الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

مهرجان الإعلام الخليجي يواصل أعماله

كــيف يقع الطـــفل فــــريسة للمتربصــين بالوطــــن

تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢



قال المتحدث الأول الدكتور عباس مصطفى باحث وأكاديمي بالإعلام في ندوة «الإعلام الجديد والنشء» صباح امس في فندق الخليج ضمن فعاليات مهرجان الإعلام الخليجي (12) في يومه الثالث انه لم يتبلور مصطلح متفق عليه من قبل العاملين في الصحافة والإعلام حول «الإعلام الجديد»، وسماه البعض بــ«السيبر ميديا» والبعض الآخر أسموه بـ«الديجيتال ميديا» فيما أسماه آخرون بــ«النيو ميديا».
وأضاف، لم تقف التسميات عند هذا الحد، بل أضاف آخرون «سوشيال ميديا» لكنهم جميعا اتفقوا بأنه عهد الكمبيوتر والانترنت والتويتر والفيس بوك وغيرها من ادوات التواصل الاجتماعي التي بدأت، وغادر الإعلام التقليدي مواقعه وحقبته منوها إلى ان عهد « الإعلام الجديد» بدأت ملامحه مع منتصف تسعينيات القرن الماضي، وميزته أنه يسمح للقراء والمتابعين بالتعليق على الخبر، وبالتالي بناء قصص جديدة على شبكات الميديا والتويترز وغيرها من مواقع الشبكات الاخبارية المرئية والمسموعة والمقروءة، واصبح متيسرا معرفة وتبادل المعلومات والأخبار والتعليقات والمحتوى والصور.
وذكر ان الخبر في الإعلام الجديد عادة ما يكون قويا لكونه يستند إلى 5 مبادئ رئيسية، تتمثل في: الويب سايت، والإبداع، ووجود المستخدمين، آلية جمع الأخبار والمصدر المفتوح والمتعدد والمنصات الإعلامية حيث تحول المتابع أو المتلقي للخبر أيام زمان إلى أن أصبح مشاركا في الإعلام الجديد.
المواطنة الرقمية
كما ذكر المتحدث الثاني في ندوة «النشء والإعلام الجديد» الدكتور عمار يكار متخصص في الإعلام الحديث عن «المواطنة الرقمية والنشء العربي وكيف يمكن أن يخدموا المجتمع»، مشيرا إلى أن الإعلام الحديث هو الذي يرسم الصياغة المستقبلية للأخبار والمعلومات مشددا على ضرورة تفاعل النشء مع التطورات التكنولوجية بشكل عقلاني وموازن منوها في هذا الشأن إلى مصطلح «المواطنة الرقمية»، وعرفها بأن التربية في ظل تقنية المعلومات، أي بمعنى كيف نصنع من النشء جيلا صالحا في ظل هذه المتغيرات؟
وتابع، ولا نستغرب ذلك إذا ما لاحظنا ان الطفل بشكل عام يقضي ما بين 6 و7 ساعات في اليوم الواحد وقد تصل إلى 12 ساعة (أي نصف يوم)، مما لاشك فيه فإن هذا الجهاز يؤثر في النشء العربي القادم فكريا وثقافيا وخلقيا، وعليه نؤكد أن ذلك يمثل أيضا خطرا على المراهقين والبالغين وليس على النشء الصغير والأطفال فقط.
وتابع، لا أقصد حماية الطفل من القضايا الجنسية بل حمايته من التغرير به ووقوعه فريسة سهلة في يد المتربصين بالوطن مثلما حصل في التجاوب مع دعوات الربيع العربي. متى ما وعينا ان عالم الانترنت والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي هي أشبه بـ«الغابة» فيها الخير والشر، فيها الصالح والطالح، فيها الطيب والمجرم.. فيها الوحوش والمسالمون.. إذن كيف نخلق من هذا النشء مواطنا صالحا، ونقصد بـ «المواطن الصالح» المواطن الذي يحب ويحمي بلده ويخلص لأمته، هو الشخص الذي يغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة؟
مبادئ تسعة حمائية
ثم انتقل للحديث عن «البوصلة الرقمية» وما قيل حولها من أفكار وما نشر عنها من مقالات مشددا في هذا الخصوص على كيفية إبعاد النشء الخليجي عن الكذب والمبالغات التي يتصف بها مجتمعنا العربي، وبناء عليه نقول: «إن على المسئولين، وعلى العاملين في الإعلام وعلى أجهزة الانترنت والتواصل الاجتماعي مسئولية كبيرة تجاه أوطانهم وأمتهم»، مشيدا بالتجربة الاسترالية في هذا الخصوص لكونها اهتمت بحماية أبنائها من مخاطر الإنترنت والتقنية الرقمية على مدى 5 سنوات بحيث يؤدي في النهاية إلى خلق مواطن صالح.
واختتم بتأكيد المبادئ التسعة لخلق المواطن الصالح في عالم تقنية المعلومات والأرقام، وهي التعامل المؤدب والمحترم لآراء الآخرين، الوعي بالحقوق والمسئولية في نشر أو تبادل المعلومات والصور، الحق في الخروج من الموضوع المطروح للحوار الآمن التجاري، عدم سرقة حقوق وتأليفات الآخرين، الحفاظ على سرية المعلومات وغيرها من المبادئ اللازمة لحماية أطفالنا برؤى متكاملة من التعرض لمخاطر العالم الرقمي والتقنية المعلوماتية الحديثة.
الإيذاء الرقمي
وكشف ان حماية الأطفال من الإيذاء الرقمي تتجسد في حمايتهم من التحرش الجنسي وسماعهم كلاما غير أخلاقي وخارج عن الأصول العربية والدين القويم وخاصة إذا ما علمنا انه في عام 2020 ستكون المعلومات فيه هي العملة الرئيسية للعالم حيث تسيطر عليه الأرقام، مشيرا إلى أنه في أمريكا بعض المواقع وشركات الإنترنت والمعلومات تعرف ان هذه الفتاة حامل أم لا قبل ان تعرف والدتها أو والدها من خلال التعامل مع المحلات التي تبيع المواد وتقدم الخدمات اللازمة للحوامل.
ودعا إلى ضرورة البحث عن خطوات جادة (حلول وسطية) لا تحرم الطفل دخول المواقع الإلكترونية، ولكن من جهة أخرى لا توقعه في النصب والتغرير والعدائية، وهذا ما نسعى لتحقيقه في الوطن العربي وخاصة أننا دول غير متطورة وما زالت نامية ولا ننفق الكثير على البحوث والعلوم مما يضاعف من مسئولياتنا مقارنة مع المجتمع الأوروبي المتطور، وتطلع إلى النشء القادم في تفهمه هذه القضايا من خلال النصيحة والعمل والخطة العملية التي يقدمها المجتمع إلى أبنائه على مختلف المستويات.
تطور الوكالة
وأخيرا، تحدث مهند سليمان «مدير وكالة أنباء الخليج» الذي استهل حديثه عن الإعلام الجديد بتساؤل: لما نتحدث عن عالم إعلامي جديد، فهل يعني أنه كان هناك إعلام قديم، منوها إلى ان هذه الأجواء أوجدت تجاذبات وخلقت مخاوف بين العاملين في شئون الإعلام سواء في الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون.
واستعرض مدير وكالة الأنباء في البحرين أهم المراحل التي مرت بها «وكالة الأنباء» سواء المتعلقة بفترة البث، التقنية، البث المباشر للفعاليات على الإنترنت، الاكثار من الاخبار المحلية، أو جعل العاملين (المذيعين) في الصورة وليسوا كما كانوا لا أحد يراهم بل نسمع عنهم وما يستلزم ذلك من مطلب المكياج واللباس.
وواصل الحديث، لم يقف مشوار التغيير والتطوير عند هذا الحد، بدأنا بعدها بعرض حوارات مباشرة في التلفزيون ورصد حركة الشارع البحريني حينما نتلقى اتصالا حول الحركة المرورية والازدحام في شارع معين، ودخلنا عالم قراءة الأخبار بصوت وصورة، ونشر بالفيديو الخبر والصورة ايضا، وأوجدنا مواقع على التويوتر، وسجلت الوكالة اكثر وكالة لها حضور على التويتر بلغ 80 ألف متابع وبث عربي وانجليزي وفرنسي، وتطور الامر إلى ان حققنا مليون مشاهد على اليوتيوب في غضون 8 شهور.
استراتيجية الإعلام
من جهة أخرى تناول المتحدثون في ندوة أمس الأول بفندق الخليج في اليوم الثاني للمهرجان الإعلامي لدول الخليج سبل تفعيل استراتيجية العمل الإعلامي الخليجي المشترك، وكشفوا عن نتائج استطلاع بالدول الست الخليجية عن مستوى التغطيات الإعلامية للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية أماط اللثام عن أمرين، أولهما: النتيجة قاسية وغير مرضية وخاصة تلك التي أعربت عن رأيها في ان التغطية الإعلامية للقضايا السياسية بدول المجلس ضعيفة جدا.. وثانيهما: دقة الرؤيا التي كانت وراء إعداد الاستطلاع وخاصة تلك الداعية إلى تكوين جبهة إعلامية صلبة موحدة بجميع دول الخليج العربية.
وقد تحدث في مستهل الندوة فهد العرابي رئيس مركز أسبار للدراسات الإعلامية، وقال: ان 9% فقط ممن أخذ رأيهم في الاستطلاع يعتقدون ان الدعم الإعلامي لقضايا المجلس السياسية (قوي)، و39% منهم يقولون إنه (ضعيف)، و21% يقولون (ضعيف جدا)، و3% يقولون على مستوى (متشابه)، و14% يقولون الدعم على مستوى المواقف (قوي جدا)، و25% يقولون (قوي)، و17% يقولون ضعيف و2,5% يقولون (ضعيف جدا).
وان هناك 58% يحملون مسؤولية التقصير في الجانب الإعلامي بدول المجلس إلى المسئولين، و61% يحملون الشعوب و35% يحملون فحوى الخطاب السياسي وأن هناك 12% يعطون مستوى (قوي) ان الإعلام الخليجي هو داعم للحكومات من جهة ومناهض للأطماع السياسية بالمنطقة من جهة أخرى. وأماط اللثام المتحدث عن ان النتائج حقيقة قاسية، فهي تؤكد دقة رؤية من اعد هذه البيانات، وبالتالي لا مناص عن الولوج في جبهة إعلامية داخلية صلبة تعي الحاضر وواقعه وهمومه وتخطط بوعي للمستقبل مما يتطلب جهدا كبيرا من الأطراف المعنية بشئون الإعلام.
جبهة إعلامية موحدة
واشار إلى ان الولوج في جبهة خليجية إعلامية موحدة يقتضي ان يكون هذا الإعلام ذا خصوصية معينة وله أهداف واضحة، يضع برامج مشتركة من خلال استراتيجية إعلامية موحدة بين دول الخليج الست العربية، واختتم فهد الحادي حديثه حول سبل تطوير السياسة الإعلامية الخليجية بالإشارة إلى وجود بطء في تنفيذ قرارات دول المجلي ذات الصلة بالإعلام وتطويره، هذا من جهة، وقال: من جهة أخرى تحتاج السياسة الإعلامية لتنفيذها إلى رصد ميزانيات، مشددا على انه مالم يقوم كل طرف بدفع ما عليه من التزامات مالية، فلن تقوم قائمة لأي خطة إعلامية.
ومن جهة ثانية، استهل المتحدث الثاني في ندوة امس سامي النصف من الكويت بتقديم التهاني لمملكة البحرين في اختيار (المنامة) عاصمة للثقافة العربية هذا العام، ويحيي البحرين في سعيها الجاد نحو الاتحاد الخليجي مما سيجعل حدود البحرين تمتد إلى بادية الشام من الشمال وإلى جبال اليمن في الجنوب.
وقال إن موضوع (استراتيجية الإعلام الخليجي) فيه خلل كبير ويحتاج إلى إعادة في القراءة والتأني، مشيرا إلى أن ما تتعرض له الدول العربية ما هو إلا صنيعة الجيوش أو ما يعرف بـ(القوة الصلبة)، أو تحدث التغييرات كما حصل في مصر في الآونة الأخيرة، واسقط نظامها من خلال (القوة الناعمة)، والمقصود بها الإعلام.
القوة الناعمة
وركز في حديثه عن (القوة الناعمة) قائلا: ان إشكالية القوة الناعمة (الإعلام) هي في سيطرته على الناس، يوصل لهم الباطل ويلغي الحقيقة، وعليه تتشوه العقول، وتذهب الناس في مسيرة تأجيج وتحريض. وعلينا ان نعطي الإعلام حقه ونختار العقول الكفوءة والمدربة ليظهروا على القنوات الإعلامية بشكل دائم في الفضائيات والإذاعات الخليجية.
كما شدد هنا على أهمية الولوج في عمل درامي محترف لنقل الرسالة الخليجية وهموم المواطن الخليجي والعربي، والتركيز على الأخلاق العالية والمؤسسات العلمية والقضايا المشتركة بين هذه الشعوب وتوصيلها إلى العالم الإٍسلامي ومنها إلى العالم أجمع، مؤكدا في هذا الشأن أن الإعلام هو مرآة عاكسة للسياسة الداخلية والخارجية للدول، وعليه، كان لزاما علينا بدول الخليج العربية ان نجنح نحو استراتيجية إعلامية موحدة طويلة الأمد تعتمد البناء والإصلاح لا الهدم والتحريض.
الأهداف المتوخاة
فيما تناول الدكتور عبيد رئيس قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس المتحدث الثالث في ندوة سبل تفعيل استراتيجية الإعلام الخليجي 3 أمور، أولا: تعريف الاستراتيجية الإعلامية لدول المجلس.. ثانيا: الأهداف المتوخاة من هذه الاستراتيجية (التركيز حول الارتقاء بمستوى الإعلام).. ثالثا: الحاجة إلى عدد ضخم من البرامج لتحقيق هذه الأهداف.. رابعا: الحاجة إلى لجنة لتنفيذ كل برنامج، مشيرا إلى أن استراتيجية الإعلام الخليجي هي التي تهتم برسم السياسات الداخلية والخارجية لدول المجلس واضعة في الاعتبار الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من الأمور المشتركة بين هذه الدول جمعاء.
المواطنة الخليجية
وأكد وهو يستعرض في حديثه السياسة الإعلامية الخليجية، الحاجة إلى مراجعة المفاهيم والقوانين الموجودة، والتركيز على مفهوم «المواطنة الخليجية» كمفهوم له سقف محدد متسائلا: إلى أي مدى وجود مفهوم مشترك ومتقارب بين صناع القرار بدول المجلس والشعوب حول مفهوم المواطنة الخليجية؟
وأكد في نهاية الندوة الدكتور عبيد النقاط التالية: صياغة جديدة لمفهوم المواطنة، الاستراتيجية الإعلامية التي تبنى على قاعدة معلومات متكاملة عن البيئتين الداخلية والخارجية لدول المجلس، بالاضافة إلى ضرورة رصد مبالغ مالية لتنفيذ هذه الاستراتيجية، مشددا في هذا الشأن، بالقول: «انه ما لم ترصد ميزانية خاصة لتنفيذها، فإن الاستراتيجية في هذه الحالة، تصبح ضربا من الخيال»، مؤكدا أهمية الارتقاء بإعلام دول الخليج من خلال تنمية الموارد البشرية والعاملة، وإعداد كواد إعلامية بصورة مستمرة.
لقاءات جانبية
وفي لقاء جانبي، مع الدكتور عمر شبيب عمارين، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة دلمون، سألناه عن ملاحظاته بشكل عام عن هذا الحراك الإعلامي المنعقد في البحرين، فقال: «المهرجان عبر بصورة كبيرة عن أهمية الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في تلبية تجاوز المرحلة الراهنة بدول الخليج»، مشيرا إلى أنه يفترض ان تكون للمؤتمر تغطية إعلامية أكبر مما هي عليه ليعرف كل مواطن خليجي أن هناك إعلاما قويا يصل إليه أينما كان.
كما أوضح ان المهرجان، تطرق في ندوة امس الاول إلى (الإعلام الناعم) وكيف تمكن من غزو عقول الشباب، لذا فمن المهم ان تتوجه الدول الخليجية الى دعم الإعلام الناعم لديها ضمن استراتيجية واضحة وموحدة، كما أكد أهمية ان يكشف الإعلام عن كيفية تعامل الدول الخليجية مع مواطنيها بما يحقق التقدم والاستقرار الموجود. لا يعبر عن حقيقة التعامل الذي يجب ان يكون عليه الطرفان، مشددا في نهاية اللقاء على ضرورة ان تتبنى دول الخليج المزيد من الفعاليات المحفزة للإبداع والإنتاج ورفع مستوى المعيشة في المجتمعات العربية الخليجية فيما أعرب آخرون التقينا بهم على هامش المؤتمر عن استغرابهم من وجود دول لا تدفع التزاماتها المالية تجاه تنفيذ الاستراتيجية الإعلامية، منوهين إلى أن جزءا كبيرا مما تناولته الندوة ليس غريبا او جديدا عليهم بل قدمت مثل هذه المقترحات لاستراتيجية إعلامية جديدة وموحدة لدول الخليج بعد سنتين من تأسيس مجلس التعاون، ولكن الأمور مازالت في قالب الجمود.
وأعربوا عن تمنياتهم بأن تشهد المرحلة المقبلة تغييرا في نمط التفكير لدى المسئولين عن تطبيق ليس فقط السياسات الإعلامية، وإنما كل الاتفاقيات التجارية والمواقف السياسية وغيرها، نشهد فيها دورا مميزا وبارزا لجميع فئات المجتمع، بما يعزز روح المواطنة الخليجية، ويعمق من العلاقات الأخوية واللغة والدين والقرب الجغرافي بين أبناء ودول الخليج العربية.