إشارات
مستقبل الاقتصاد الإعلامي (1)
تاريخ النشر : الأربعاء ١٦ مايو ٢٠١٢
عبدالرحيم فقيري
نظمت جمعية الاقتصاديين البحرينية الأسبوع الفائت، ندوة حول مستقبل الاقتصاد الإعلامي في المنطقة، ونثمن الجهد الكبير الذي قام به القائمون على تنظيمها من أمثال الدكتور جعفر الصائغ والدكتور أحمد اليوشع كثيرا، ونعتذر عن عدم تمكننا من حضور هذه الفعالية المهمة لتداخل أوقات العمل.
والحقيقة، إلى جانب الأضواء التي ألقتها زميلتنا فاطمة الحجري حول موضوع الندوة من خلال بحثها ودراستها الجريئة التي قامت به في هذا الخصوص، إلا أن هناك جوانب كثيرة لم يتم التطرق إليها وهي أمور جوهرية يجب البحث فيها بعمق وإسهاب.
وفي رأينا المتواضع، فإن أي حديث عن مستقبل الاقتصاد الإعلامي، ينبغي أن يلم بالواقع الذي يحيط بهذا القطاع، والتحديات الكثيرة التي يواجهها، ومحاولة وضع تصورات وحلول لتلك التحديات، حتى نخرج بدراسة تشمل معالجات جادة قادرة على تغيير واقع الاقتصاد الإعلامي في البحرين ودول الخليج.
على مستوى الإعلام الاقتصادي المقروء، وهو ما ركز عليه تقريبا البحث الذي قدمته الحجري كورقة رئيسية للندوة، يبدو لي أنه كان من الأهمية التطرق إلى النموذج الذي دأبت الصحف المحلية أن تقدمه للقارئ، وهو نموذج ما زال بعيدا جدا عن النموذج الذي يجب أن يؤسس لاقتصاد إعلامي يحمل مدلولات التسمية نفسها.
فما يقدم من خلال الصفحات المتخصصة في الصحف المحلية، مجرد نموذج خبري كل ما فيه أنه يتناول باستمرار وتركيز، تغطية الفعاليات وإجراء مقابلات وحوارات تنتهي بتقديم مواد خبرية بحتة، خالية ـ تقريبا ـ من التحليلات الاقتصادية والمتابعات التي ينبغي أن يكون عليه الخبر الاقتصادي، إذا افترضنا أن الصيغة الخبرية للموضوع الاقتصادي هو ما يجب أن يقدم للقراء عبر تلك الصفحات.
شخصيا، لا أرى أن هذه الصورة هي ما ينبغي أن تسود الوسط الإعلامي الاقتصادي المقروء، ولكن لماذا يسود مثل هذا النموذج الذي يتكرر يوميا، ويكاد يحول الصفحات الاقتصادية في صحفنا إلى نسخة كربونية، لأخبار توزع من مصادرها على جميع الصحف.
نعتقد أن قيود الالتزام الصارم بضرورة نشر الخبر المرسل للصحف من مصادرها، وتكرار الأخبار بالصيغة ذاتها، نابعة من إرادة المصادر التي تتحكم في الصحف من خلال (الإعلانات) التي تفرض هذه المصادر على الصحف كل ما يتعلق بالخبر ابتداء من صيغة الخبر، والفقرات والفواصل والعنوان الرئيسي والعناوين الجانبية، وانتهاء بالصور التي ترفق بالخبر.
الصحف مجبرة على الرضوخ لأوامر المعلن، وعدم قدرة تحرر الصحف من (وصاية) المعلن، فالسبب مادي بحت، ويشكل أمرا جوهريا لاستمرار الجرائد وبقائها، فيصبح الإعلان سيد الموقف في نشر الخبر ليس في القسم الذي (يأمر) المعلن بنشره فيه، بل حتى في الصفحة أو الجزء من الصفحة في كثير من الأحيان.
هذا الأمر يبرئ ـ إلى حد ما ــ ساحة المحرر والمسئول عن التحرير، من (تهمة) التقليدية والتقليد والمحاكاة وإخراج محتوى الإعلام الاقتصادي في جميع الصحف السيارة نسخة كربونية طبق الأصل، ولكن ما زال التقصير في جوانب أخرى كثيرة، يحمّل الإعلام الاقتصادي المقروء، مسئوليات الركون إلى صيغ النسخ الكربونية المقدمة إلى القارئ، وهذا ما سوف نحاول استعراضه في حلقات قادمة.