أخبار البحرين
لماذا وعي المتقاعدين بحقوقهم مفقود؟
خبير التقاعد: القوانين والأنظمة واضحة.. والموظف أو المتقاعد لا يقرأها!
تاريخ النشر : الخميس ١٧ مايو ٢٠١٢
يؤكد الكثيرون أن الوعي التأميني.. أي الوعي بأمور وحقوق التقاعد والمتقاعدين لا بأس به بالنسبة للإدارات والأقسام المعنية والموظفين الذين يختصون بها في الحكومة والشركات.. ولكن هذا الوعي لدى العمال والموظفين والمتقاعدين ضعيف.. بل ضعيف جدا.. أي انهم ليسوا على وعي كامل بحقوقهم ومستحقاتهم فما هي الأسباب؟
السؤال الآخر: هل المتقاعد البحريني مظلوم.. وهل يحصل على كل حقوقه.. وهل المتقاعد الحكومي يأخذ فوق حقه بعكس المتقاعد في القطاع الخاص؟
ما هو السر في الشكوى الدائمة للمتقاعدين أو على الأقل القطاع الأكبر من المتقاعدين..؟ ومن الذي يظلم المتقاعد: هل الحكومة.. أم الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.. أم هو مجلس النواب.. أم المؤسسات والشركات.. أم ان الموظفين والمتقاعدين هم الظالمون لأنفسهم؟ ولماذا المزايا تغدق على موظف الحكومة أكثر من موظف القطاع الخاص وخاصة في مجال التقاعد؟
وما معني القرار الذي أصدره مجلس الوزراء مؤخرا بشأن استحداث مكافأة شراء مدة الخدمة الافتراضية التي تمنح للموظف 15 سنة في الخدمة على الأقل مقابل شراء مدة الخدمة الافتراضية بحد أقصى (5) سنوات؟.. وهل هذا القرار أو هذا النظام يسري على موظفي الحكومة فقد من دون موظفي القطاع الخاص؟
وهناك العديد من الأسئلة التي طرحناها على الاستاذ ابراهيم الزري مدير ادارة استشارات المؤمن عليهم في هيئة التأمين الاجتماعي.. وعلى اختصاصيي واختصاصيات التأمينات والتقاعد في الشركات.. وذلك على هامش ورشة العمل التي نظمتها هيئة التأمين الاجتماعي لنادي البحرين وحضرها مشاركون من: ألبا ــ بابكو ــ البتروكيماويات ــ بنك البحرين والكويت ــ وشركات التدقيق والاستشارات ــ أسري ــ وبنك البحرين الوطني ــ وبناغاز ــ وأحمد منصور العالي ــ واستثمارات البحرين ــ وهيئة التأمين الاجتماعي.
ورشة العمل النوعية
حضرت «أخبار الخليج» هذه الورشة النوعية.. وتأتي هذه الورشة ضمن سلسلة الأنشطة والفعاليات التي تنفذها الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي حيث نظمت الهيئة صباح أمس الأربعاء 16 مايو 2012 ورشة عمل تثقيفية حول شرح الجانب العملي لانظمة وقوانين التأمين الاجتماعي للقطاع الأهلي في مملكة البحرين بالنادي البحري، وذلك بمشاركة العاملين من مختلف الشركات والمؤسسات الكبرى في المملكة.
يأتي تنظيم هذه الورشة سعيا من الهيئة إلى زيادة ونشر الوعي التأميني لدى المؤمن عليهم والموظفين المعنيين بمتابعة شئون التأمين الاجتماعي، وفي إطار برنامجها التوعوي بالأنظمة والقوانين المرتبطة بهم، وبما يغطي كل التساؤلات من قبل الفئات المستهدفة ليتم تقديم الايضاحات الشافية تجاه النظام التأميني.
وتناولت الورشة عدة محاور منها إجراءات التسجيل لأصحاب العمل والتي قدمتها السيدة مريم سعد ابراهيم - مدير ادارة مراكز الاستقبال حيث تناول هذا المحور الإجراءات المتبعة في تسجيل الشركات والمؤسسات في قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 وتعديلاته، والقوانين المطبقة في نظام التأمين الاجتماعي، والخاضعون لهذا النظام، بالإضافة إلى تسجيل أصحاب العمل والإجراءات المطلوبة في تسجيل الشركات والمؤسسات والفروع.
ثم قدم السيد خالد محمد الطهمازي - مدير أنظمة الخدمة الالكترونية عرضا لطبيعة الخدمات الالكترونية المقدمة من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وكيفية الدخول على الموقع الالكتروني وكذلك الخدمات الموجودة للاستفادة منها، ومن ضمنها خدمة تحديث الأجور السنوية وعرض الفاتورة والدفع الالكتروني.
وعقب ذلك قدم السيد عبدالله ابراهيم الزري - مدير إدارة استشارات المؤمن عليهم شرحا مفصلا عن نظام ومزايا التأمين الاجتماعي حيث تناول العرض شرحا للفروع المفعلة كالتأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة، والتأمين ضد إصابات العمل، بالإضافة إلى التأمين ضد التعطل والتأمين على المشتغلين لحسابهم الخاص وأصحاب المهن الحرة، كما تطرق العرض إلى نظام مد الحماية التأمينية لمواطني دول مجلس التعاون وكيفية تطبيق هذا النظام، أما فيما يتعلق بمزايا التأمين الاجتماعي فقد أوضح الزري شروط استحقاق وزيادة الحد الأدنى للمعاشات والجمع بين المعاش والأجر وتقسيم المدد، بالإضافة إلى ضم مدد الخدمة السابقة وغيرها من المزايا التي يقدمها نظام التأمين الاجتماعي.
وفي الختام تم فتح باب المناقشة والاستفسارات للمشاركين حيث تم الرد على جميع الاستفسارات وايضاح بعض المحاور محل تساؤل المشاركين والإجابة على جميع الأسئلة. وقد تفاعل المشاركون وأْعربوا عن شكرهم الجزيل لإدارة الهيئة لتنظيم ورشة العمل وما احتوته من معلومات مهمة تعود بالنفع على جهات عملهم، كما تساعد على بث الوعي التأميني للخاضعين لأنظمة التأمين الاجتماعي، بعدها تم تكريم المشاركين وتوزيع الشهادات.
يذكر ان ورشة العمل هذه هي حلقة من ضمن الخطة التوعوية التي تنتهجها الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بهدف نشر الوعي التأميني بما يحقق المصلحة العامة مما ينعكس على نجاح العمل التأميني.
لقاءات على هامش الورشة
بعد ذلك التقت «أخبار الخليج» في لقاءات على هامش الورشة مع السيد عبدالله الزري، والمشاركين في الورشة.. وذلك حول كل ما له علاقة بالورشة وأوضاع المتقاعدين بصفة عامة على ضوء التساؤلات التي طرحناها في مقدمة هذا التحقيق.
بدأنا الحوارات مع السيد عبدالله الزري كما يلي:
} هل مثل هذه الورش مفيدة في توعية الموظفين والقائمين على شئون التقاعد بالوزارات والهيئات والشركات في القطاع الخاص؟
- بكل تأكيد هي مفيدة.. وتسهم كثيرا في فهم نصوص وتفسيرات قوانين وأنظمة التأمينات والتقاعد.. وقد لوحظ أن المشاركين يهتمون ويستوعبون بسرعة.. لأن القوانين واضحة جدا وسهلة الفهم.
} لكن نلاحظ ان الكثيرين لا يفهمون ولا يستوعبون فقه التقاعد والتأمين الاجتماعي كما يجب؟
- يجيب الأستاذ ابراهيم الزري: لو استفسروا صحيحا من المسئولين في التأمين الاجتماعي والخبراء.. سيصبح كل شيء سهل الهضم والفهم عليهم.
} نلاحظ أيضا ان معظم الموظفين يسألوننا عن أشياء بديهية جدا بالنسبة لأمور التقاعد.. وأنهم لا يفهمون شيئا عن فوائد هذه الأنظمة.. أو كيف يستفيدون بمزاياها؟
- المسئول هو جهات العمل وليس الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.. ثم نحن نعقد ورش العمل للمختصين بشكل مكثف ومتواصل.. ومن يحضر هذه الورش فعليه أن يسهم في توعية الموظفين بالجهة التي يعمل بها.. أو يرد على كل تساؤلات الموظفين التي يوجهونها اليهم.. ثم يا أخي القانون واضح ومن يقرأ القانون يفهم.. ويبدو ان الموظف لا يكلف نفسه بقراءة القانون ويلجأ اليكم ليسألكم في الصحافة وهذا بصراحة لا يجوز.
قرار مجلس الوزراء
} لا أحد يفهم القرار الذي أصدره مجلس الوزراء بشأن مدة الخدمة الافتراضية التي تمنح الموظف 15 سنة في الخدمة على الأقل مقابل شراء مدة الخدمة الافتراضية بحد أقصى 5 سنوات.. فهل لديك تفسير ترد به على المشاركين في الورشة؟
- عبدالله الزري: هذا القرار يسري على موظفي الحكومة من دون القطاع الخاص.. ثم انه يعني اضافة 5 سنوات افتراضية لكل موظف خدم 15 سنة بهدف الاسهام في زيادة معاشه التقاعدي.. ومعنى هذا ان الموظف المستفيد لن يدفع شيئا وان الحكومة هي التي ستشتريها نيابة عنه.. وهذه ميزة جديدة استحدثتها الحكومة.. ويحصل الموظف بمقتضاها على زيادة 10% في معاشه التقاعدي مجانا.
اسألوا الحكومة
} لماذا مزايا موظف الحكومة أكبر في مجال التقاعد مقارنة بموظف القطاع الخاص رغم ان القانون واحد والهيئة واحدة.. وهناك قرار بتوحيد المزايا؟
- حتى الآن لا يزال موظف القطاع الخاص يعامل بنظام خاص منفصل عن النظام الذي يعامل به موظف القطاع الحكومي في مجال التقاعد.. أما مسألة توحيد المزايا فهذه سوف تستغرق وقتا.. وأنا معك انه قد حدث تأخير في عملية توحيد المزايا.. وبصراحة أيضا ان الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي هي المسئولة عن هذا التأخير؟
المتقاعد يشكو..
} ولماذا كل المتقاعدين يشكون.. سواء أكان المتقاعد موظفا سابقا في الحكومة أم في القطاع الخاص؟
- الموظف أو حتى المتقاعد مفطور على حب الشكوى.. يعني لازم يشكو.. والسبب في ذلك انه طموح وراغب في المزيد باستمرار.. وبصراحة لا يوجد متقاعد مظلوم في البحرين.. ويتضح ذلك اذا قارنا القوانين والمزايا التقاعدية المطبقة في البحرين بما هو مطبق في كثير من دول العالم.. هنا نجد ان مزايا التأمينات والتقاعد عندنا يحلم بها الكثيرون في الخارج.. لكنه لا يجوز ان تقارن البحرين بالكويت.. وقطر ودولة الإمارات لأن الأوضاع تختلف تماما.
} هل عندما يطبق الحد الأدنى للمعاش التقاعدي بمعايير مختلفة.. فمتقاعد يحصل على 200 دينار.. وآخر يحصل على ,.180 وثالث يحصل على ,.150 أليس ذلك ظلما؟
- يجيب الاستاذ عبدالله الزري: الذي يحصل على حد أدنى 150 أو 180 هو صاحب الاجر المتدني في القطاع الخاص.. فالقاعدة انه لا يجوز للموظف ان يحصل على معاش تقاعدي اكبر من راتبه.. وإذا أعطيته معاشا تقاعديا اكبر من الراتب فهذا فيه استنزاف لأموال الهيئة من ناحية، ومخالفة للقانون من ناحية أخرى، وهذا لا يجوز.
ثم قال: وصدقني ان الاشتراكات التي تحصل عليها الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بسيطة مقارنة بالاشتراكات في كثير من الدول الاخرى التي تحصل على ضعف ما نحصل عليه نحن!
الاستنزاف
} ومن أين يأتي الاستنزاف لأموال الهيئة؟
- من عدة جهات.. وعلى رأسها الإحالة المبكرة إلى التقاعد.. أو الخروج المبكر من الخدمة.. والحصول على مكافأة نهاية الخدمة (الدفعة الواحدة).. الخ.. وأنا ألوم الموظفين المتعجلين للخروج من الخدمة لانهم سيندمون بعد انفاق المكافآت التي يحصلون عليها.. ثم ان عمر الهيئة لا يتجاوز 35 سنة.. وأصحاب المعاشات التقاعدية يتضاعفون باستمرار.
} يقول أصحاب المعاشات التقاعدية ان الهيئة ظالمة؟
- لا.. الهيئة ليست ظالمة.. لانها تطبق القانون.. وقد تكون الحكومة تظلم الهيئة.. والمتقاعد لا هو ظالم ولا مظلوم.
الاختصاصيون يتحدثون
وتقول الاستاذة لطيفة السويدي رئيسة العلاقات الصناعية في شركة أسري: أنا أرى ان الموظف يستطيع رفع معاشه لو استمر في الوظيفة حتى سن التقاعد.. لذا أرى ان الخروج المبكر من الخدمة انتحارا للموظف وللجميع معه.. وأنا هنا أشهد بأن هناك مفارقة في التعامل مع موظف الحكومة وموظف القطاع الخاص.. وإذا قارنا فيما بينهما نجد موظف القطاع الخاص مظلوما وهو في الخدمة.. ومظلوم بعد أن يخرج إلى التقاعد.. لذا لا أملك إلا أن أطالب بسرعة المساواة وتطبيق قانون توحيد المزايا الذي صدر من قبل ولم يطبق.. وأتساءل ما فائدة قيام الهيئة الموحدة لجميع المتقاعدين.. فإلى متى سيظل متقاعد القطاع الخاص مظلوما؟
× مريم فيصل بشركة الخليج للصناعة البترولية اختصاصية موارد بشرية تقول: مثل هذه الندوات وورش العمل التي تنظمها هيئة التأمين الاجتماعي مفيدة جدا.. على الأقل تجعلنا أقدر على توجيه الموظف الراغب في التقاعد.. وتجعلنا نفهم من هو المظلوم ومن هو غير المظلوم.
} وتقول دانة عبدالله: ما أفهمه حتى الآن ان المتقاعد في البحرين يحصل على حقه الذي يقدمه له القانون.. ولكن هذا لا يعني انني لا أعترف بأن موظف ومتقاعد القطاع الخاص مظلوم مقارنة بموظف ومتقاعد الحكومة.. والسؤال هو لماذا تسمح الدولة بذلك؟
} منيا بوكمال (بنك البحرين والكويت): هذه الورش التوعوية مفيدة وبدرجة كبيرة جدا.. إذا كيف نطبق قوانين لا نفهمها.. وهي تجدد معلوماتنا باستمرار، فالقوانين والأنظمة متغيرة.
وتقول «منيا»: شخصيا لا أرى المتقاعد مظلوما.. لانه يطبق عليه قانون واضح.. ولا الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي ظالمة لانها أيضا تطبق القانون.. لذا يبقى القانون يحتاج إلى تعديل أو تطوير.. وبصراحة شديدة تقول منيا بوكمال: إن موظف أو متقاعد القطاع الخاص لم يستفد شيئا حتى الآن لا من الدمج ولا من توحيد المزايا، ذلك لأنها لم تتوحد على أرض الواقع!