رسائل
بوتين.. هل يستخدم الملف السوري لإظهار قوة روسيا تجاه أمريكا؟
تاريخ النشر : الاثنين ١٤ مايو ٢٠١٢
القاهرة ـ محمد نوار:
عقب الفوز الساحق لفلاديمير بوتين بولاية رئاسية ثالثة وعودته مرة أخرى إلى الكرملين يترقب العالم ولاسيما منطقة الشرق الأوسط القرارات الروسية المتعلقة بالثورات العربية، وتحديدًا سوريا.. وهي: هل سيلبي بوتين نداء الشعوب العربية بوقف ((الفيتو)) الروسي ضد قرارات مجلس الأمن أم سيبقى الموقف الروسي ثابتا لا يتغير؟
فانقسم الخبراء حول الموقف الروسي فمنهم من يرى أن بقاء بوتين على قمة السلطة الروسية لن يضحي بالمصالح الروسية السورية المشتركة والبعض الآخر يرى أن الولاية الثالثة ربما تؤثر في قرارات بوتين ويغض بصره قليلاً حتى يتم إسقاط النظام السوري وتعود روسيا كما كانت الحليفة الدائمة للمواقف العربية بدلاً من الغضب الشعبي تجاه روسيا حاليا.
وأوضح الخبراء أن عودة بوتين للكرملين تغضب الغرب نظرًا إلى طموحه الدائم والمستمر إلى جعل روسيا القطب الثاني في العالم بدلاً من النظرة الأحادية لأمريكا من جانب دول العالم، كما يسعى إلى تكوين قوة اقتصادية روسية وبناء علاقات واسعة مع دول العالم لتوفير الاستثمارات والقفز بروسيا من المركز السابع اقتصاديا إلى مراكز متقدمة، وأشار الخبراء إلى أن روسيا تطمح للعب دور كبير في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا أن سياسة روسيا الخارجية على النقيض تمامًا من أمريكا حيث ترفض موسكو أي تدخل في الشئون الداخلية للدول وتدافع عن الشرعية الدستورية للأنظمة بغض النظر عن سياساتها تجاه شعوبها.
فيؤكد د.عمرو الشلقاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أن الموقف الروسي تجاه الشرق الأوسط وتحديدًا سوريا سيتغير وهذا ما يتلمسه جيدًا النظام السوري وبوتين يدرك جيدًا أن روسيا فقدت شعبيتها تجاه الشعوب العربية ولذلك يرى أن عليه اتخاذ قرارات تعيد الثقة في روسيا التي دائمًا تكون حليفة للموقف العربي في وقت الأزمات، موضحًا أن التغير في الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية سوف تتضح معالمه في الأيام القليلة المقبلة وسيحاول بوتين أن يضغط وبقوة على بشار الأسد لإجراء انتخابات الرئاسة السورية مبكرًا وإلا سيكون التدخل العسكري لقوات حلف الناتو هو البديل لأن بوتين كان يستخدم ورقة الفيتو في مجلس الأمن للدعاية الانتخابية الشعبية وإظهار قوة روسيا في الوقوف ضد الغول الغربي الأمريكي وليس للحفاظ على صديقه بشار الأسد وهذا ما أوجد التفافا شعبيا حول بوتين وطالما نجح في الفوز بالرئاسة والحفاظ على سلطته سوف يعيد تقييم الأداء الروسي مرة أخرى للحفاظ على العلاقات الروسية العربية.
وأضاف د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن الموقف الروسي من الأزمة السورية بعد نجاح بوتين في الفوز بالرئاسة لن يتغير طالما استمرت الولايات المتحدة في اللعب من وراء الستار ضد روسيا، ولن يتغير الموقف الروسي إلا إذا تخلت أمريكا عن الدروع الصاروخية التي تنشرها في كل أرجاء أوروبا وخصوصا في المنطقتين الشمالية والجنوبية في بلاد الاتحاد السوفيتي سابقًا وللأسف توجد لعبة سياسية روسية أمريكية قذرة والشعب السوري يدفع الثمن والنظام السوري في موقف المتفرج لأنه يدرك أن التوترات الروسية الأمريكية تصب في صالحه وتدعم بقاءه في قتل وسفك دماء شعبه، موضحًا أن الملف السوري سيكون بمثابة تصفية حسابات وجلب للمصالح ومادة للضغط الدولي بين روسيا وأمريكا لحين اعتراف أمريكا بقوة روسيا في العالم ودورها القيادي والمحوري في حل الأزمات الدولية والإقليمية، وللأسف يرى بوتين أن الوضع في سوريا مجرد صراع شعبي مسلح ولذلك يدافعون عن الشرعية السورية المتمثلة في بقاء نظام بشار الأسد ـ حسب تأكيدهم - وطالما استمرت أمريكا في تجاهل روسيا لن تتفقا أبدًا في تسوية العلاقات المشتركة.
وأوضح د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد أن الموقف الروسي لن يصمد تجاه الضغط الدولي ولكن بوتين سوف يحافظ على بشار حليفه القوي في منطقة الشرق الأوسط وبوتين يستطيع أن يحل الأزمة السورية بمنتهى البساطة إذا أراد ولكنها مصالح دولية وتلاعب سياسي روسي بمجلس الأمن لتوصيل رسالة إلى العالم وتحديدًا أمريكا مفادها أن روسيا لم تعد تابعة وأصبحت لها كلمة وموقف وتستطيع إيقاف القرارات الدولية إذا كان ضد مصلحتها الاقتصادية، مؤكدًا أن بوتين إذا رأى مصلحة روسيا في إبعاد بشار فسوف يضغط وبقوة ليتنحى عن منصبه ويمنحه حق اللجوء السياسي في روسيا ليكون بعيدًا عن المحاكمة لأن بوتين يرى أن مصالحه الاقتصادية والدولية في علاقته مع الغرب وتحديدًا أمريكا ومن ثم فإن روسيا تستخدم الملف السوري كورقة عناد ضد أمريكا، مؤكدًا أن صمود النظام السوري يعود إلى نفوذه الإقليمي الممتد بين لبنان وتركيا والعراق ويعززه الدعم الإيراني والفيتو الروسي الصيني المشترك.
وأشار د.محمد جمال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن نجاح بوتين في الانتخابات الروسية يغضب الغرب كثيرًا لأنه يريد إيجاد قوة اقتصادية هائلة تقفز من المركز السابع اقتصاديا على مستوى العالم إلى مراكز متقدمة وأيضًا سوف يعيد التوازن في العلاقات الدولية المختلة عبر إطلاق نظام عالمي متعدد الأقطاب يحد من الهيمنة الأمريكية وروسيا هي الأقرب لتحقيق هذه الخطوة، موضحًا أن بوتين بعد نجاحه في الفوز بولاية ثالثة عليه مراجعة السياسة الروسية حيال سوريا حتى لا تكون شبه منعزلة عن المجتمع العربي والدولي الذي يرى أن بشارا يذبح شعبه ويجهض ثورة تريد التغيير والديمقراطية وروسيا والصين فقط يرون أنها مجرد فوضى شعبية ضد النظام السوري ومن الطبيعي أن تكون عودة بوتين للحكم مع تصاعد الثورات الشعبية أو ما يسمى الربيع العربي خلال سنوات حكمه الست القادمة سوف تعكس مدى نجاحه أو فشله فيما تبقى له في منطقة الشرق الأوسط.
ويرى د.حسني بكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن فوز بوتين الطامح لنفوذ روسي كبير ومؤثر في منطقة الشرق الأوسط يمثل تهديدًا لمصالح الغرب وأمريكا لأن بوتين سوف يسعى إلى تكوين لوبي يضم روسيا والصين وتركيا وإيران، ضد أمريكا وحلفائها وهذا ما سيشكل تهديدًا لخريطة الشرق الأوسط وصراعات عالمية نتمنى أن نجد لمصر دورًا مؤثرًا فيها وتستيعد قوتها الإقليمية والدولية مرة أخرى في المستقبل القريب، موضحًا أن صعود بوتين للرئاسة سيضمن لروسيا قوة على الساحة الدولية بعد التراجع الأمريكي على الساحة الدولية وخصوصا أن سياسة روسيا الخارجية على العكس تمامًا من أمريكا حيث ترفض موسكو أي تدخل في الشئون الداخلية للدول وتدافع عن الشرعية الدستورية للأنظمة بغض النظر عن سياساتها تجاه شعوبها وهذا ما نراه واضحًا تجاه الموقف الروسي في الأزمة السورية ودعمها العسكري واللوجيستي لبشار الأسد، متمنيًا أن تتغير المواقف العربية وتعلن استعدادها للتعاون مع الحليف الروسي الذي سوف يطغى على الهيمنة الأمريكية في المستقبل وهو الأمر الذي يفرض على العرب جميعًا مراجعة حساباتهم وسياساتهم الخارجية لأن روسيا دائمًا تقف بجانب الدول العربية.
خدمة (وكالة الصحافة العربية)