رسائل
مروان البرغوثي زعيم بالفطرة يتحدى القضبان الحديدية
تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢
بين 29 مارس والثالث من مايو من عام 2002، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بعملية السور الواقي البربرية ضد الناشطين الفلسطينيين خلال الانتفاضة الثانية. وتعد هذه العملية، قبل حملة الرصاص المصبوب العسكرية على غزة، من أكبر عملياتها العسكرية منذ احتلالها فلسطين في يونيو .1967
وكان قد صدر أمر باعتقال مروان البرغوثي في 23 سبتمبر 2001، ليتم القاء القبض عليه في 14 ابريل 2002 (اي خلال عملية السور الواقي)، بتهم قتل زائفة وجهت اليه، فضلا عن تهم بالمساعدة والتحريض على القتل، وتشجيع القتل والتآمر الجنائي، وبكونه عضوا نشطا في منظمة ارهابية. في ذلك الوقت قال البرغوثي: «أنا زعيم سياسي، وعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني الذي انتخب من قبل شعبي. إسرائيل ليس لديها الحق في محاكمتي، واتهامي، او الحكم علي. انه انتهاك للقانون الدولي.. لدي الحق القانوني في مقاومة الاحتلال».
مع ذلك، وقعت صرخته على آذان صماء لاناس تنكروا منذ زمن بعيد لانسانيتهم وضميرهم.
عن مروان البرغوثي، اعدت «اورينت برس» التقرير التالي:
في 5 سبتمبر من عام 2002، بدأت محاكمة مروان البرغوثي الذي لطالما شكك في شرعية المحاكمات بموجب القانون الدولي، وفي 20 مايو 2004، أدين مروان البرغوثي ظلماً لتورطه في ثلاث هجمات إرهابية مزعومة ادت إلى مقتل خمسة اشخاص، وحصل على خمسة أحكام بالسجن المؤبد، بالاضافة إلى 40 عاما من السجن.
خلال مسرحية المحاكمات خرق العديد من القوانين الدولية، ونفي الإنصاف القضائي إلى غير رجعة. باختصار كانت العملية برمتها غير شرعية رغم انها تمت تحت انظار المجتمع الدولي.
وفي تحد صارخ للعدالة، لايزال البرغوثي في سجون الاحتلال، حتى انه جرى استبعاده من اتفاق تبادل الاسرى الاخير الذي جرى في اكتوبر الماضي بين حركة حماس والسلطات الاسرائيلية، بالاضافة إلى عدد آخر من القادة الفلسطينيين، بمن فيهم احمد سعدات، وحامد ابراهيم، وحسن سلامة، وعبدالله البرغوثي.
البرغوثي يتهم إسرائيل
من سجنه لم يصمت البرغوثي على الجرائم الاسرائيلية بل انه اصدر بيانات عدة تدين اسرائيل، منها رسالة له في 3 أكتوبر 2002، اتهم فيها إسرائيل بـ 54 خرقا دوليا، جاء فيها: «إن دولة إسرائيل هي المسؤولة مباشرة وغير مباشرة عن ارتكاب أفعال جنائية معينة من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، بما في ذلك اقتلاع الفلسطينيين من ارضهم خلال الهجمات العسكرية، وتنفيذ الاعتقالات التعسفية والحبس غير القانوني والاعتقال الإداري، والاعتداء على النساء والأطفال والمسنين وممارسة التدمير بمنهجية ووحشية كمصادرة الممتلكات والمنازل».
واضاف ان التهم الأخرى تتضمن: «انتهاك حق الناس في الحياة من خلال القتل التعسفي والاغتيالات واحكام الاعدام العشوائية، ومصادرة الأراضي والممتلكات، وإنشاء محميات منفصلة وتخريب الحياة العامة وترويع شعب بأكمله (بما في ذلك اتباع سياسة العقاب الجماعي والانتقام)...».
بالإضافة إلى ذلك، ذكر البرغوثي: «التمييز العنصري، السرقات والنهب والسلب، إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي بالناس (بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية)، التشويه، التسبب في وفيات واصابات خطرة، منع الفلسطينيين من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتعمد ايجاد ظروف تحول دون التنمية الكاملة للفلسطينيين، واستغلال اليد العاملة، واضطهاد المنظمات والأفراد، وحرمان الأشخاص من الحقوق الأساسية والحريات لأنهم يعارضون الاحتلال العسكري والاستعمار، ممارسة الفصل العنصري وغيرها من الأعمال الإجرامية».
عرض البرغوثي جرائم اسرائيل بقوة وثبات مقدما الدلائل على كل تهمة وجهها لها. مع ذلك، هو لايزال في السجن بينما عشرات القادة الاسرئيليين المجرمين ينعمون بالحرية في الخارج ويمعنون في ممارسة العنف والتعسف والابادة الجماعية.
مطالبة إسرائيلية بالافراج عنه
في 8 نوفمبر 2011، نشرت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية بقلم الكاتب اليهودي أفينوعام بار يوسف تحت عنوان: افرجوا عن مروان البرغوثي»، يقول فيها: «إن إطلاق سراح مروان البرغوثي، الذي يعد القائد الفلسطيني الوحيد الذي يتمتع بثقة كاملة من جانب حركة فتح والشعب الفلسطيني، قد أشير إليه في المشاورات الإسرائيلية الرفيعة المستوى على أنه وسيلة للانتقام من عباس لمطالبته بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وكوسيلة لتشكيل جيل جديد من القادة الفلسطينيين الأقل فسادا». وكانت هذه الافتتاحية اول دليل على مطالبة جماعات اسرائيلية بالافراج عن البرغوثي كونهم يرون فيه الشخص الوحيد القادر على تحقيق السلام.
يقول بار يوسف انه كان يعرف البرغوثي جيدا «قبل أن يتحول إلى مقاتل، هو يتحدث العبرية ولم ينكر مطلقا حق الشعب اليهودي في دولة يهودية. ومع أنه دائما ما أوضح لنظرائه أن الدولة الفلسطينية سيكون لها طابع إسلامي، وكان فخورا بكونه مسلما، فإنه عبر أيضا عن ازدرائه للمتطرفين الإسلاميين. وفي المقام الأول، لم يتم مطلقا الربط بينه وبين فساد المؤسسة الفلسطينية التي تشكلت حول الرئيس الراحل ياسر عرفات. وحينما كان طالبا بجامعة بيرزيت في رام الله، كان يستثمر جهوده الأساسية في معسكرات اللاجئين والعمل الاجتماعي وفي تقديم المعونات للمرضى والفقراء وتنظيف الشوارع».
واضاف: «انه قائد قوي، عباس لا يستطيع تحقيق حل الدولتين، فقط البرغوثي هو من يستطيع ذلك».
وبغض النظر عن مصداقية كلام بار يوسف او صحته، فلا شك ان البرغوثي يستحق الفرصة ليكون خارج السجن كونه ليس رجلا عاديا.
من هو البرغوثي؟
يلقب البرغوثي بمهندس الانتفاضة الأولى (1987- 1993)، وهو يرمز بشخصه إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية والمقاومة. شغل منصب الامين العام للجنة العليا لحركة فتح في الضفة الغربية كما انه عضو المجلس التشريعي الفلسطيني.
ومن السهل القول انه الزعيم الاكثر شعبية في فلسطين وسيفوز بأغلبية ساحقة في حال سمح له بالترشح للرئاسة استنادا إلى استطلاعات الرأي.
في سن الخامسة عشرة، انضم إلى حركة فتح وشارك في تأسيس حركة الشبيبة. في عام 1978، اعتقل وسجن أكثر من أربع سنوات بتهمة «الانتماء إلى منظمة محظورة». في عام 1985، ألقي القبض عليه مرة أخرى واحتجز بدون تهمة إداريا مدة ستة أشهر. في عام 1987، تم طرده إلى الاردن بتهمة «التحريض». لاحقا، وفي عام 1989، تم انتخابه لعضوية المجلس الثوري لحركة فتح والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية. في ابريل 1994، عاد إلى الضفة الغربية.
من المعروف ان البرغوثي يؤيد الاستقلال الفلسطيني وحل الدولتين ضمن حدود عام 1967، والسلام مع إسرائيل القائم على العدالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في البداية كان من المؤيدين لاتفاق أوسلو، لكنه رفضه في مرحلة لاحقة، واعتبر ان التوسعات الاستيطانية اغتالت الاتفاق. نتيجة لذلك، حث على انهاء المفاوضات حتى توقف اسرائيل توسيع الاستيطان وتوافق على انهاء الاحتلال لفلسطين من دون قيد أو شرط. وظل البرغوثي يدعم كل عمل شرعي ضد الاحتلال، وقد اعترف بأنه خاب امله في الولايات المتحدة بوصفها «الوسيط النزيه».
في السجن، أكمل البرغوثي تعليمه الثانوي، وأصبح يجيد اللغة العبرية بشكل مطلق. في وقت لاحق حصل على البكالوريوس والماجستير من جامعة بيرزيت، وتناول في أطروحة الماجستير العلاقات الفلسطينية الفرنسية بين عامي 1967-1997، كما كان نشطا في السياسة وترأس مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت.
فدوى ابراهيم
اما زوجته فدوى ابراهيم فهي تدعم بشكل بارز حقوق السجناء الفلسطينيين، وشنت بنشاط الحملات العديدة من أجل الإفراج عن زوجها، وهي تصفه بأنه «زعيم بالفطرة»، لافتة إلى ان استطلاعات الرأي تظهر انه «خيار الفلسطينيين بسبب تمسكه بحل الدولتين، ومعركته ضد الفساد وحملته من أجل حقوق المرأة والديمقراطية».
يذكر انه عشية تبادل الأسرى في أكتوبر الماضي، تم تهريب كتاب البرغوثي سرا من السجن من جانب بعض المحامين وأفراد الأسرة. الكتاب جاء تحت عنوان «ألف ليلة وليلة في العزلة»، ويفصل فيه المعاملة التي لقيها في السجن، ومما يقول فيه: «بمجرد اعتقالهم واحتجازهم يعتبر الفلسطينيون مذنبين قبل توجيه الاتهام لهم. الإدانات تكون مؤكدة تقريبا. يتلقون معاملة بشعة، بما في ذلك التعذيب الجسدي والنفسي، فضلا عن أشكال أخرى من سوء المعاملة»، فالى متى سيتحمل البرغوثي سجنه فيما مئات الآلاف يطالبون بالافراج عنه؟