الجريدة اليومية الأولى في البحرين


بالشمع الاحمر


قُضِيَ أمر الاتحادِ..

تاريخ النشر : الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢

محمد مبارك جمعة



لم تكتف «الوفاق» بتسديد ضربة قاضية إلى ما تبقى من كيانها عبر قيامها أمام مرأى ومسمع العالم بتنفيذ أوامر طهران بالتظاهر ضد الاتحاد الخليجي تزامناً مع التظاهرات في العاصمة الإيرانية، وبالتالي سقوط ورقة التوت الأخيرة، حيث لن يصدق حتى المجنون بعد الآن أن «الوفاق» ليست تابعة لإيران، وأنها ليست «أراجوزاً» خيوطه تحركها الأيادي الإيرانية كيفما تشاء، أقول لم تكتف «الوفاق» بهذا، بل صنعت بنفسها فرصة لائتلاف الجمعيات السياسية «الفاتح» ليعود من جديد بحشوده الضخمة وكلمته الطولى بإصرار أكبر من السابق على فرض إرادته والتعبير الصريح عن طموح الشعب البحريني العربي، وطموح أشقائه في دول الخليج، بتنفيذ اتحاد دول الخليج العربي على وجه السرعة ومن دون تأخير.
بعض المحللين السياسيين، كتب يقول إن «الوفاق» أخطأت في اختيار توقيت إقامة التظاهرة، وأنها بذلك خسرت كثيراً وارتكبت محظوراً سياسياٌّ كبيراً، غير أنني أرى أن مصطلح «الصواب» أو «الخطأ» يمكن أن يستخدم لوصف فعل قام به شخص يملك أمره، ويتحكم في قراراته بنفسه، بيد أن هذه الوضعية ليست منطبقة على «الوفاق»، إذ لا نستطيع منطقاً أن نقول إنها أخطأت أو أصابت لأنها من الأساس لا تملك القدرة على فعل الصواب أو الخطأ، ولأنها مسيّرة وليست مخيّرة. وحيث إن المظاهرة التي دعت إليها إيران في البحرين لم تنجح، ولم تحقق شيئاً يغيّر الواقع القادم، ولأن يوم أمس كان يوم جماهير البحرين التي قالت كلمتها الفاصلة، طلبت إيران مجدداً من «الوفاق» إعادة الكرّة، ومحاولة التشويش على تجمع الفاتح يوم أمس، فتقدمت بطلب عاجل لتنفيذ تجمع في منطقة قريبة من ساحة الفاتح، وقوبل هذا الطلب بالرفض من الجهات الأمنية المختصة، لأنه كان سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
حينما قلت قبل يومين إن هناك من العقلاء - من أتباع الوفاق - من يريدون سماع الحقيقة التي دائماً ما يتم إنكارها، وهي أن «الوفاق» أداة من أدوات إيران في البحرين، حينما قلت هذا، كنت على يقين بأن ثمة من سيفتح عينيه وسيدرك الحقيقة ويفهم أنه لا يتبع إلا جماعة مسيّرة، وبالفعل، خرجت بعض الأصوات المنصفة، وإن كانت قليلة جداٌّ، لكنها تمردت على موقف «الوفاق» وأعلنت رفضها واستنكارها الانجرار بهذه الطريقة خلف الأوامر الإيرانية والتدخلات السافرة في شأن البحرين. من بين من خرجوا وقالوا كلمة حق، أحد نواب «الوفاق» السابقين، لكنه بالطبع قوبل بسيل من الشتائم والتسقيطات. أيضاً قرأت تعليقات لبعض من ذهبوا إلى فعالية «الوفاق» ثم عادوا وهم يشعرون بالخيبة والإحباط بسبب ما رأوه من تقديس لشخص «عيسى قاسم» الذي كانت صوره منتشرة أكثر من أعلام البحرين نفسها، علاوة على ما تم ترديده من شعارات هي كالعادة انقيادية وانصياعية.. «فليفنى الشعب.. ويبقى قاسم»..! لقد تم خداعهم، لم تكن مسيرة من أجل الوطن، بل كانت مسيرة من أجل إيران، ومن أجل ترسيخ فكرة الانقياد والتسليم لأوامر الولي الفقيه.
لقد قالت جماهير البحرين كلمتها وقضي الأمر، واتحاد دول الخليج العربي واقع على الأرض ينقصه فقط الإعلان الرسمي. أما من تحركهم طهران على أرض البحرين، فمن الأفضل لهم أن يفكروا فعلياً في الذهاب إلى حيث النموذج الذي يرون فيه قدوتهم العليا.