الجريدة اليومية الأولى في البحرين


في الصميم


أصبت يا فضيلة الشيخ

تاريخ النشر : الأحد ١٣ مايو ٢٠١٢

لطفي نصر



أعجبتني كثيرا خطبة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود يوم الجمعة الماضي في جزئيها.. فقد كان عميقا ومفيدا جدا في جزئها الأول ألا وهو: موقف الظالمين من أنفسهم بعد أن تبين لهم الحق.. وكان صريحا أو شديد الصراحة في ذلك.. والثاني حول: استراتيجية التقدم في البحرين.. وهذا هو دأب ومستوى الأستاذ الدكتور عبداللطيف المحمود في عطائه الوطني والفكري على وجه العموم.
لكن بصراحة فإن ما أعجبني وشدني أكثر اضافة إلى روعة تحليله للموقف الأمريكي.. هو حديثه الذي جاء في الصميم حول تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من خلال حوار التوافق الوطني.. وخاصة عندما قال: إن كل ما تم التوافق عليه فيما يتعلق بالجانب الدستوري قد أنجز على أكمل وجه وقد صدق عليه جلالة الملك.
ثم أشار قائلا: «لكن يجب ألا ننسى أن الباقي مما اتفق عليه وهو الأكثر أهمية لأنه يتعلق بالحياة اليومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل المواطنين.. لم ينفذ حتى الآن».
وأنا أضيف أيضا إلى ما قاله الدكتور المحمود، انه تم تنفيذ معظم ما تم التوافق حوله مما يهم فئة بعينها أو على الأقل قد تم قطع الشوط الأكبر على طريق التنفيذ.. مع الأخذ في الاعتبار شهادة كبار الخبراء والمسئولين من الخارج من حيث إن التنفيذ الكامل لهذه المرئيات يتطلب وقتا.
أعود إلى ما قاله الدكتور المحمود في أن ما يتعلق بالحياة اليومية للمواطنين لم ينفذ حتى الآن.. وأرى أن هذا يتسم بالكثير من الصحة.. فمنه على سبيل المثال وليس الحصر كل ما يتعلق بالموظفين والمتقاعدين بصفة خاصة، وإجراءات تحسين أو رفع مستوى الحياة المعيشية بصفة عامة.
}}}
من أبرز ما شدني في قرار سمو رئيس الوزراء بشأن ضوابط التصرفات المالية للوزارات والجهات الحكومية الذي نشر بالصحف أمس: نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة عشرة من القرار والتي تقول: «تسدد الالتزامات المالية المستحقة مقابل السلع والإنشاءات والخدمات المستلمة في التواريخ المتفق عليها في العقود المبرمة أو في طلبات الشراء أو خلال مدة حدها الأقصى (40 يوما) من تاريخ استحقاقها».
ووجه الإعجاب بهذه الفقرة أنها تعالج ظاهرة هي موضع شكوى من معظم المقاولين والموردين ومنفذي الخدمات الحكومية بشكل عام.. ألا وهي تأخير سداد المستحقات.. لذا فإن الالتزام بنص هذه المادة كاملة لا يعالج ظاهرة شكاوى المقاولين وغيرهم فحسب.. وانما يضمن المساهمة في التحريك الدائم لحركة السوق.. وفي تحقيق الازدهار الاقتصادي المطلوب.. كما أن التنفيذ الكامل في هذا الخصوص يؤكد حضارية التعامل على مستوى الدولة وخاصة في جانب من أهم الجوانب ألا وهو جانب رد الحقوق إلى أصحابها في موعده.. ذلك لأن التسويف في سداد الحقوق لمستحقيها يصيب الحياة كلها بالجمود..!
شدتني أيضا المادة الحادية والعشرون من القرار المشار إليه والتي تقول: «تورد المنح والتبرعات والهبات التي يصرح بقبولها للوزارات إلى وزارة المالية، ويكون الصرف منها طبقا لشروط المنحة أو التبرع أو الهبة، وما يتماشى مع الأنظمة المعمول بها».. وأتمنى لو كان هذا النص يمتد ليشمل الجمعيات السياسية.. أو أن يوضع نص خاص بذلك في قانون الجمعيات السياسية.. ذلك لأنه إذا كان تنفيذ هذا النص بالنسبة إلى الوزارات والهيئات الحكومية يضمن ضبط الصرف والانفاق وحماية المال العام.. لأن هذه الهبات والمنح عندما تدخل لأي جهة حكومية فإنها تصبح مالا عاما.. فإن هذا النص لو وضع أو طبق على الجمعيات السياسية لا بد وأن يحمي الوطن من اعوجاجات كبيرة!!
}}}
من القرارات الاستراتيجية شديدة الأهمية التي صدرت عن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة: الموافقة على مشروع قانون بشأن اعتماد استخدام بطاقة الهوية الصادرة عن دول مجلس التعاون في إثبات هوية مواطنيها في جميع المعاملات والاستخدامات المتعلقة بهم لدى الجهات الحكومية وغير الحكومية بمملكة البحرين.. ثم قرار المجلس بشأن إصدار تعميم يعتد بموجبه ببطاقة الهوية الوطنية في اثبات كل ما ورد فيها من بيانات كوثيقة رسمية.. والنص في التعميم على ضرورة إلزام كل الجهات الحكومية وغير الحكومية بذلك.
هذه الخطوة المهمة التي اتخذها مجلس الوزراء تنهي حالة التخبط التي تسببها ظاهرة الفوضى المتفشية في جميع الجهات الخاصة والعامة فبعضها يشترط تقديم جواز السفر.. والبعض الآخر يكتفي ببطاقة الهوية.. والبعض الثالث يكتفي بأي بطاقة تشتمل على الرقم السكاني.
شيء آخر، وهو أن هذه الخطوة تؤكد الميزة التي تتمتع بها البحرين وبمقتضاها أنها هي الدولة المبادرة على الدوام في مجال الالتزام بتطبيق كل ما يصدر عن مجلس التعاون.
الشيء الأهم هو توحيد مصدر المعلومات عن الجميع، وتقديم ضمانة أمنية لحماية الوطن وأمن كل المواطنين.. هذه كله ناهيك عن عملية التيسير الكبيرة وسرعة إنجاز المعاملات التي تترتب على الالتزام بما صدر عن مجلس الوزراء «بحذافيره».