في الصميم
تركها تضعف خسارة للجميع
تاريخ النشر : الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢
لطفي نصر
حرصت أمس على التوجه إلى نادي العروبة كي أدلي بصوتي في انتخابات مجلس جمعية الصحفيين البحرينية، رغم أنني كنت مترددا مثل الكثيرين من الزملاء.. ولكني وجدت نفسي أنتصر فجأة على هذا التردد.. فكيف لي أن أتخاذل وأنا الذي أوقن دائما أن الخذلان يكرس السلبية والخسران.
الباعث الذي قفز في النفس فجأة وجعلني أتوجه إلى حيث تجري الانتخابات، هو خوفي من أكون ظالما على طول الخط لجمعية الصحفيين في الوقت الذي أعلم فيه، أنه لا ذنب كبيرا لها فيما هي فيه من ضعف وهوان.
الحقيقة المرة والمؤكدة هي أن جمعية الصحفيين في البحرين من أضعف جمعيات ونقابات الصحفيين في العالم العربي.. والمسئول عن هذا الضعف، الذي يحز في النفس كثيرا ليست الجمعية نفسها.. انما المسئول معها وبالدرجة الأولى: الحكومة.. ودور الصحف.. وكل وسائل الإعلام.. وجميع الأجهزة المعنية بالإعلام والثقافة.. والمجتمع البحريني بأسره.
والمؤسف حقا هو أن ما هو حاصل على الساحة الداخلية من انقسامات وتحزبات وتشرذمات ينعكس سلبا على الجمعية ودورها.. وهو جالب للضعف والهوان إليها.. ولا يحق لأحد أن ينكر أن ذلك هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت بعض الصحفيين والإعلاميين يقاطعون الانتخابات.. مع العلم بأن هذا التأثير المؤسف قديم وليس جديدا.. وقد برز بعد إعلان قيام الجمعية بقليل.. من حيث سعي البعض من الجسم الصحفي نفسه نحو تشكيل جمعية أو نقابة أخرى للصحفيين.. وهي التي لم تقم لها قائمة بعد.. بل نراها تسهم في الكثير من الفعاليات والمواقف باسم «نقابة الصحفيين تحت التأسيس».
وميزانية جمعية الصحفيين.. أو صندوقها.. وما بداخله - إن وجد به شيء - أضعف بكثير من ميزانية «برادة» صغيرة في حارة ضيقة.. ولا يكاد يكون لها نشاط يذكر.. ولا يعود وجودها على رجال الصحافة والإعلام من أعضائها بأي شيء على الإطلاق.. لا من خلال الجمعية.. ولا حتى من خلال المجتمع.. هذا بعكس كل جمعيات أو نقابات الصحفيين العربية أو الأجنبية.. والمسئول عن ذلك كما أشرت من قبل: الصحفيون والإعلاميون أنفسهم.. ودور الصحف.. والوزارات والهيئات المعنية.. الخ.
بحسب معلوماتي - وهي مؤكدة - فإن صناديق نقابات الصحفيين: المعاشات.. والعلاج.. والخدمات الاجتماعية.. وغيرها يسهم في تمويلها كل الأطراف التي أشرت إليها وخاصة دور الصحف والحصة المعلومة من دخل الإعلانات.. مع العلم بأن أيا من هذه الأطراف «لا حياة لمن تنادي»، رغم أن الصحافة والصحفيين يقدمون خدمات جليلة إلى الوطن.. ولهم دور حيوي في تحقيق الاستقامة والحياة لجميع الأمور على الأرض.
ويؤسفني أن اقول إن ميزانية جمعية الصحفيين تقترب من الصفر، إلى درجة أن الجمعية تجد نفسها عاجزة عن تلبية أي دعوة للمساهمة في الندوات والمؤتمرات والاجتماعات المهمة خارج حدود الوطن.. وأنها - أي الجمعية - إن أقدمت على هذه المشاركة فإن رئيس الجمعية هو الذي يتكفل بذلك من جيبه الخاص.. حتى أن الجمعية تكاد تكون بلا مقر لائق يذكر حتى الآن.. وقد تفضل جلالة الملك وأنعم على الجمعية بقطعة أرض لبناء مقر عليها.. ولكن للأسف لا تعلم الجمعية أين هذه الأرض حتى الآن.
كل ذلك مع أن الجميع يدرك حقيقة مؤكدة مقتضاها «أنه إذا أردت أن تقيس وزن أمة فأنظر إلى صحافتها» وأنا أرى أن الحقيقة هي «انه إذا أردت أن تدرك وزن أو درجة تحضر أي أمة فأنظر إلى الكيان الذي يمثل صحافتها وإعلامها»!
وإذا كان ما أشرت إليه عيبا كبيرا في الظروف والأحوال العادية، يتطلب الأمر التحرك من أجل تداركه وعلاجه.. فما بالنا وهناك من يتربصون الآن بالوطن وبكل صروحه ومؤسساته وكياناته.. والنوايا من أجل اختطافه أو الفتك به مبيتة من دون توقف أو مهادنة.. فماذا ننتظر أن يكون من كيان ضعيف مثل جمعية الصحفيين، مع أنها ورسالتها ودورها شديدة الحيوية وعلى درجة عالية من الأهمية.
ورغم كل ما قلت فإنني أجد الأمل كبيرا في مجلس الجمعية الجديد برئاسة الأستاذ مؤنس المردي.. وأطالبهم جميعا بأن يضعوا كل طرف أمام مسئولياته ودوره في عناد وبسالة وبقلوب مطمئنة يساندهم في ذلك ملك كريم أعلن على الملأ أنه متحيز للصحافة والصحفيين والإعلاميين، وأنه لن يسمح بأن يهان أي صحفي أو إعلامي في عهده.. ورئيس وزراء يشهد الجسم الصحفي له بأنه المحظوظ به.. فهو الأكثر إدراكا لدور ومكانة الصحفيين.. والأشد غيرة على كرامتهم والمعلي على الدوام لمكانتهم وقدرهم.. وهو الذي يجد سعادة بالغة عند تثبيت الأوسمة على صدورهم من خلال كلماته الطيبة في حقهم ومن دون توقف.