الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


كيف تنتحر إسرائيل؟

تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢



ضعف الإغراء عند اليهود بأن إسرائيل هي الوطن القومي ليهود العالم. والمرة الأولى منذ أربع سنين انخفض عدد المستجلبين من «المستوطنين الجدد» إلى اسرائيل. وحسب معطيات وزارة الاستيعاب، فإنه في 2011 تم جلب (18,968) مهاجرا و«مستوطنا» جديدا إلى إسرائيل، مقابل (19,231) في 2010، ويتبين من المعطيات أنه بينما ارتفع عدد المهاجرين من دول رابطة الشعوب من المسيحيين الروس (غير المصنفين دينيا) ومن اثيوبيا في العام الاخير، فان معدل المهاجرين من باقي الدول انخفض بشكل واضح.
في مقال بعنوان: «مهاجرون بيض، مهاجرون سود» يقول (يرون لندن): «معظم المهاجرين من دول الاتحاد السوفيتي سابقا لم يهاجروا إلى هنا لأن نفوسهم تتوق إلى أن يعيشوا بين اليهود بل لأنهم ارادوا تحسين مستوى معيشتهم. لو فتحت امامهم ابواب الدول الغربية الغنية والهادئة، لما جاءوا الينا. وكي نقتنع بذلك يكفي أن نتذكر سياسة اسرائيل التي ناشدت الادارة الامريكية رفض المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي وتوجيههم إلى هنا».
يخلص كتاب جديد لباحثين غربيين إلى أن مستقبل إسرائيل على المديين القريب والمتوسط موضع شك، وأن وجود إسرائيل ككيان سياسي أو كـ «دولة وطنية» غير مضمون بعد 10-20 عاما بسبب جملة عوامل داخلية وخارجية. ويستعرض كتاب «إسرائيل مستقبل في موضع الشك» للباحثين البلجيكيين المختصين بالشؤون الإسرائيلية (ريشار لاوب) و(أوليفيا بركوفيتش) الأسباب والعوامل التي قادت إلى هذا الاستنتاج. وبحسب الكاتبين فإن «وجود إسرائيل في الشرق الأوسط مهدد بالزوال إذا لم يُحسن قادتها التعامل مع العوامل الخارجية والداخلية التي تحدد مستقبلها وتؤثر في وجودها»، ويعدد (لاوب) و(بركوفيتش) ثمانية عوامل تؤثر في وجود إسرائيل مستقبلا، ويخصصان فصلا لكل واحد منها: (1) تنامي العداء لـ«السامية» والصهيونية له تأثير في وجود إسرائيل، (2) صعود القوى الإسلامية في دول الجوار التي تنظر إلى إسرائيل كـ«امتداد للإمبريالية الغربية البشعة ووليد لها»، (3) التغييرات داخل الدول المعادية لإسرائيل واستمرار حالة عدم الاستقرار (الثورات العربية)، (4) إسرائيل لن تتمكن مستقبلا من إدارة المعارك في أراضي العدو فقط، وستكون عرضة للهجمات بسبب الحروب الحديثة، (5) تراجع التأييد الدولي لإسرائيل مع ظهور جيل جديد في أوروبا وغيرها لا يشعر بالذنب جراء وقوع «المحرقة»، (6) الرأي العام العالمي سيرد بعدائية إذا ما تبين له أن النيات الحقيقية لإسرائيل هي ضم الأراضي المحتلة عام 1967 وإقصاء وتهميش الفلسطينيين، (7) إسرائيل دولة صغيرة وضيقة، وفي حال تعرضها لهجوم منظم بوسائل تكنولوجية متقدمة، فإن ضرب مواقعها الاستراتيجية أمر لا يمكن منعه، (8) التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي، بحيث ان النمو الديموغرافي يلعب لصالح قوى غير صهيونية مناهضة للدولة (فلسطينيي 48)، كما يلعب لصالح الجماعات الاستعمارية / «الاستيطانية» المتطرفة التي باتت تتبوأ مراكز مهمة في التركيبة السياسية وفي الجيش.
عن كل هذا، يقول البروفيسور (إيلي بار نافي) الذي قدم للكتاب: «العالم ابتسم لإسرائيل حتى عام 1967، لكنها بعد ذلك بدأت تفقد مكانتها، حيث تحولت ضحية الهمجية النازية إلى مضطهد سبب معاناة لا توصف للفلسطينيين. مفعول أوشفيتس تبدد». من جانبه يقول البروفيسور الإسرائيلي (يوسف هودرا) من جامعة «بار إيلان»: «أهم العوامل التي وردت في الكتاب هو التصدعات والصراعات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي التي تهدد استقرارها، فالصراعات الثقافية والدينية والطبقية والأيديولوجية تتعمق في إسرائيل. قد تختفي أحيانًا، لكن حالة الاستقرار الأمني من شأنها أن تذكي مواجهات قاسية بل ربما عنيفة داخل المجتمع»، ويختم: «أدوات الدعاية الإسرائيلية القديمة كالمحرقة، لم تعد ذات فعالية، ذكرى المحرقة تتلاشى».
وفي سياق الشهادات الإسرائيلية، نشر موقع «ديلي بيست» مقالاً للكاتبة الأمريكية الإسرائيلية الجنسية (إميلي هاوزر) تحدثت فيه عن السنوات التي عاشتها في تل أبيب والأسباب التي دعتها إلى مغادرة إسرائيل والاستقرار في الولايات المتحدة، قائلة: إن «المجتمع الإسرائيلي اليهودي صار يركز في اضطهاد شعب آخر وسلبه حقوقه في الحرية والكرامة الإنسانية والمساواة»، وتقول: «مع انشغال إسرائيل بصورة أشد في مشروعات الاستيطان، والتزامها بمزيد من العنف والاحتلال اللاانسانيين، وتعاملها بدرجة اقل من الديمقراطية حتى مع سعداء الحظ بأنهم يهود، أصبحنا ندرك أنه من غير المرجح أن نخطو نحو العودة قط. لا ادري إذا ما كان طفلانا أكثر أمنا هنا منهما هناك، ولكني اعرف ما يلي: أنهما لن يجبرا على أداء خدمة عسكرية تكرس الآن بدرجة اقل للدفاع عن الدولة (الإسرائيلية) من اضطهاد شعب آخر. كما أن الحكومة تصب الأموال في بناء مستوطنات غير شرعية على أراض مسروقة. وهما لا يتعرضان لشعارات يطلقها قادتهما عن السلام، في الوقت الذي لا تتجه أفعالهم إلا نحو القضاء على احتمالات السلام»، وتختم: «إن مجتمعاً صار يركز في حماية وإدامة وتشديد الاضطهاد لشعب آخر هي سياسة تنتج، بل تكافئ، الكراهية. لا أريد أن أربي الآدميين الاثنين الأعز لدي (ابنيّ) في مثل تلك الأجواء. سأحميهما مما تحولت إليه إسرائيل».
لقد أكدت صحيفة «هاآرتس»، استنادا إلى معطيات احصائية اسرائيلية وفلسطينية، أن الاغلبية الديمغرافية التي يتمتع بها اليهود حتى الان في فلسطين التاريخية، ستختفي خلال ثلاث سنوات، مشيرة إلى معطيات فلسطينية أكدت أن عدد الفلسطينيين يبلغ 4,2 ملايين (2,6 في الضفة و1,6 في القطاع) واذا ما اضيف اليهم 1,4 مليون فلسطيني في الـ 48، سيكون عدد الفلسطينيين بين النهر والبحر 5,6 ملايين فلسطيني. أما معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية فتؤكد أن عدد سكان اسرائيل بلغ نهاية 2011 نحو 7,8 ملايين (5,9 ملايين يهودي و1,6 مليون فلسطيني و325 الفا من جنسيات مختلفة)، ما يعني ان عدد اليهود بين النهر والبحر يزيد على عدد الفلسطينيين بـ 300 الف فقط، اذا ما استندنا إلى المعطيات الفلسطينية، و100 الف فقط اذا ما استندنا إلى المعطيات الاسرائيلية. واستنادا إلى هذه الأخيرة حول نسبة التكاثر الطبيعي، يتساوى عدد الفلسطينيين واليهود فيبلغ عدد كل مجموعة 6,3 ملايين في 2015، في حين يصل العدد عام 2020 في فلسطين التاريخية إلى 7,2 ملايين فلسطيني مقابل 6,8 ملايين يهودي.