عربية ودولية
المصريون يختارون رئيسهم للمرة الأولى في انتخابات غير محسومة سلفا
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٣ مايو ٢٠١٢
يتوجه المصريون اليوم الأربعاء وغدا الخميس إلى مراكز الاقتراع للمشاركة للمرة الأولى في تاريخهم في انتخابات رئاسية لا تعرف نتيجتها مسبقا، ما ولد في جميع أنحاء البلاد حالة غير مسبوقة من الإثارة والترقب.
ودعا المجلس العسكري الذي يتولى السلطة في البلاد منذ إطاحة مبارك قبل 15 شهرا مجددا المصريين إلى المشاركة في الاقتراع محذرا من اي خروج عن القانون. وقال عضو المجلس العسكري اللواء محمد العصار في مؤتمر صحفي ان «مشاركة المواطنين في الانتخابات الرئاسية هي خير ضمان لنزاهة وتأمين العملية الانتخابية وهي تقدم رسالة للعالم بأننا سنجرى انتخابات بإرادة حرة». وأضاف، بحسب وكالة أنباء الشرق الاوسط، «نحن نراهن على الشعب المصري، ولا نعتقد ان أحدا سيعترض على نتائج الانتخابات»، مضيفا «أي خروج على القانون سيواجه بكل حزم وحسم». وشدد على ان الجيش «لن يسمح بأي تجاوز أو أي تأثير في العملية الانتخابية أو الناخبين».
ويتعين على قرابة 50 مليون ناخب وناخبة يحق لهم التصويت الاختيار بين 12 مرشحا يخوضون الانتخابات. لكن المنافسة الحقيقية تدور بين خمسة مرشحين فقط، اثنان منهما عملا مع حسني مبارك هما وزير خارجيته طوال عقد التسعينيات الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى وآخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق، القائد الأسبق للقوات الجوية المصرية احمد شفيق.
وينتمي مرشحان آخران للتيار الإسلامي هما رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي والقيادي السابق في الجماعة الذي انشق عنها العام الماضي وبات يقدم نفسه ممثلا لـ«الإسلام الوسطي المعتدل» عبد المنعم أبو الفتوح.
أما المرشح الخامس، الذي صعدت أسهمه أخيرا وجاء في المرتبة الثالثة في انتخابات المصريين في الخارج فيأتي من اليسار الناصري وهو حمدين صباحي. ولا توجد استطلاعات موثوقة للرأي في مصر. وحتى الاستطلاعات التي أجرتها بعض الصحف أخيرا لا تتيح التكهن باتجاهات التصويت إذ أظهرت جميعها ان اكثر من 40% من المصريين لم يكونوا قد حسموا أمرهم حتى نهاية الاسبوع الماضي.
وحاولت الحملات الانتخابية للمرشحين الخمسة مخاطبة الهموم المختلفة والمتغيرة للمصريين. عمرو موسى، ركز في دعايته على خبرته كرجل دولة سابق يستطيع إدارة البلاد بعد فترة انتقالية مضطربة وشدد على ان مصر «لا تحتمل ان تكون حقل تجارب» مشككا بذلك ضمنيا في قدرات «مرشحي الثورة» الذين لم يعمل اي منهم في الجهاز التنفيذي للدولة مسبقا.
احمد شفيق اعتمد بشكل أساسي في حملته على انه سيضمن استقرار البلاد وسيوقف الانفلات الأمني الذي صاحب اهتزاز جهاز الشرطة منذ سقوط نظام مبارك في فبراير عام 2011.
وهاجم شفيق التيار الإسلامي في محاولة لكسب أصوات الأقباط من جهة ولاستغلال بعض التراجع في شعبية جماعة الاخوان المسلمين خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بسبب تقلب مواقفهم السياسية وخيبة الأمل التي أصابت جزءا من الرأي العام نتيجة أدائهم المرتبك في البرلمان الذي يهيمنون عليه مع حزب النور السلفي.
مرشح جماعة الاخوان محمد مرسي يعتمد أساسا على ماكينة انتخابية كبيرة للجماعة، التي لا تزال اكبر القوى السياسية في مصر وأكثرها تنظيما. ويخوض مرسي الانتخابات استنادا إلى مشروع لتحقيق «النهضة» وضعه أساسا نائب المرشد العام للإخوان الرجل القوى في الجماعة خيرت الشاطر الذي لم يتمكن من خوض السباق الرئاسي لصدور حكم ضده في عهد مبارك يترتب عليه حرمانه من حقوقه السياسية.
أما عبد المنعم أبو الفتوح، الذي يحظى بدعم حزب النور (اكبر الأحزاب السلفية) وجزء من الليبراليين واليساريين، فيطرح نفسه مرشحا للتوافق او «الاصطفاف الوطني» ويؤكد انه قادر على انهاء حالة الاستقطاب السياسي ما بين القوى الاسلامية من جهة والقوى الليبرالية واليسارية التي شهدتها مصر بعد اطاحة مبارك.
ويستهدف حمدين صباحي كسب أصوات الفقراء، الذين يشكلون الأغلبية في بلد يعيش 40% من سكانه حول خط الفقر، وظل يكرر وخصوصا خلال الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية انه سيكون «سندا وظهرا للفقير». كما حرص على أن ينأى بنفسه عن الحركات الإسلامية مشددا على انه «مسلم وسطي ولا انتمي إلى الإسلام السياسي».
ومن المقرر ان تجرى جولة ثانية للانتخابات في 16 و17 يونيو المقبل اذا لم يحصل اي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى وهو أمر مرجح.
وشكت منظمات حقوقية ستقوم بمراقبة الانتخابات من قلة عدد المراقبين الذين حصلوا على تصريح من اللجنة القضائية التي تدير الانتخابات لدخول اللجان. وقال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان حافظ سعدة في مؤتمر صحفي ان تحالف يضم ثلاث منظمات حقوقية تقدم إلى لجنة الانتخابات بطلب «الحصول على 13 ألف تصريح مراقبة لكن اللجنة لم توافق سوى على تسعة آلاف تصريح لم يصل منها حتى الآن سوى خمسة آلاف و350 فقط تصريح فقط». لكن ابو سعده أكد أن ذلك لن «يعوق المنظمات عن مراقبة جميع اللجان من خلال نشر مراقبيها خارجها لرصد اي مخالفات».