الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الثقافي

قصة قصيرة

تطهير الشرف (1)

تاريخ النشر : السبت ١٩ مايو ٢٠١٢



تعريف بالكاتب: وولد نوربرتو فونتس في عام 1943 في هافانا بكوبا. بعد دراسة الفن اتجه إلى الصحافة وكان هو الصحفي الذي شهد عمليات جيش الثورة الكوبي ضد قطاع الطرق المناوئين للثورة في جبال اسكامبريه في أوائل الستينيات. والقصص المنشورة تحت عنوان:
«مدان كوندادو» تستند إلى تلك التجارب وقد منحت جائزة كازا دي أمريكا في عام.1967 خلال معظم حياته كان مناصراً متحمساً للثورة الكوبية وعمل فونتس كمراسل حربي مسافراً مع القوات الكوبية إلى أنجولا ونيكاراجوا والسلفادور. كتب رواية (هيمنجواي في كوبا) في عام 1984 ومع نهاية الثمانينيات أصيب بخيبة أمل بالثورة الكوبية وبعبادة شخصية كاسترو وفي آخر الأمر غادر إلى المكسيك في عام 1994 حيث يعيش حاليا. إن قصص مجموعة (مدان كوندادو) التي أخذت منها القصة التالية تحقق تأثيراً متصاعداً يثير الفضول لدرجة أن القارئ نادراً ما يجدها في أي مجموعة قصصية. والعديد من القصص تذكرنا في حالة الحاجة إلى التذكير بأنه خلال الثورة هناك غالباً أحداث تدعو للابتسام.
جرؤ العامل المسن على أن يقول له: «إن الوقت متأخر بعض الشيء. استمع إلى الديكة. إنها تقول إن الوقت متأخر. لماذا لا تذهب إلى البيت لبعض الوقت وتريح رأسك الصغير قليلاً ؟ كل شيء يمكن ترتيبه. اتبع نصيحة رجل عجوز. لماذا لاتذهب إلى البيت؟».
«لا أفعل أي شيء!» صاح الجندي الرديف الجالس على الكرسي بجانب الطاولة حيث وضع رشاشه الصغير وحزامه مع علبة صغيرة تحتوي على ثماني مجلات. جعل الكرسي ينحني ضد الجدار، قميصه كان متجعداً وخارجاً من بنطاله. النوم أثقل رموشه.
قلت لا أفعل أي شيء. لا أحد سوف ينام في هذا المنزل حتى يتم تطهير شرف رجولتي، ويتم تطهيره جيداً، إلى أن يلمع.
كرر الرجل المسن مرة أخرى ما كان يقوله منذ الظهر: لكن كيف يمكننا تطهيره؟ انظر كم هو متأخر.
«أنت ماكر جداً أيضاً أيها العجوز. اغلق فمك الآن. سألتني كيف أطهر شرفي. لاأزال لا أعرف كيف وبالرغم من ذلك هناك شيء داخلي يخبرني بأن انتقامي يجب أن يكون طويلاً وفظيعا. لا يمكن أن يكون بأي طريقة أخرى. من الواضح أنك لم تكن في تلك الثكنات اليوم. تقول إننا ينبغي أن نرتب هذه الأمور غداً. الشرف لا يمكن أن ينتظر» أعلن بصرامة وفي الحال ضغظ على صدغيه لكي يطلق فكرة ما خارج دماغه.
«آه، لا أستطيع أن أفكر في أي شيء سيكون انتقاماً» فلورنتينا الجالسة بين والديها كطفلة مدرسة مهذبة فقدت حيوية وركيها اللذين يشبهان دفة السفينة والآن سقط شعرها الأسود الباهت بفتور فوق ذراعيها وبدا جلدها كأنه ينصهر في قطعة واحدة مع ملابسها. تلك القطعة كانت منديلاً رطباً مسحوقاً.
«لاتبك دموعاً أكثر خارج تلك العينين» أمر الجندي الرديف منهياً بعبارة »عاهرة مواعدة لشخصين«.
«ذلك لن أسمح به» قالت الأم التي بدت نائمة وهي تقفز.
«أوه لا ؟» سأل الجندي الرديف وأخذ الرشاش الصغير من على الطاولة: «سنرى إذا لم تفعل».
«يا إلهي، لا تفعل ذلك» قالت الأم.
واستمر هو في الكلام.
«لن أسمح؟ من طلب منك أن تولدي عاهرة مواعدة لشخصين؟».
نشيج طويل صدر من روح فلورنتينا.
أخيراً بدأ الجندي الرديف في البكاء أيضاً وأخذ قطعة من الورق من جيبه. كانت ورقة مخططة ممزقة من دفتر مدرسة حيث كانت فلورنتينا قد كتبت بأحرف كبيرة ومبعثرة. هل رأيت هذا، أيها الرجل العجوز؟ هل نظرت إليه جيداً؟
»نعم ابني. لم أشاهد أي شيء أخر منذ الظهر. حينما وصلت أنت«.
«لكن هل قرأت ما تقوله الكلمات بعناية؟ انظر هنا. الحلويات التي أرسلتها لي كانت لذيذة. هل قرأت ذلك؟ وهنا، انظر هنا إذا كان لديك أي ملابس متسخة أرسلها لي لكي أستطيع غسلها. ألا ترى؟ والآن هو يبكي بعنف حقيقي ويفك العقدة التي في حنجرته والتي تشكلت حينما ناداه المرشد المصاحب.