الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين


الشيخ علي مطر: لحظات السعادة هي السجود بين يدي الله

تاريخ النشر : السبت ١٩ مايو ٢٠١٢



قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق: دعونا نعيش مع لحظة عظيمة من لحظات السعادة الحقيقية، لحظة من لحظات القرب من الله تعالى والتذلل والخضوع له سبحانه، مع لحظة الشرف والرفعة والسمو الروحي للمؤمن.. إنها لحظة السجود بين يدي الله ذي الجلال والكمال والعظمة.. قال الله تعالى: «يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لعلكم تفلحون».
وقال سبحانه: «... وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ».
وبيان ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدلاعَاءَ».
مع هذا السجود للرب سبحانه يسجد كل شيء فينا، فالروح تسجد والبدن يسجد والقلب يسجد وكل جوارحنا تسجد للخالق الباريء سبحانه.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ وَجْهُهُ وَكَفَّاهُ وَرُكْبَتَاهُ وَقَدَمَاهُ».
وبهذا السجود يقف الإنسان على حقيقة نفسه ويعرف قدرها، ويعلم بأنه من الأرض وخلق من تراب الأرض وعناصرها، ومرجعه إلى الأرض ثم مبعثه من الأرض.
قال الله تعالى: «مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى».
فلا مجال للكبر ولا التعالي ولا العجب ولا التفاخر على الآخرين بالنسب ولا بالحسب ولا المال والجاه والمصب وغير ذلك.. قال تعالى: «... إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
ولو كتب الله عز وجل للساجد أن يموت في هذا الوقت، لكانت علامة على حسن خاتمته فهي الميتة الحسنة فما أعظمها من ميتة ونهاية للحياة.
وقد مر بنا من قبل قصة التابعي ثابت بن عامر رحمه الله وهو على فراش المرض، لما سمع أذان المغرب، فقال لأبنائه احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت مريض وقد عذرك الله، قال:لا إله إلا الله أسمع حي على الصلاة حي على الفلاح، ثم لا أُجيب والله لتحملوني إلى المسجد، فحملوه إلى المسجد، ولما كان في السجدة الأخيرة قبض الله روحه، وكان هذا الرجل إذا صلى الفجر قال اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قيل له وما الميتة الحسنة، قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد. فأعطاه الله على نيته.
وأما عن فضائل السجود لله تعالى:
فيقول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السلاجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَة».
«إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ لِلْصَلاةِ أُتِيَ بِذُنُوبِهِ كُلِّهَا فَوُضِعَتْ عَلَى عَاتِقَيْهِ، فَكُلَّمَا رَكَعَ أَوْ سَجعَنْهُ».
ولما سأل الصحابي رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلا أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِى الْجَنَّةِ. قال له: «فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السلاجُود
ومن فوائد السجود الصحية أنه يقوي الذاكرة، ويسبب الراحة النفسية ويخلص من الآلام الجسدية والتوتر النفسي وغيرها من الأمراض العصبية والعضوية. ويساعد الجسم على تفريغ الشحنات الكهرومغناطيسية الزائدة التي تسبب بعض الأمراض كالصداع وتقلصات العضلات وتشنجات العنق والتعب والإرهاق إضافة إلى النسيان والشرود الذهني.. وغيرها من الفوائد التي ذكرتها بعض البحوث والدراسات.
وحتى يكون السجود صحيحا مقبولا تجب الطمأنينة فيه وتمكين الجبهة والأنف وسائر المساجد السبعة من الأرض، ما لم يمنعه مرض أو عجز عن ذلك.
قال النبي عليه الصلاة والسلام:
«أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ...».
«لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ يُصِيبُ أَنْفَهُ مِنَ الأَرْضِ مَا يُصِيبُ الْجَبِينَ».
«أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِصَلاَةِ الْمُنَافِقِينَ، يَدَعُ الْعَصْرَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، أَوْ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَ كَنَقَرَاتِ الدِّيكِ لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِنَّ إِلاَّ قَلِيلا».
ورأى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم رَجُلاً لا يُتِملا رُكُوعَهُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَال صلى الله عليه وسلم: «لَوْ مَاتَ هَذَا عَلَى حَالِهِ هَذِهِ، مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم».
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي سِتِّينَ سَنَةً مَا تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ، لَعَلَّهُ يُتِملا الرلاكُوعَ، وَلاَ يُتِملا السلاجُودَ، وَيُتِملا السلاجُودَ، وَلاَ يُتِملا الرلاكُوعَ».
فعلينا أن نستمتع بالسجود بين يدي الله تعالى، فهو وقت الخشوع والتذلل والدعاء والمناجاة والقرب منه سبحانه.