بريد القراء
في ذكرى والدنا الغالي
تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢
30 مايو الحزين (الذكرى الثانية لوفاة الوالد الغالي), عبدالله عبدالرحمن الريس (بوخالد), الله يرحم أمواتنا وجميع أموات المسلمين ويسكنهم فسيح جناته.. الموت حق ولكن الفراق يصعب على النفس.. إحساس نابع من القلب لروح والدي أدخله الله فسيح جناته.
تعجز الكلمات عن التعبير وتخنقنا العبارات لذكراك والتفكير فيك, فأنت لست أبانا.. بل أب الأسرة جميعا رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته.
كنتم نعم المعلم والمربي لنا ولأبنائنا, توجه لنا النصيحة بكل عطف وحنان, وعند أخطائنا حليم عظيم التسامح, تمتلك هيبة رغم عطفك وطيبتك تفتقدنا في غيابنا, ويحزنك بُعدنا حتى في أيام مرضك رغم الألم يسعدك وجودنا معك. بشوش الوجه يحبك الصغير قبل الكبير, مازال أطفالنا ينتظرون عودتك غير مصدقين, فقد امتلأت قلوبهم حبا وتعلقا بك مماثلا لحبنا.
جزاك الله عنا خير الجزاء وجعل ما أصابك رفعة لك في الدرجات ورحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته, وجمعنا وإياك ووالدتي وجميع موتى المسلمين في دار المستقر يا رب العالمين.
والدي الغالي يا أطيب الخلق, يا أغلى الناس, والدي الحبيب, مرت سنتان منذ الوداع الأخير, في 30 مايو 2010 في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف بعد خروجك من المسجد مصليا وقارئاً كتاب الله الكريم, ركبت سيارتك ووافتك المنية أمام باب المسجد. مرت سنتان منذ الوداع الأخير كأنهما يومان أو ساعتان أو دقيقتان على فقدنا إياك ورحيلك, منذ وفاتك أبي الغالي.. وكأن ذلك كان أمس.. ما أسرع جريان الأيام من دونك.
اشتقت إليك, أحقا مات أبي؟ أحقا رحل؟ صوتك ووجهك وأنفاسك, هنا ركنك, جلستك على الكرسي مشاهدا الباب منتظرا دخولنا عليك, مقتنياتك الشخصية, قرآنك, رئة صوتك, عباراتك, ترحيبك بنا لما تنزل الدرج, كل ذلك يحيطني من كل مكان.. لم يغب عن بصري ولن يُمسح من ذاكرتي.
ذكراك غالية علينا وعلى رفيقة دربك والدتنا الغالية أم خالد الله يطول في عمرها ويخليها لنا جميعا, ربما أخذك القدر من بيننا, ولا اعتراض على حكم الله, لكني فقدتك يا أعز وأغلى الناس, فقدتك وفقدت معك كل شيء جميل في هذه الدنيا, ذلك أني لم أر أي جميل جميلا ما لم تكن فيه.
كم أحتاج إليك, إلى جانبك, إلى لطفك وطيبتك, وابتسامتك, إلى حبك الأكبر وقلبك الأكثر بياضا من كل قلب, إلى دفئك وعطفك, وكم هو صعب عليّ فراقك.
كتبت إليك يا أبي لأبلغك سلامي وسلام ومحبة والدتي الغالية, وأخبرك أننا جميعا بخير ولله الحمد, ولا تنقصنا إلا طلتك البهية, يا من كنت لنا الملجأ الذي بدفئه نحتمي, يا من كنت السد المنيع الذي نلجأ إليه في الصعاب, يا من كنت صدرا حانيا نبكي عليه, يا من مد يديه إلينا ولغيرنا والابتسامة تملأ ملامح وجهه, يا من ضحيت بصحتك وجهدك ومالك ووقتك في سبيل إسعادنا, يا من تكبدت العناء لترسو بسفينتنا على بر الأمان, أنت الراحل الذي مازال بيننا حيا.
غبت عنا ورحلت في غمضة عين يا أبي, وقلبي مازال يعتصر الألم والشوق. أكتب لك رسالتي ودموعي ترطب خدي وتحمل في جريانها لك كل ذكرياتي وأشواقي. كم أتمنى أن يعود الزمن لأرمي بنفسي في حضنك الذي يسع الكون, كم أتمنى أن أسمع صوتك ونصائحك التي أفتقدها.
عزاؤنا أنك تركت معينا لا ينضب من الحب, والود والإخلاص والوفاء, وعهدنا أن نكون كما أردتنا دوما, متحابين, متحدين, متعاونين, حريصين على أداء واجباتنا الدينية, ونعاهدك ألا نعمل إلا ما يرضي الله ويرضيك, وستكون الوالدة الغالية في حدقات عيوننا, نرعاها كما رعيتمونا صغارا, وندعو الله لها بالصحة وطول العمر, ونستمطر شآبيب الرحمة على روحك الطاهرة, وندعو لك بالجنة في سجودنا وقيامنا, رحمك الله رحمة واسعة وجعل مثواك الرضوان بإذن الله.
رحمة الله عليك أبي الحبيب, دعائي أن تكون في جنات النعيم. سامحني يا أروع الناس, أنا وأمي وإخوتي, أنت بقلوبنا مهما فرقتنا المسافات, مهما حال بيننا الموت. أفتخر دائما أنني ابنتك.. وافتخر انك أنت أبي.
ابنتك ومحبتك
فاطمة عبدالله الريس (أم عيسى)