سياسة التوافق بديلا عن التوحيد
أداء الاقتصادات العربية يعرقل توحيد استراتيجيات أسواق المال
 تاريخ النشر : السبت ١٩ مايو ٢٠١٢
أعادت تصريحات مسئولي السوق القطرية، مؤخراً الداعية إلى ضرورة توحيد استراتيجيات أسواق المال العربية كإجراء دفاعي ضد التغيرات الجذرية التي تمر بها المنطقة العربية، فتح ملف معايير الاختلاف بين قواعد واستراتيجيات أسواق المال العربية، لتتبادر للذاكرة أحلام البورصة العربية الموحدة والتي باءت بالفشل الذريع، نظراً الى اختلاف توجهات وأهداف واقتصادات الاسواق لتشتعل مجدداً مجموعة من علامات الاستفهام المتعلقة بمدى إمكانية تنفيذ اقتراح الاستراتيجيات الموحدة على أرض الواقع.
ودفعت هذه التصريحات إلى ظهور علامات استفهام تتعلق بماهية أوجه الاختلاف بين استراتيجيات البورصات العربية، فضلاً عن ماهية السوق الفضلى من حيث قرب قواعدها وتوافقها مع المعايير الدولية، علاوة على ظهور ترشيحات جديدة عن جاذبية أسواق المنطقة العربية وفقاً للمستجدات الأخيرة الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وخلصت نتائج الاستقصاء الذي قمنا به لقياس مدى إمكانية توحيد استراتجيات أسواق المال العربية إلى استبعاد تحقيقه على أرض الواقع، وخاصة في ظل الاختلاف الجذري بين اقتصاديات الدول العربية واختلاف منتجاتها وقوانينها.
وساق عدد من الخبراء العديد من أوجه الاختلاف بين الدول العربية، بعضها تتعلق بالاقتصاد الكلي والآخر بالمعايير والمنتجات المدرجة بأسواقها.
واقترح عدد من الخبراء أن يتم تحقيـق نوع من التوافـق بين استراتيجيات أسواق المال كبديل لسياسة التوحيد لافتين إلى أن سياسة التوافق لا بد أن تعتمد على عدد من الإجراءات، وعلى رأسها تسهيل إجراءات القيد المزدوج مع سماح دول مجلس التعاون الخليجي للدول العربية بالقيام بالاستثمارات المباشرة من دون تفريق بينهم وبين مستثمري دول المجلس، وخاصة أن السعودية تستحوذ على نحو ٥٠% من رأس المال السوقي لدول المنطقة.
واقترح البعض الآخر سياسة تطوير وتحديث لأنظمة كل سوق على حدة للتوافق مع المعايير الدولية كبديل أيضا لسياسة التوحيد موضحين أن المضي قدماً في سياسات التطوير والتحديث سيؤدي في المحصلة إلى تحقيق نوع من التوافق بين الأسواق، مما يسهل التعامل بينها.
ورسم مسئولو سوق المال المحلية خريطة توضيح أوجه الاختلاف بين أسواق المنطقة، والتي جاء محتواها في عـدة نقاط أهمها اختلاف طبيعة الاقتصادات التي تقوم على الناتج المحلي الذي يعتمد في بعض الدول على البترول والبعض الآخر على قطـاع العقارات، فيما تستأثر مصر بالصناعات الحقيقية نظراً الى تعدد المزايا التنافسية والمكونات الطبيعية والصناعية التي تضعها على قمة أسواق المنطقة العربية من حيث الصناعة وجاذبية أسواقها.
كما تطرق البعض الآخر إلى توضيح أوجه الاختلاف بين أسواق المنطقة من حيث طبيعة البورصات ومدى توافر قانون لسوق المال من عدمه وقواعد الإفصاح والشفافية والحوكمة والأدوات المالية المختلفة.
وفي محاولة لاستطلاع آراء الجانب الآخر من أسواق المال العربية، أكد مسئولو اتحاد البورصة العربية صعوبة توحيد استراتيجيات أسواق المال العربية، نظراً الى طول إجراءات تلك الخطوة علاوة على تطلبها العديد من الموافقات لعدة جهات، وتعديلات دستورية أو إصدار قانون جديد بكل بلد، وضربوا مثالاً بفشل محاولة تأسيس بورصة عربية موحدة.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبال) أحمد علي إن «توحيد استراتجيات أسواق المال العربية، أمر صعب التحقيق بسبب الاختلافات الجوهرية بين أسواق المنطقة العربية والتي يصعب تغييرها، وأبرزها البنية التشريعية والاقتصادية، وأسعار الفائدة المصرفية ونوعية المستثمرين وحجم رأس المال السوقي، فضلاً عن معدلات النمو الاقتصادي، ومدى وجود قانون سوق مال من عدمه ومدى ارتباطه بالمعايير الدولية المتعارف عليها».
وأوضح ان «هناك عدة دول تضع قيوداً على نسب تملّك الأجانب، ومنها أسواق قطر والإمارات والكويت والسعودية، كما أن هناك دولاً تصنف أسواقها على أنها محدودة، نظراً الى تركز قطاعاتها وتضاؤل عدد شركاتها المدرجة وشركات السمسرة مع توقف تام للتراخيص ومنها السوق القطرية».
وأوضـح أنه رغـم انفتاح السوق الكويتية، فإنه لم يصدر أيضاً قانون لسوق المال، فيما تترنح السوق الإماراتية، لافتاً إلى أن الخطوة الأولى لتوحيد استراتيجيات أسواق المال العربية هي توحيد الإرادة السياسية للدول العربية.
وأكد أحمد علي أن الأجدى من توحيد استراتجيات أسواق المال هو بحث كيفيـة تطوير وتنمية كل سوق على حدة وفقاً لمتغيرات البيئة التشريعية والاقتصادية وطبيعة المستثمرين ورأس المال السوقي في كل سوق على حدة.
ورشح السوق السعودية كأقوى أسواق المنطقة العربية نظراً الى ارتفاع معدلات السيولة بها، لتعقبها السوق الإماراتية في الجاذبية ثم تأتي السوق المحلية.
واستبعد حازم كامل، رئيس إدارة الأصول بشركة النعيم القابضة للاستثمارات المالية إمكانية توحيد استراتيجيات أسواق المال العربية بسبب اختلاف أهداف وسياسات كل سوق، مشيراً في الوقت نفسه إلى إمكانية خلق نوع من التوافق بين الاستراتيجيات المختلفة وهو ما من شأنه تحقيق التعاون بين أسواق المنطقة العربية.
وتطرق كامل إلى الخريطة الجديدة لجاذبية أسواق المال العربية بعد موجة التحديات التي تواجهها المنطقة العربية، لافتاً إلى تصدر السوق السعودية قائمة الدول العربية الأكثر جاذبية على المدى المتوسط تليها الإمارات ثم السوق القطرية.
وأوضح أن كل دولة تتمتع بمزايا تنافسية معينة، مشيراً إلى العلاقة الطردية بين تلك المزايا وجاذبية سوق المال، بمعنى أنه كلما تعاظم حجم تلك المزايا، زادت فرص شركاتها لتكون أحد كيانات ومنتجات سوق المال، كما أنه كلما تنوعت منتجات السوق زادت جاذبيتها.
.
مقالات أخرى...
- الصادرات الإيرانية من البتروكيماويات تتراجع
- اليابان تبقي وارداتها من النفط الإيراني منخفضة في مايو
- بنوك خليجية تعقد أكبر صفقة مرابحة بـ٣٥٠ مليون دولار لصالح بنك تركي
- أسلمة الاقتصاد المصري تثير الجدل
- اليورو يسجل أدنى مستوى في ٤ أشهر مقابل الدولار
- الشارقة تطلق ملتقى لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
- ٣.٤ تريليونات دولار قيمة أقوى ٥٠٠ علامة تجارية عالمية
- النفط دون ١٠٧ دولارات في أقل مستوى هذا العام
- الذهب يرتفع واحدا بالمائة ويتطلع إلى مكاسب أسبوعية
- ١١٨ مليار دولار مشروعات البتروكيماويات خليجياً
- أسعار القمح العالمي تسجل أعلى مستوياتها في ٦ أشهر