الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد


أسلمة الاقتصاد المصري تثير الجدل

تاريخ النشر : السبت ١٩ مايو ٢٠١٢



في ظل سيطرة الإسلاميين على البرلمان المصري، تزداد التساؤلات حول وضع الاقتصاد في المرحلة القادمة وإمكانية أسلمة الاقتصاد وإغلاق البنوك والبورصة في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري من مأزق حقيقي منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير في العام الماضي.
وقد لاقى تطبيق الاقتصاد الإسلامي في مصر جانبا من التأييد من القوى الإسلامية وبعض القوى السياسية كمخرج للأزمات الاقتصادية مستدلين على ذلك باتجاه بعض الدول الغربية للاقتصاد الإسلامي للخروج من تداعيات الأزمة المالية العالمية.
ويرى ناجح إبراهيم القيادي البارز بالجماعة الإسلامية أن فلسفة الاقتصاد الإسلامي فلسفة تقبلها أي نفس بشرية تحرم الربا والاحتكار والغبن، منوها بأن الاقتصاد الإسلامي لا يمنع البورصة أو البنوك كما يتردد وإنما يمنع فقط ربا البنوك والخداع الذي يحدث في البورصة، مشددا على ضرورة تحرير مصر من اقتصاد السياحة واعتماده في المرحلة القادمة على الصناعة والزراعة والبحث العلمي، ووافقه في الرأي د. عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر السابق والذي أعلن أواخر العام الماضي تأييده للاقتصاد الإسلامي لجدارته على المستوى المحلي والدولي وفاعليته في النظم المالية العالمية، وأكد د.أشرف محمد دوابه أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الشارقة في كتابه «إصلاح الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير... رؤية إسلامية» ضرورة تطبيق الاقتصاد الإسلامي في مصر في مرحلة ما بعد ثورة يناير للخروج من المأزق الاقتصادي الراهن وفي ضوء دعوة عدد من علماء الغرب وبابا الفاتيكان في رأيه للأخذ بالمنهج الإسلامي في الاقتصاد إبان الأزمة المالية العالمية، وفي هذا السياق أكد د. يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر ضرورة تطبيق الاقتصاد الإسلامي لدوره في رأيه في تحقيق ومضاعفة التكافل الاجتماعي بعيدا عن الربا، ومضيفا: بأن تطبيق الاقتصاد الإسلامي على أرض الواقع يحتاج إلى مراحل وليس من خلال مرحلة واحدة، ودافع رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر عن الاقتصاد الإسلامي مؤكدا أن العالم الغربي استغاث وطلب تطبيق هذا النظام مرتين في عام 1996 للخروج من الأزمات الاقتصادية التي عانت منها أوروبا والأخرى عام 2008 وذلك عندما نشرت صحيفة «اوبسيرفاتوري رومانو الناطقة باسم الفاتيكان مقالا بعنوان «مقترحات وأفكار من النظام المالي الإسلامي إلى الغرب المتأزم»، منوها العوضي في حديثه بنجاح تجربة الاقتصاد الإسلامي في كل من ماليزيا وتركيا. وتحدث أحمد يونس رئيس الجمعية العربية لأسواق المال عن أهمية الاقتصاد الإسلامي في ضوء عدم تعرض الدول التي تعاملت وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية في الاقتصاد لأزمات كبيرة إبان فترة الأزمة المالية العالمية مقارنة بالدول الأخرى التي طبقت اقتصاديات السوق، ولافتا بأن التحول للاقتصاد الإسلامي في مجال البنوك والبورصة لا يحتاج إلا إلى تعديلات في قوانين سوق المال، توقع الخبير الاقتصادي عثمان كايد تطور التمويلات الإسلامية في المغرب في الفترة القادمة حيث ينتظر عدد كبير من المغاربة إنشاء الحكومة لبنوك إسلامية بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، وأضاف: أن البنوك الإسلامية قادرة على لعب دور مهم في تمويل المشروعات التنموية في المغرب، وتحدث الخبير المصرفي الدكتور معبد الجارحي رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي عن الأضرار التي يلحقها التمويل الربوي في الاقتصاد ككل من خلال حالة عدم الاستقرار مؤكدا أن من يمارسون التمويل غير الإسلامي يلحقون الأذى والضرر بالمجتمع ككل.
ومن جانبه أعلن حزب النور السلفي مؤخرا على موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» تعامله مع الاقتصاد المصري من منظور إسلامي ووفقا لمبادئ الاقتصاد الإسلامي، وأوضح أسامة الفيل الخبير الاقتصادي ومستشار السياسات الاقتصادية بحزب النور أن الاقتصاد الإسلامي هو أفضل اقتصاد للمناخ والبيئة المصرية الإسلامية، نافيا ما يتردد عن إقدام الإسلاميين على إغلاق البورصة أو تعديل نشاط البنوك مؤكدا أن ما سيحدث هو طرح الأنشطة الربوية داخل البورصة للنقاش في البرلمان لكي تتواكب مع الشريعة الإسلامية، وتحدث محمد جودة عضو اللجنة الاقتصادية وأمين التثقيف بحزب الحرية والعدالة عن وجود برنامج اقتصادي متكاكل لدى الحزب يقوم على تطوير الاقتصاد المصري في غضون سبعة أو ثمانية أعوام ليكون أفضل من الاقتصاد في تركيا وماليزيا بما يحقق لمصر تنمية حقيقية تقوم على احترام الحرية الاقتصادية الكاملة واحترام الملكيات المتعددة ومراعاة الطبقات الفقيرة وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وقد سافر مؤخرا لتركيا وفد رفيع المستوى من حزب الحرية العدالة للاستفادة من تجربة النهضة الاقتصادية الفعالة في تركيا وتطبيقها في مصر ويضم الوفد المهندس محمد سودان الأمين العام للعلاقات الخارجية بالحزب، وسامي علي - مساعد أمين العلاقات الخارجية – والدكتور وليد عبدالغفار رئيس لجنة التنمية والتخطيط الاستراتيجي بالحزب. ولفت الكاتب طه عبدالحليم لمخاطر وسلبيات الاقتصاد العالمي حيث تسببت في رأيه انفلات المعاملات المالية والمضاربات شبه الربوية بالأوراق المالية في وول ستريت لاندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، وفي دراسة بعنوان «الحل الإسلامي لمشكلة الفقر» للباحث إبراهيم سند إبراهيم الأستاذ المساعد بكلية دار العلوم أشار الباحث الى دور الإسلام في محاربة الفقر بعدد من الطرق من بينها الزكاة والصدقات والعمل والكفارات والإنفاق في سبيل الله، مضيفا: أن تعاليم الإسلام التي تحرم الكسب الحرام تسهم في منع تضخم الثروات لدى عدد قليل من المواطنين.
أما عن الآراء المعارضة للاقتصاد الإسلامي فهناك د.عبدالله شلبي أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس والخبير في الحركات الإسلامية والذي أكد أن الاقتصاد تحكمه عدد من القوانين والقواعد التي تختلف عن القواعد الدينية فضلا عن عدم تحرك الاقتصاد في رأيه بمنطق الحلال والحرام وإنما بمنطق المكسب والخسارة، وأضاف أن مفهوم الاقتصاد الإسلامي ظهر في مصر في فترة الثمانينيات مع شركات توظيف الأعمال التي عملت على توظيف الدين لجذب المودعين إليها، واتفق معه في الرأي د. صلاح جودة رئيس مركز الدراسات الاقتصادية مؤكدا أن التسليم بمسمى الاقتصاد الإسلامي سيؤدي لظهور اقتصاديات أخرى مسيحية ويهودية وبوذية.. الخ، لافتا أن النظام المالي العالمي يعمل وفق آليات ونظم معينة ليس من بينها المعاملات الإسلامية.