الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

في طريق المرشحين إلى الرئاسة

مصر.. الطريق إلى قصر العروبة مفروش بالألغام

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٢



تعتبر الانتخابات الرئاسية المصرية أول انتخابات تعددية في تاريخ مصر ومع ذلك فلم يجد الشعب زعيما ثوريا أو مرشحا للثورة يلتف حوله الشعب وتدعمه القوى والتيارات السياسية والليبرالية وائتلافات شباب الثورة كافة بسبب التناقض في المواقف أو بسبب الانتماء للنظام السابق أو بسبب الأفكار القديمة والكلام الانشائي المستهلك الذي لم يقدم جديداً أو حلولاً للواقع المصري الصعب منذ سقوط مبارك؛ حتى ان الخبراء أوضحوا أن المرشحين لن يستطيعوا تنفيذ برامجهم الانتخابية في ظل البرلمان الحالي الذي سيدخل في عناد سياسي في حال فوز مرشح لم تدعمه قوى البرلمان الإسلامية، وما بين التباين في الأفكار والأطروحات التي يقدمها المرشحون للرئاسة تبقى معضلة المواقف السابقة والانتماءات القديمة لغما في طريق المرشح وقد يشكل صعوبة كبيرة في وصوله إلى القصر الجمهوري، ونحن في هذا التحقيق نحاول أن نلقي الضوء على أكبر الألغام التي تواجه الخمسة الكبار والمرشحين بقوة في الانتخابات الرئاسية:
عمرو موسى
رغم أنه يتمتع بكاريزما وحضور قوي فان الزهو والفخر وحديثه عن إنجازته وتاريخه طويلا قد أظهر ما قد يسمى «التضخم في الأنا»؛ فوزير الخارجية الأسبق وأمين جامعة الدول العربية السابق يبقى من الشخصيات الأكثر تأثيراً في الشعب نظراً لشخصيته الجذابة وحضوره القوي وتاريخه المعروف في الخارجية المصرية؛ لكن ما يعيب المرشح الرئاسي حسب رؤية د.عماد جاد المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية: الغرور والزهو بتاريخ قديم حتى إن كان إلى حد ما مشرفاً إلا أنه كان أحد قيادات الحرس القديم للرئيس مبارك ورغم ثقة الرئيس السابق في عمرو موسى أثناء توليه وزارة الخارجية لدرجة أنه ترك موسى يتصرف في كثير من الأمور الخارجية حسب رؤيته وخاصة في الأمور الإفريقية التي ابتعد عنها مبارك بعد محاولة الاغتيال الشهيرة التي نعاني تأثيرها إلى الآن حيث ابتعدت مصر كثيراً عن العالم الإفريقي وتركت الساحة إلى العدو الصهيوني على مدار أعوام طويلة حقق خلالها مكاسب، فان الواقع كان يؤكد أن مباركا حينما كان يرغب في أمر سياسي خارجي كان موسى مجرد سكرتير بدرجة وزير خارجية ينفذ التعليمات حسب رؤية القيادة السياسية ولا يستطيع أن يخالفها، ومما لا شك فيه يبقى موسى أحد رجال مبارك المخلصين حتى إن بدا الانتفاض من هذا النظام ويحاول أن يظهر كأنه كان معارضا دائما للسياسات الخاطئة في عهد مبارك.
أحمد شفيق
يستمر شفيق في صعوده المتميز في استطلاعات الرأي والبرامج الحوارية حيث كان دائماً منذ عدة أشهر في مؤخرة الترتيب إلا أن الأحداث المتتالية لبعض المرشحين المستبعدين مثل عمر سليمان وخروج أبواسماعيل وتغيير لغة الخطاب السياسي لشفيق جعلته يدخل دائرة الضوء والاهتمام من جديد وقد يكون من أقوى المنافسين على الكرسي الرئاسي وتشير التوقعات إلى احتمالية دخوله جولة الإعادة، ولكن تبقى معضلة الانتماء العسكري أو الخلفية العسكرية وموقعة الجمل حسب رؤية د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: من أهم العوائق التي تصعب من مهمة شفيق في الانتخابات الرئاسية ولا نعرف السبب حول إنكاره المستمر لهذه الموقعة وأنه لم يكن على علم بهذه الأحداث إلا من خلال شاشات التليفزيون والتقارير السياسية بعد الموقعة بيوم وهذه دلالة واضحة على أنه كان مغيبا عن الأحداث السياسية في ذلك التوقيت وأعتقد أنه لا لوم عليه لأن النظام بأكمله كان مرتبكا في تلك المرحلة الثورية حتى أصر الثوار على إسقاط هذا النظام بكل رجاله، كما تبقى الخلفية العسكرية التي سئم وتشاءم منها الشعب المصري معضلة في صعود شفيق للكرسي الرئاسي ونحن لا نقول ان العسكرية سٌبة ولكن الشعب اكتفى بالرؤساء العسكريين الذين حكموا البلاد منذ عام 52 ونطالب الآن بالتغيير الحقيقي في صعود رئيس مدني يحقق تطلعات الشعب ولا نريد رئيسا من رجال النظام السابقين حتى لا نعيد بناء نظام مبارك ولكن بأوجه وشخصيات أخرى.
محمد مرسي
تبقى كلمة «المرشح الاحتياطي» السبة التي تواجه محمد مرسي المرشح الإخواني إلى الانتخابات الرئاسية حتى إن كان يظهر دائماً عدم غضبه من هذه الكلمة فان الرجل يشعر دائماً حتى إن فاز بالانتخابات الرئاسية بأنه المرشح «الاستبن» ورغم أدائه البرلماني المتميز في برلمان 2005 حيث فاز بأفضل أداء برلماني لم يشفع له داخل جماعة الإخوان لتدفع برئيس حزب الحرية والعدالة إلى السباق وقدمته بدلاً من المرشح المستبعد خيرت الشاطر ورغم طابور الخبراء والمستشارين القانونيين للإخوان فانهم لم يدركوا طبيعة العفو الذي أصدره العسكر بحق الشاطر حيث لم يكن عفواً كاملاً يستحق من خلاله ممارسة حقوقه السياسية ووقتها استشعر الإخوان الحرج وقرروا الدفع بمرسي في السباق الرئاسي، ولكن تبقى معضلة التراجع الشعبي للإخوان المسلمين عامة من الأمور التي قد تعوق تقدم مرسي في الانتخابات الرئاسية حسب تأكيد علاء عبدالمنعم مساعد رئيس حزب الوفد السابق؛ لأنهم لم يكونوا واضحين مع الشعب المصري من البداية فبعد أن فازوا بأغلبية مقاعد البرلمان وعدوا الشعب بأنهم لن يقدموا مرشحا اخوانيا في الانتخابات الرئاسية ولكنهم تراجعوا عن وعدهم بحجة تغير المناخ السياسي، كما أن عدم وضوح الرؤية الاخوانية في الوصول إلى السلطة بحسب ما تقتضيه المصلحة الاخوانية من الأمور التي جعلت الشارع يرفض هذا المبدأ الاخواني لأنهم ظهروا على حقيقتهم من خلال البرلمان الذي يصر بنوابه ورئيسه الاخواني على سحب الثقة من حكومة الجنزوري مما تسبب لهم في حرج شديد أمام الشعب المصري وأيضاً مشكلة الاستحواذ على تأسيسية الدستور التي انتخبها الإخوان وفازوا بها بمبدأ «الورقة الدوارة» وبالفعل كانت انتخابات فضيحة وأشد قسوة من انتخابات الحزب الوطني المنحل، وجميع هذه الأمور وغيرها من العوامل التي ستفقد مرسيا كثيراً في سباقه الرئاسي الذي لن يدعمه فيه إلا بعض الناخبين المتحيزين إلى تطبيق الشريعة وأعضاء جماعة الإخوان في كل المحافظات الذين سينتخبونه بالأمر من مكتب المرشد العام ولكن النية محلها القلب عند الإدلاء بأصواتهم.
حمدين صباحي
يتمتع المناضل الناصري وأحد أبرز مؤسسي نادي الفكر الناصري في جامعة القاهرة 1974حمدين صباحي بأفضيلة قد تميزه عن غيره من المرشحين الحاليين حيث يعتبره البعض أنه الابن الشرعي للثورة والمرشح الثوري الذي كان من الأفضل أن يلتف حوله شباب وحركات وائتلافات الثورة أو على الأقل يكون داخل المجلس الرئاسي في الفترة القادمة تحت أي مسمى لأن نجاحه يؤكد تحقيق مطالب وشرعية الثورة ولكن ما يعيب حمدين حسب رؤية د.عمرو الشلقاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية: التوجه الدائم والمستمر للفكر الناصري والتعصب والاندفاع والقرارات السريعة التي يتخذها بدون تفكير رغم أنها قرارات ثورية تعبر عن رجل ثورة فانها لا تجدي نفعاً في الواقع السياسي الذي نعيشه حاليا وينبغي له كمرشح قوي للرئاسة المصرية أن يجدد ويطور الفكر الناصري الذي يعتنقه حسب التوقيت الحالي الذي يعيشه الشعب المصري، بمعنى أن يحاول تجديد فكره حول حلم القومية العربية الذي لن تؤتى ثماره في الوقت الحاضر وخاصة بعد صعود قوى عربية جديدة لن تتخلى عن دورها في المنطقة سواء بالمال أو بسلاح المعونات والاستثمارات، وأيضاً بسبب القومية العربية التي يؤمن بها حمدين لم نجد تصريحًا واحدًا ضد النظام الليبي ولا ضد دكتاتورية القذافي والأمر ذاته بالنسبة إلى النظام السوري، فيما جاءت أغلب تصريحاته تدور حول حرية الشعوب العربية وتمتعها بالديمقراطية وقد تكون كل هذه الاستدلالات مؤشرًا واضحًا على تمسك حمدين بقلاع عبدالناصر ومن يمثلها في عصرنا الحاضر حتى إن كان رئيس الدولة العربية قاتلا لشعبه أو دكتاتورًا وربما يكون هذا الموقف سهمًا ضد صباحي في سباق الرئاسة.
عبد المنعم أبوالفتوح
ارتفعت أسهم أبوالفتوح كثيراً بعد استبعاد المرشح السلفي أبوإسماعيل والقيادي الاخواني خيرت الشاطر من السباق الرئاسي حتى قرر التيار السلفي بعد المعارك الطويلة التي خاضها مع أبوإسماعيل لعودته من جديد إلى السباق الرئاسي بعد قضيته الشهيرة حول الجنسية الأمريكية لوالدته ورغم قرار الاستبعاد النهائي لم ييأس التيار السلفي في تقديم الدعم الكامل للمرشح الإسلامي ذي المرجعية الإخوانية عبدالمنعم أبوالفتوح في خطوة اعتبرها البعض ضربة سلفية للإخوان وأظهرت مدى الندية السياسية للطرفين الإسلاميين المتنازعين سياسيا، ورغم تصدر أبوالفتوح المشهد الشعبي فان الازدواجية في المواقف سوف تكون عائقاً أمامه في الوصول إلى القصر الجمهوري حسب كلام د.جمال حشمت عضو مجلس شورى الإخوان وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة؛ لأن الكلام المصطنع غير المبني على مواقف يكون معيباً لصاحبه ويفقده التوافق الشعبي فمثلاً حين قرر أبوالفتوح عدم وجود وضع خاص للجيش في الدستور القديم تراجع عن موقفه، وحين وافق على حرية العقيدة للمصريين وحرية الدخول والخروج من الدين الإسلامي للمسيحي والعكس تراجع عن موقفه، وحين أكد أن تمويل حملته الانتخابية من جيبه الخاص بمساعدة أفراد العائلة تراجع وقال انها أموال وتبرعات بالجهود الذاتية وهو ما يضع شكوكاً حول تمويل حملته الانتخابية، وغيرها من المواقف الكثيرة التي أفقدته مصداقيته في الشارع المصري، مشيراً إلى أن الإخوان لم ولن يهتزوا كثيراً بسبب تأييد التيار السلفي لأبوالفتوح كأننا في عناد سياسي ومن لم يكسب الإخوان في صفه فهو خاسر مستقبلاً لأن جميع القوى السياسية والإسلامية تلجأ للإخوان في حال أرادت الدعم الاخواني لشخصية معينة ولذلك حين انشق أبوالفتوح عن الجماعة وقرر الترشح مستقلاً أعلن التيار السلفي دعمه بعد خروج أبوإسماعيل وحين تأكد لهم بالدليل أنهم سوف يكونون بعيدين عن الصورة قرروا منافسة الإخوان وإعلان المرشح ذي المرجعية الاخوانية.
وكالة الصحافة العربية