في الصميم
من هم الذين وقعت أنظارهم على المشكو منه؟!!
تاريخ النشر : الجمعة ١٨ مايو ٢٠١٢
لطفي نصر
أرى أن مهمة السادة النواب من خلال مجلسهم الموقر هي البحث عن كل جميل ومفيد بهدف تجسيده على الأرض من أجل الانتفاع به، وكل ذلك بعيدا عن المغالاة والمزايدات أو هدر الوقت الثمين.
لكن ان يصل الأمر إلى تسخير آلية الاقتراحات برغبة لتشويه كل ما هو جميل على الأرض الطيبة من خلال المغالاة المرفوضة في الطرح.. فهذا هو ما لا يجوز.
أعني هنا الاقتراح برغبة الذي أقره المجلس في جلسة يوم الثلاثاء الماضي بشأن: الفصل بين الجنسين من أولياء الأمور والمرافقين في حفلات تكريم المتفوقين في امتحانات الثانوية العامة.
بصراحة لم أكن أتوقع أن يهدر المجلس الموقر وقته في مثل هذا الاقتراح برغبة.. حيث لا أرى في احتفال التكريم المشار إليه ذرة واحدة من أي اعوجاج أو انحراف أو خروج على الأعراف.. بل أرى في هذا الاحتفال - الذي يرعاه ويتولاه ويضفي عليه حضور سمو رئيس الوزراء كل ملامح الروعة والأهمية ؟ واحدا من أفضل الانجازات التربوية في مسيرة التعليم على أرض البحرين بأكملها.. لذا كان لا يجوز الاقتراب منه لا من بعيد ولا من قريب مما قد يشوه هذا الاحتفال أو يشكك فيه.. لماذا؟
هذا التقليد التربوي الرائع الذي مضى على تطبيقه حتى الآن بضع سنوات يهدف في الأساس الى أن يتفضل سمو رئيس الوزراء بحضوره ورعايته فيصافح المتفوقين ويشد على أيديهم ويكرمهم ويمنحهم الجوائز والشهادات التقديرية من أجل تحفيزهم وتشجيعهم على التفوق.
أقول ان هذه اللفتة الوطنية والتربوية والأبوية الكريمة من لدن سمو رئيس الوزراء، كانت السبب الرئيسي في ظاهرة التفوق الكبير والملفت للأنظار على أرض البحرين، والتي فاقت في معدلاتها معظم دول العالم بسبب ظاهرة التنافس الشديد بين الجيل الجديد من الطلاب.. بل كانت السبب في تحقيق هذه القفزات المتتالية في الارتفاع بمستوى التعليم ومخرجاته في البحرين.. حيث تطلبت ظاهرة هذا التفوق العالي تطويرا للأنظمة التعليمية والتربوية، واستخداما للكثير من الأنظمة التعليمية المتطورة.
ولا أبالغ إن قلت ان احتدام التنافس بين الطلاب من أجل التفوق قد أوجد كما هائلا من المتفوقين أكبر بكثير من قدرة الجامعات البحرينية والمنح والبعثات في الداخل والخارج على استيعابهم.. وأكبر من قدرة الحكومة على رعايتهم والإنفاق على متطلباتهم وتلبية رغباتهم.. يعني بصراحة قد أصبح لدى البحرين فائض كبير من المتفوقين.. وبمعنى آخر لقد حققت هذه الخطوة الطيبة - وأقصد خطوة حرص سمو رئيس الوزراء على تكريم متفوقي الثانوية العامة كل عام - أهدافها بجدارة خلال عدد قليل من السنوات.
نأتي إلى مطلب السادة النواب بفصل الجنسين من أولياء الأمور والمرافقين في حفلات التخرج فأكرر أن هذا مطلب لا وجاهة له بالمرة لعدة أسباب منها ما يلي:
} ان أولياء الأمور الذين يدعون إلى هذا الاحتفال يذهبون إليه فرحين على هيئة عائلات.. بمعنى أن كل عائلة تذهب إلى هذا الاحتفال صحبة واحدة: الأب والأم وأحيانا الأبناء والأقارب.
} كل عائلة تجلس في مكان واحد من خلال تنظيم محكم تشرف عليه الوزارة والكشافة والمرشدات.. وقد لوحظ أن هذا التنظيم يكون محكما ومنظما على الدوام.
} أولياء الأمور كل همهم أن يعيشوا ويعايشوا أهم وأسعد لحظات حياتهم وهو رؤية سمو رئيس الوزراء وهو يكرم أبناءهم وبناتهم.. ولا يصدر عنهم إلا الزغاريد والتصفيق الحار عند تكريم كل متفوق أو متفوقة.. يعني أنهم لا يلتفتون إلى أي مما يخشاه السادة النواب.
} الحقيقة المؤكدة أن أولياء الأمور هم أيضا وراء ظاهرة التنافس والتفوق الكبير والملفت للأنظار بين طلاب وطالبات البحرين.. فهم الأشد حرصا على هذا التفوق.. وهم الذين يدفعون أبناءهم دفعا إليه.. وهم الذين يسعدون أكثر برؤية سمو رئيس الوزراء وهو يصافح ويكرم أبناءهم ويشد على أيديهم مطالبا إياهم بمواصلة التفوق خدمة للوطن.
} يعني بصراحة أريد أن أطمئن السادة النواب إلى أن أولياء الأمور الذين يجلسون في الصفوف الخلفية بعد اصطفاف كبار المسئولين والمدعوين، والذين يأتون إلى هذا الحفل السنوي على هيئة عائلات محترمة لا يهتمون ولا يلتفتون إلى غير ما جاءوا من أجله.. ولا ينتظر غيرهم منهم إلا ما يصدر عنهم من علامات الفرحة.. إلى التصفيق.. والزغاريد.
سمعت سمو الشيخ عبدالله بن خالد يتحدث عندما كان يشرف - بوصفه وزير العدل والشئون الإسلامية في سبعينيات القرن الماضي - على تنظيم أحد معارض الكتاب الإسلامي في أرض المعارض بالحورة.. سمعته يقول: جاءني بعض (....) يعترضون على استعانتنا بمترجمات لهذا المعرض.. وقالوا لنا: انهم رأوا المترجمات يرتدين ملابس فوق الركبة!.. ثم قال: بأمانة شديدة فإن شيئا من هذا لم يلفت نظري على الاطلاق!
وأنا بدوري أقول للسادة النواب الذين أثاروا رغبة الفصل بين الجنسين في احتفال تكريم المتفوقين، أنا أحضر هذه الاحتفالات كل سنة لتغطيتها لـ «أخبار الخليج».. ووالله لم يلفت نظري في أي سنة من السنوات أن نساء العائلات المدعوات يتبرجن أو يضعن المساحيق والمكياج وخلافه.. لسبب بسيط وهو أن عائلات المتفوقين والمتفوقات معظمهم عائلات مكافحة.. فمن هو يا ترى الذي وقع نظره على هذا المشكو منه، أو المطلوب الفصل بين الجنسين بسببه؟!!