الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أفق


مير حسين موسوي من رئاسةِ الوزراءِ إلى السجن (2-3)

تاريخ النشر : الاثنين ٢١ مايو ٢٠١٢

عبدالله خليفة



الاشتراكية الإسلامية أو اليسار الإسلامي مصطلحان رددهما مير حسين موسوي، ويعبران عن شكل آخر من أشكال اشتراكية البرجوازيات الصغيرة ذات المنهج الانتقائي.
حيثُ القول بالدفاع عن(الفقراء) وإنصافهم والتقريب بين الميسورين والمعسرين، مثلما يجري في العبادات والحياة الاجتماعية بعمل المشتركات والتعاون، والأكل الجماعي والمساعدة.
وهنا تظهر رأسماليةُ الدولة كأبٍ عطوفٍ على المساكين، وتقومُ بتشغيلهم بأجورٍ متدنية، أو تخوضُ بهم الحرب الوطنية ويتحولون إلى كاسحات ألغام أرضية، ويبنون المنشآت والمؤسسات المختلفة.
هذه الاشتراكية تظهرُ فيما بعد للفقراء والفئات المتوسطة كمعسكراتِ عملٍ لامتصاصِ فائض القيمة لمصلحة الرأسماليين الحكوميين، الذين يوجهون مسارات التطور الاقتصادي السياسي حسب سيطرتهم على جهاز الدولة.
هنا نجد المشابهات بين معسكرات الشغل الروسية ورأسمالية الدولة فيها وبين الماوية و(الماركسية) الموضوعة لخدمة سحق البروليتاريا.
وكما عمل حزب الشعب الإيراني (توده) على إنهاك العمال في صراعات ضد النظام والرأسمالية بتعابير مثل الطبقة العاملة منجزة الاشتراكية، فإن البرجوازية الصغيرة الدينية المتسلقة بين النقائض الاجتماعية عبر موسوي تستخدمُ مصطلحات مختلفة مثل (المستضعفين) و(المحرومين) من أجل إغناء الرأسمالية الحكومية.
وهذا التدهورُ في المصطلحات يعبرُ عن قيام قوى(اليسار) بإلغاء التحالف الديمقراطي التاريخي بين العمال والبرجوازية الحديثة، من أجل صعود قوى الإقطاع الطائفي.
وقد رأينا كيف سلمَ حزبُ توده الرايةَ الحمراء في لحظة صراع خطيرة بالنسبة إلى الأمم الإيرانية إلى القوى الظلامية، فيواصل بعده مير موسوي تسليم الراية الخضراء للرأسمالية الحكومية.
هذا التدهور يعبرُ من جهةٍ أخرى عن تفاقم الانتهازية بين كتل البرجوازيات الصغيرة لخدمة الإقطاع الذي بفضل هذه الجهود صار رأسمالية دولةٍ ضخمة، وهذا التحول لم يتوجه للاشتراكية ولا إلى الرأسمالية الديمقراطية.
تغدو رأسمالية الدولة تابعة لمسار الصراعات الاجتماعية وللجهود الحكومية أو الشعبية بتوجهيها إلى هذا السبيل أو ذاك. القوى الإقطاعيةُ القروية الطائفية التي هيمنتْ على المدن والأجهزة العامة والوعي الشعبي ستصعدُ نحو القمة، وتستثمر التقنيات الحديثة، لا الفكر الديمقراطي الحديث، ستركبُ تخلفَها على الأجهزة العسكرية والاقتصادية وتستغلُها للبقاء في السلطة مع غياب قدرتها على مقاربة الليبرالية والديمقراطية.
ستغدو هذه القوى المسعورة للقوة وجمع المال مصعدةً أكثر للتمزق الطبقي وإضعاف الفقراء وقمع العمال والمثقفين الأحرار.
اشتراكية مير موسوي مثلما تصعد من تسمى بحثالة البروليتاريا إلى مصاف السلطة فإنها ستكون جزءًا من ضرب اليسار والعقلانية ودولة التآمر على الشعوب وعلى المسار الديمقراطي الحديث في الدول الأخرى.
إن رئيس وزراء إيران في تلك السنوات مير موسوي لن يستطيع وقف زحف تلك الطبقة على مقابض السلطة وقيامها بالقمع والعنف، يقول في إحدى حواراته:
(تتم العمليات في الخارج، من دون علم مجلس الوزراء ولا بموجب أوامر منه. أنتم تعرفون أفضل (مني) عن عواقبها الكارثية وغير المرغوبة على هذا البلد (إيران).
وأضاف «لقد جرى إبلاغنا بخطف طائرة، بعد خطفها. وتم إطلاعي بأن مدفع رشاش فتح النار في أحد شوارع لبنان ويمكن سماع صوته في كل مكان، ولكن بعد وقوع هذا الحادث. وأُبلغت عن العثور على متفجرات وسط الحجاج بعدما حدث ذلك». «للأسف وعلى ضوء الخسائر التي تكبدتها البلاد جراء هذه الأعمال، فيمكن أن تحدث في أي لحظة أو ساعة وبإسم مجلس الوزراء».
هذا وقد طلب العديد من المثقفين والمفكرين والسياسيين الإيرانيين من موسوي التعبير عن رأيه حول عمليات الإعدام الجماعية للآلاف من السجناء السياسيين في عام 1988 وأن يشرح دوره فيها.
إن القضية ليست فقط أن يشرح دوره في عمليات القتل الجماعية للمناضلين بل الأهم هو تفسير تحول الدولة من وعد بالجنة للفقراء إلى أن تكون جحيماً لهم؟
إن رأسمالية دولة تفتقد الديمقراطية وحرية الأحزاب والانتخابات الحرة ستؤدي إلى صعود قوة عسكرية تسيطر عليها وتقودها لتحولات مغايرة تماماً عن مساعدة الفقراء وانتشال المحرومين من عذاباتهم وظروفهم.
إن الاشتراكية الإسلامية ومقولات اليسار الإسلامي هي تصعيد لقوى ما قبل الرأسمالية الحديثة إلى السلطة التي تؤدي إلى تخريب التطور الاقتصادي وجعل القطاع العام يخدمها بدلاً من أن يقوم بنشر التصنيع واجتثاث التخلف.