الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

الجريمة الكبرى المسكوت عنها

مخطط القوى الطائفية لتدمير الاقتصاد الوطني

تاريخ النشر : الخميس ١٧ مايو ٢٠١٢





بقلم: السيد زهره




الاخوة في جمعية الوسط العربي الإسلامي تفضلوا ووضعوا لهذه الحلقة النقاشية عنوان «الفورمولا 1 والصراع السياسي حول مشروع اقتصادي حيوي».

والحقيقة ان القضية التي يجب ان تكون مطروحة للنقاش اكبر واخطر بكثير من الفورمولا.1

الفورمولا 1 ليس مجرد مشروع اقتصادي، هو مشروع استراتيجي كبير. بمعنى ان قيمة هذا المشروع وجدواه بالنسبة إلى البحرين لا تقاسان بمعيار الربح والخسارة المالية المباشرة.

الدور الذي يلعبه هذا المشروع للترويج للبحرين ولمكانتها الاقليمية في الخارج لا يقدر بأي ثمن. هناك دول تدفع المليارات كي تروج لنفسها بالقدر الذي يفعله هذا المشروع بالنسبة إلى البحرين.

ومع هذا، فكما قلت القضية التي يجب ان تناقش هي اكبر بكثير من الفورمولا وما حدث بخصوصه.

القضية تتعلق بجريمة كبرى مسكوت عنها.. قريبا.

حين نقول مسكوت عنها، ذلك لأنها لا تحظى بالاهتمام الذي تستحق.

الجريمة الكبرى هي ما حل باقتصاد البحرين الوطني وبعملية التنمية فيها من دمار بسبب التمرد الطائفي الذي شهدته البلاد، ومازالت تشهده.

على امتداد الأشهر الماضية، والكل مشغول بالأحداث والتطورات السياسية التي تشهدها البلاد، وبقضايا السياسة والاعلام والمواقف الخارجية من البحرين.. الخ. لكن الاهتمام محدود جدا بهذه الجريمة وابعادها.

حين نتحدث عن هذه الجريمة، فيجب ان يكون واضحا منذ البداية اننا نتحدث عن جريمة منظمة يتم ارتكابها عن عمد وسبق اصرار.

نحن نتحدث تحديدا عن مخطط للقوى الطائفية التي تسمي نفسها معارضة لتدمير الاقتصاد الوطني وشل عملية التنمية في البلاد.

ومن المهم ان نعرف، حدود هذه الجريمة وابعاد الخسائر التي حلت بالبلاد بسببها، ومن المهم ان نعرف ماذا وراء هذا المخطط بالضبط؟ وكيف يجب ان نتعامل معه؟

}}}

أرقام وحقائق مفزعة

قبل اشهر أعدت اللجنة المشتركة لتنشيط الوضع الاقتصادي والمشكلة من اعضاء بمجلسي النواب والشورى وغرفة التجارة والصناعة تقريرا عن الخسائر الاقتصادية التي حلت بالبلاد بسبب الأحداث.

التقرير يرصد تأثير الاحداث التي شهدتها البحرين منذ فبراير من العام الماضي على الأوضاع الاقتصادية في البلاد والخسائر التي تسببت بها.

التقرير يتضمن ارقاما وحقائق مفزعة بكل معنى الكلمة فيما يتعلق بالآثار المدمرة التي مني بها الاقتصاد وكل قطاعات التنمية في البلاد.

ويكفي ان نشير إلى الأرقام والحقائق التالية التي تضمنها:

} الخسائر الفورية للناتج المحلي الإجمالي بلغت أكثر من 200 مليون دولار نظرا لانخفاض الإنتاج بسبب الأحداث.

} إيرادات قطاع السياحة تراجعت بنسبة 80% عما كانت عليه قبل الأحداث.

} تراجعت مبيعات رجال الأعمال من منتسبي مختلف الأنشطة التجارية والاقتصادية بنسبة تتراوح بين 40 و 60% عما كانت عليه.

} تسبب إلغاء سباق الفورمولا 1 في العام الماضي بخسائر بلغت 150 إلى 200 مليون دولار وخسارة 40 ألف زائر للبحرين.

} أدى إلغاء فعاليات ومؤتمرات ومعارض إلى تكبد الاقتصاد خسائر تقدر بـ 600 مليون دولار.

} انخفضت حركة السفر من الداخل والخارج بنسبة تتراوح بين 60 و80 %.

} 90 هي نسبة الركود في قطاع الإنشاءات.

} من المتوقع خروج 80% من إجمالي المقاولين من السوق إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

} 4 آلاف عامل بحريني في القطاع الفندقي مهددون بفقدان وظائفهم.

هذه أهم الأرقام والحقائق التي رصدها التقرير للتأثيرات المدمرة التي حلت بالاقتصاد الوطني وبعملية التنمية في البلاد.

بالطبع، لسنا بحاجة إلى القول ان هذه الأرقام والحقائق تقدم كما قلت صورة مفزعة لما حل باقتصاد البلاد وعملية التنمية.

ينبغي ان نلاحظ هنا ان هذا التقرير اعد في مايو من العام الماضي، اي قبل عام كامل.

وبالطيع منذ ذلك الوقت حتى اليوم، اصبحت الخسائر أكثر من هذا بكثير جدا.

في يونيو الماضي، قدر المدير العام لصندوق النقد العربي جاسم المناعي خسائر البحرين الاقتصادية بسبب الاحداث بنحو مليار دولار.

وقبل فترة، قدر د. عصام فخرو الخسائر الاقتصادية بأنها وصلت إلى أكثر من 2 مليار دولار.

ورغم هذا، فان هذه الأرقام والحقائق لا تقدم الصورة كاملة لما حل بالبلاد.

كي تكتمل الصورة، علينا ان نلاحظ انه رغم فداحة الخسائر التي مني بها الاقتصاد وعملية التنمية كما تسجلها هذه الأرقام، فان التقرير لا يرصد كل الخسائر. هذا التقدير هو فقط تقدير جزئي.

هناك خسائر أكثر فداحة من هذا ربما يصعب تقديرها بالأرقام.

مثلا، كيف يمكن ان نقدر فداحة خسارة تشوه صورة البحرين الاقتصادية في الخارج؟.. كيف نقدر مدى فداحة الخسارة من ان المستثمرين والمؤسسات والشركات العلمية الكبرى اهتزت ثقتها في البحرين ومكانتها؟

واذا اردنا حساب الخسائر التي منيت بها البلاد اقتصاديا وتنمويا، فينبغي ان نسجل ان الانجازات التي حققتها البحرين والمكانة المالية والاقتصادية العالمية التي احتلتها كمركز اقتصادي مالي في هذه المنطقة.. كل هذا تحقق عبر جهود امتدت لعقود، وعبر عمل وعرق وجهد شاق بذله الشعب والحكومة.

كم تساوي الخسارة الفادحة التي منيت بها البحرين حين تمت محاولة هدم جهد وعرق هذه السنين الطويلة؟.. بحساب الأموال، هذه خسارة تقدر بالمليارات بل بعشرات المليارات.

ان دولا في العالم تنفق المليارات، ليس كي تصل إلى ما وصلت إليه البحرين من مكانة كمركز مالي واقتصادي في المنطقة، وإنما فقط كي تروج لنفسها وتحاول ان تجد لها مكانة.

}}}

مع سبق الإصرار

حين يتطرق أي احد إلى هذه الجريمة بحق الاقتصاد الوطني، وبحق منجزات الشعب عبر عقود، وبحق أحوال الناس المعيشية يجب ان نسجل ان هذا الدمار الذي حل بالاقتصاد الوطني والمنجزات الوطنية، لم يكن تأثيرا عرضيا غير مقصود للأحداث الطائفية التي شهدتها البلاد، وما زالت.

هذا هو الحال في تونس ومصر مثلا. في مصر وتونس، ارتبط ولا شك بالثورة التي شهدها البلدان تأثيرات شديدة السلبية بالنسبة للاقتصاد وعملية التنمية. لكن هذه التأثيرات لم تكن تقصدها أي من القوى الثورية والوطنية. بالعكس، كل هذه القوى في البلدين سعت وتسعى جاهدة لإزالة هذه الآثار.

في البحرين، كل هذا الدمار الذي حل بالاقتصاد الوطني، هو تدمير مقصود ومتعمد وممنهج.

بمعنى ان القوى الطائفية التي فجرت التمرد الطائفي في البلاد اعتبرت منذ البداية ان الحاق الأذى والدمار بالاقتصاد الوطني وبعملية التنمية في البلاد هو احد اهدافها الاساسية التي تسعى إلى تحقيقها. اعتبرت ان النجاح في الحاق هذا الأذى وتحقيق هذا الدمار هو «مهمة نضالية».

هذا التدمير هو احد الابعاد الاساسية في خطاب هذه القوى منذ بدء الاحداث حتى اليوم، وهي لم تكتف بتبرير هذا التدمير في خطابها فحسب، بل سعت يوميا لتحقيق ذلك في الواقع العملي.

}} على مستوى خطاب المعارضة الطائفية منذ اليوم الأول للأحداث حتى اليوم، لنا ان نلاحظ ان خطابهم يقوم فيما يتعلق بهذه القضية على الجوانب التالية:

1 - يعتبرون ان أي اذى او ضرر او دمار يحل بالاقتصاد الوطني هو أمر مقبول ومبرر. ليس هذا فحسب، بل انهم يعتبرون ان هذا الدمار هو هدف مطلوب في حد ذاته.

هم يعتبرون ان إلحاق الأذى والدمار بالاقتصاد على هذا النحو هو من جانب ثمن طبيعي ومقبول من اجل تحقيق مطالبهم.

ومن جانب آخر يعتبرون ان نجاحهم في تحقيق هذا الهدف هو احد معايير نجاح حركتهم.

2 - ورغم هذا، فإنهم يعتبرون انه طالما ان الدولة لم ترضخ ولم تقبل بمطالبهم، فإنها هي التي تتحمل المسئولية عما يحل بالاقتصاد من دمار.

معنى هذا انهم يعتبرون ان تدمير الاقتصاد الوطني وشل عملية التنمية في البلاد هو احد أدواتهم الكبرى لممارسة الضغط والابتزاز على الدولة والمجتمع لإجبارهما على الرضوخ والقبول بمطالبهم.

3 - وهم يعتبرون ان الوضع الاقتصادي في البلاد لا يمكن ان يتحسن وعملية التنمية لا يمكن ان تعاود الانطلاق او تحقق أي نجاح ما لم تتحقق كل مطالبهم.

أي انهم يهددون بأن يواصلوا شل عملية التنمية وتدمير الاقتصاد على هذا النحو دوما وبلا نهاية منظورة.

هذا هو خطابهم فيما يتعلق بهذه القضية.

وحين اقول ان هذا هو خطابهم فليس هذا على سبيل التحليل، بل هذا هو ما تضمنته حرفيا بياناتهم وخطبهم وخطب قادتهم الدينيين.

وماذا يعني هذا الخطاب في المحصلة النهائية؟

يعني ببساطة انهم يخططون عن عمد وسبق اصرار كما قلت لتدمير اقتصاد البلاد. ليس هذا فحسب، بل انهم يريدون احتجاز اقتصاد البلاد رهينة حتى تتحقق مطالبهم.

}} كما نعلم، هم لا يكتفون بهذه الرؤية على مستوى الخطاب فقط.

هم، ومنذ اليوم الأول للأحداث ينفذون عمليا هذا المخطط لتدمير الاقتصاد الوطني ولشل عملية التنمية في البلاد.

ولنا على صعيد مخططهم العملي ان نتأمل الجوانب التالية:

اولا: نعلم جميعا ما حدث اثناء الأحداث حين اختطفوا شركات ومؤسسات الدولة الكبرى التي يقوم عليها الاقتصاد وحاولوا شلها نهائيا وايقافها عن العمل. ونعلم ايضا ما حدث حين حاولوا استهداف المرفأ المالي.

ثانيا: يبقى ان اخطر اساليبهم لتنفيذ مخطط تدمير الاقتصاد الوطني هو ما تشهده البلاد من اعمال عنف وتخريب يومية وسد للطرقات ومواجهات مع قوات الأمن.. الخ.

اعمال العنف المستمرة هذه لها بداهة تأثير مدمر بمعنى الكلمة على الاقتصاد الوطني وعملية التنمية في البلاد. هذه الاعمال تفرض مناخا من عدم الأمن والاستقرار بكل ما يترتب على ذلك من نتائج كارثية.

هذه الاعمال انعكست بداية على ركود وتراجع الحركة التجارية وقطاع الاعمال في الداخل على نحو ما تسجله تقارير غرفة التجارة.

وهذه الاعمال تثير بالطبع حالة من الخوف وعدم الاحساس بالأمان لدى المستثمرين في البحرين والشركات والمؤسسات التي تتخذ من البحرين مقرا لها.

وبالطبع، عدم الاستقرار الذي تكرسه اعمال العنف هذه لها تأثيرها المدمر في الخارج على صورة البحرين وعلى موقف الاستثمارات الاجنبية.

ثالثا: هم بالاضافة إلى هذا كله، يتعمدون وبكل السبل السعي إلى تخريب أي فعالية كبرى تشهدها البلاد، ويكون من شأنها ان تعيد قدرا من الثقة في الاقتصاد الوطني وتعطي قدرا من الدفع لعملية التنمية.

فعلوا هذا مثلا مع معرض الطيران الدولي.

وفعلوه بالطبع مع الفورمولا.1

رابعا: هم لا يكفون كما نعلم عن تحريض العالم الخارجي على مقاطعة البحرين، وعلى مقاطعة أي فعالية كبرى تنظمها البلاد.

}}}

ليست معارضة وطنية

اذن، نحن كما قلت ازاء مخطط مرسوم لتدمير الاقتصاد الوطني ولشل عملية التنمية في البلاد تتبناه هذه القوى الطائفية صراحة في خطابها المعلن، وتنفذه في الواقع العملي.

ولنا فقط ان نتأمل مثلا موقفين عبر عنهما الشيخ علي سلمان في الفترة الماضية:

الموقف الأول، عبر عنه في تصريحات لرويترز في 23 ابريل الماضي، وهدد فيها بأن «الصراع في البحرين سوف يزداد عنفا» وقال إن المولوتوف استخدم بعد شهر نوفمبر أي انه يهدد بمرحلة من العنف ما بعد المولوتوف.

والموقف الثاني، عبر عنه في مؤتمر صحفي اثناء سباق الفورمولا في معرض تعليقه على «فعاليات المعارضة» ضد السباق وتزامنا معه.

قال: «ان هذه الفعاليات ستستمر مهما كانت الظروف المحيطة في البحرين من احداث رياضية او اقتصادية او غيرها، وهي عملية مشروعة وضرورية وتتعلق بقضية جوهرية في ظل وجود مطالب شعبية بالتحول الديمقراطي في البحرين».

ما معنى هذا الكلام، وكيف نقرأ هذا الموقف؟

اولا: هذا معناه اننا ازاء قوة طائفية لا يعنيها امر الوطن ولا مصلحته في شيء.. قوة لا تجد أي بأس في تخريب أي فعالية وطنية وفي تدمير الاقتصاد الوطني، بل تعتبر هذا «ضرورة»، وتهدد صراحة بمزيد من العنف والدمار.

هم في حقيقة الأمر، وبحسب خطابهم المعلن كما رأينا، يريدون تخيير البحرين بين امرين: اما الدمار الاقتصادي وشل عملية التنمية واستمرار هذا الدمار إلى ما لا نهاية، وإما الرضوخ وقبول مطالبهم التي يريدونها.

هم يريدون هذا ليس دفاعا حتى عن مطالب شعبية عامة يجمع عليها كل شعب البحرين، ولكن عن مصالح ومطالب طائفية ضيقة.

ثانيا: هذا الخطاب وهذا السلوك ليس سلوك وخطاب معارضة وطنية في أي مكان في العالم.

المعارضة الوطنية المسئولة في العالم كله تفرق بالضرورة بين مطالبها السياسية التي من حقها ان تتمسك بها وتدافع عنها بالطرق السلمية الحضارية، وبين المصالح الوطنية العليا وفي مقدمتها حماية الاقتصاد الوطني. لو كانت هذه المعارضة معارضة وطنية يعنيها امر المصالح الوطنية، لكانت مثلا ازاء حدث وطني كبير مثل الفورمولا1 في مقدمة الداعين إلى تنظيمه والمشجعين له في الداخل والخارج.

وكي نتبين الفارق لنا ان نشير مثلا إلى ما حدث في مصر وما فعلته جماعة الاخوان المسلمين. حين صدر عن احد المحسوبين عن الجماعة تصريح يشير إلى ان عمليات البورصة حرام او شيء من هذا القبيل بما ارتبط بذلك من تأثير سلبي متوقع على البورصة، في اليوم التالي ذهبت قيادات من الاخوان وحضرت افتتاح البورصة كي تبدد هذا التأثير السلبي. ونفس الشيء حدث فيما يتعلق بالسياحة، وحرصت قيادات اخوانية على ان تتقدم مسيرات هدفها الدعوة إلى تشجيع السياحة في مصر.

على هذا النحو تتصرف المعارضة الوطنية المسئولة.

ثالثا: الأمر العجيب جدا انهم في الوقت الذي يدمرون فيه الاقتصاد الوطني على هذا النحو ويشلون عملية التنمية في البلاد، فان بعضهم اثار ضجة كبرى حول بعض رجال الأعمال المحسوبين عليهم وحول الخسائر التي تكبدوها بسبب المقاطعة، وهم يطالبون بتعويض هؤلاء وانقاذهم من ازمتهم.

ايضا، فانهم يطلبون من الدولة فيما يتعلق بالعمال والموظفين الذين تركوا اعمالهم وتركوا مؤسساتهم وشركاتهم معرضة للتوقف، بالإضافة إلى عودتهم إلى عملهم كما تقرر، ان تقوم الدولة بتعويضهم عن الاضرار التي يقولون انها لحقت بهم.

بمثل هذه المطالب، فانهم في حقيقة الامر يطلبون من الدولة ان تقوم بتمويل محاولة الانقلاب الطائفي التي قاموا بها بأثر رجعي.

}}}

ما العمل؟

ما العمل اذن؟

اذن، هذا هو ما تواجهه البحرين اليوم.

تواجه مخططا لتدمير الاقتصاد الوطني وشل عملية التنمية في البلاد.

هذا المخطط حقق حتى الآن للأسف نجاحا كبيرا، وكبد البلاد خسائر لا أول لها ولا آخر.

اذن، ما العمل في مواجهة هذا؟

قبل كل شيء، هناك عدد من الجوانب الأساسية التي يجب ان تكون واضحة:

1 - انه بالدمار الذي حل بالاقتصاد وبعملية التنمية بالفعل، والضرر الذي لحق بسمعة البحرين ومكانتها الاقتصادية ودورها الاقتصادي الاقليمي في الخارج، فان البحرين بحاجة بالفعل إلى سنوات طويلة كي تعالج هذا الضرر وكي يستعيد الاقتصاد عافيته وكي تسترد الثقة الخارجية.

فما بالك اذا استمر هذا الوضع واستمر هؤلاء في تنفيذ مخططهم لأشهر اخرى؟

علينا ان نلاحظ انه لا احد يستطيع ان يجبر مستثمرا او مؤسسة على ان يبقى في البحرين، او يجبر زائرا او مستثمرا على ان يأتي إلى البحرين، وهو يرى هذا العنف اليومي وعدم الاستقرار السائد.

نريد ان نقول ان البلاد تعيش وضعا يجب ان ينتهي فورا وبلا تأخير.

2 - انه ليس هناك أي بلد في العالم يرى منجزاته التي كافح من اجلها لعقود طويلة تتدمر، ويرى اقتصاده يتعرض للدمار على هذا النحو، ويقف متفرجا ولا يحرك ساكنا، ولا يسعى لوضع حد لكل هذا.

اذن، عودة إلى التساؤل: ما العمل؟

نشير هنا إلى ان غرفة التجارة في تقريرها الذي اشرت إليه في البداية، قدمت مجموعة من المقترحات لدعم وتنشيط الوضع الاقتصادي، وهي تتلخص في:

1 - تقديم الدعم المالي للمؤسسات والشركات من خلال البنوك بإعادة جدولة الديون وتقديم تسهيلات للقطاع الخاص وحث المصارف على التعامل مع رجال الأعمال بمرونة.. الخ.

2 - تقديم حزمة حوافز استثمارية للمستثمرين مثل الإعفاء من الرسوم.

3 - تعزيز الانفتاح على الدول المجاورة لزيادة التبادل.

4 - تسهيل إجراءات دخول الأجانب للبحرين.

5 - منح الأولوية للشركات البحرينية في مشاريع البنية التحتية، واشراك المقاولين في المشاريع الاسكانية.

وهكذا.

هذه المقترحات عليها ملاحظات كثيرة:

أولا: هذه ليست حلولا. هذه في أفضل الأحوال مجرد مسكنات وقتية.

السبب ببساطة انها لا تتعامل مع جوهر الأزمة وجوهر الأسباب التي قادت إلى هذا الوضع.

ثانيا: هذه المقترحات تنطوي على قدر كبير من الأنانية ومن التهرب من تحمل المسئولية.

المقترحات كلها الهدف منها مساعدة التجار ورجال العمال، وهم قطاع واحد من قطاعات المجتمع التي تدفع ثمنا فادحا بسبب ما حال بالاقتصاد الوطني.

وغرفة التجارة بهذه المقترحات تحمل الدولة وحدها المسئولية، ولا تتحدث عن أي دور هي مطالبة به في التعامل مع الأزمة.

حقيقة الأمر ان الكل يعلم ما هو المطلوب لإيقاف هذا التدمير المنظم والمخطط للاقتصاد الوطني.

1 - المطلوب أولا من الدولة ان تضع فورا ومن دون تأخير حدا نهائيا لهذا العبث بأمن واستقرار البلاد ولهذا التدمير للاقتصاد.

وليس لهذا معنى سوى ان على الدولة ان توقف بقوة القانون فورا كل اعمال العنف ومظاهر عدم الاستقرار وقفا نهائيا.

البعض يطالب بوقف أي احتجاجات او تظاهرات في المناطق التجارية وفي اماكن مؤسسات الدولة. هذا ليس حلا، ولن يغير من الواقع شيئا على الإطلاق. حتى لو تحقق هذا فلن يكون له أي قيمة طالما استمرت اعمال العنف وسد الطرقات وظل عدم الاستقرار بالتالي قائما.

2 - التجار ورجال الأعمال الذين يعتبرون انفسهم المتضرر الأساسي مما حل بالوضع الاقتصادي، لماذا لا يقومون بدورهم وواجبهم؟

في السنوات الماضية قبل الاحداث صدعوا رؤوسنا بالحديث عن رغبتهم في ان يلعبوا دورا سياسيا، فلماذا لا يتحركون اليوم دفاعا عن مصالحهم وعن مصالح البلاد الاقتصادية؟

لا اعرف ماذا عليهم ان يفعلوا بالضبط. لكن لماذا لا يرفعون مثلا دعاوى قضائية على هذه القوى الطائفية التي دمرت مصالحهم؟

لماذا لا ينظمون مسيرات وطنية او حتى يعتصموا دفاعا عن اقتصاد البلاد ومصالح العباد؟

3 - والمجتمع كله.. نعني كل القوى السياسية والاجتماعية الوطنية مطالبة بأن ترفع صوتها احتجاجا على ما حل باقتصاد البلاد وللمطالبة بوضع حد نهائي لهذا التدمير للاقتصاد وهذا التهديد لمصالح كل المواطنين.