات التي هتكتها، وهتكتها العصابات التي جلبتها من الخارج وسلطتها على شعبك الآمن، هل تظن أن كل ذلك سوف يذهب بدون عقاب؟ ونقسم بالله تعالى غير حانثين انك سوف تلقى مصيرا أسود أعظم من مصير من سبقك من الطغاة المتجبرين، وإذا كان الله تعالى قد ابقى فرعون مصر ببدنه ليكون لمن خلفه آية، فإن الشعب الثائر لن يبقي منك شيئاً إذا ما وقعت في يده جزاء ما ارتكبت في حقه وحق نسائه وأطفاله وشيوخه.
إنك يا بشار تعديت وتجاوزت الخطوط الحمراء وليس هناك مجال للعودة إلى ما قبل الثورة حتى لو أردت، فماذا أنت فاعل عندما يأذن الله تعالى بنهايتك القريبة، وتتحول إلى خبر تتناقله وسائل الإعلام، ووسائل الاتصال الاجتماعية الحديثة، وتكون معرضاً للصور بعد أن يمزق الشعب الثائر جسدك انتقاما منك ومن أفعالك القبيحة، ويكون مصيرك أسوأ من مصير القذافي الذي تحول من رئيس دولة إلى جرذ بعد أن نجاه الله تعالى ببدنه مثل فرعون لتكونوا جميعاً لمن خلفكم وعاصركم أية، بل آيات وعبرا وعظات؟
يا بشار.. أوقف حمامات الدم التي تسفكها وانج بنفسك وبأسرتك من قبل أن يأتيَ يوم لا مرد له.
يا بشار.. أما كفاك هتكاً للأعراض، وتيتيما للأطفال، وتأييماً للنساء، وهدماً للبنيان؟
يا بشار.. أفق من غفلتك، واستيقظ من نومك، واعلم أن الله تعالى، القوي الجبار أقدر عليك وعلى زبانيتك منك على شعبك: نساءً، ورجالاً، وشيوخاً، وأطفالاً.
الله تعالى يمهل، ولا يهمل، وله سبحانه وتعالى حكمة، بل حكم جليلة في تأجيل نصره لشعب سوريا البطل المجاهد، ولكنه لا محالة سوف ينصره ولو بعد حين، وسوف يحقق له بإذن الله تعالى أهدافه التي ثار من أجلها، إنه منصور.. منصور بإذن الله تعالى، وصدق الله العظيم إذ يقول: } وإن جندنا لهم الغالبون { الصافات/.173
وهذه قضية محسومة لأن الذي وعد بها هو الحق القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، المهم أن تتوافر صفات الجندية لله تعالى بأن يكون الجهاد في سبيل الله تعالى وليس لدنيا نصيبها أو امرأة ننكحها، ومن أصدق من الله تعالى قيلا، ومن أصدق من الله تعالى حديثا، ومن أوفى بعهده من الله تعالى؟
نعم، كما أن الدين الذي نحن نؤمن به واقع، فكذلك النصر واقع لا محالة، ولكن الناس يستعجلون، والله تعالى لا يعجل حتى يبلغ الكتاب أجله، وأشد الناس بلاءً: الأنبياء، فالأمثل والأمثل، يبتلى الناس على قدر إيمانهم، أو على قدر الشرود عن منهج الله تعالى، ومن رحمة الله تعالى أنه لا يوقع بنا العقاب على كل ما عملناه لأنه سبحانه وتعالى لو فعل ذلك ما ترك عليها من دابة، ولما كان هناك مجال للعبرة والموعظة، فيتعظ منْ ممنْ إذا هلك الجميع؟ والله تعالى له حكمة جليلة فيما يفعل بعباده.
نعم، هو سبحانه يذيقنا بعض الذي عملنا لعلنا نرجع، ونتوب، ونحسن العمل فيما هو قادم من أيامنا، وصدق الله العظيم حيث يقول: }ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون { (الروم/ 41)، فشعب سوريا منصور، ولكن بعد حين حتى يبلغ كتاب الابتلاء أجله، فلا تستعجلوا النصر، وعليكم بالصبر والاحتساب، وصدق الله العظيم:} ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار{ إبراهيم/.42
واعلموا يا أبطال الشام أن ما يقع بكم، وما تواجهونه من ظلم واستكبار لا تحسبوه شرا لكم، بل هو خير.