عربية ودولية
المصريون ينتخبون رئيسهم في انتخابات حرة للمرة الأولى في تاريخهم
تاريخ النشر : الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٢
بدأ المصريون أمس الاربعاء الادلاء بأصواتهم لاختيار رئيس جديد بعد 15 شهرا من الثورة التي اطاحت بحسني مبارك، في اول انتخابات في تاريخ مصر لا تعرف نتيجتها سلفا.
وتشكلت صفوف انتظار طويلة امام العديد من مكاتب التصويت في القاهرة حتى قبل فتحها في الساعة الثامنة صباحا تحت حماية امنية مكثفة.
ودعا اكثر من 50 مليون ناخب مصري إلى الاختيار بين 12 مترشحا اسلاميين ومدنيين او من اليسار والليبراليين وانصار «الثورة» او المسؤولين السابقين في نظام مبارك. ويطرح المترشحون برامج متباينة.
وقالت نحمده عبد الهادي (46 عاما) التي كانت تقترع في مدرسة عمر مكرم بحي شبرا «انه يوم رائع لمصر، كنت اتمنى ان تكون امي وجدتي على قيد الحياة لتشاهدا معي هذا اليوم». وتضيف هذه المرأة المنقبة «ايا كانت النتيجة سنقبلها». ويقول رئيس اللجنة للناخبين الذين وقفوا ينتظرون دورهم في اجواء مرحة وتعليقات طريفة «لا تدعوا احدا يقول لكم لمن تصوتون». اما الشابة رانيا التي ترتدي زيا رياضيا وتضع على رأسها قبعة لحمايتها من شمس هذا النهار الحار فتقول «لدي شعور رائع بالاختلاف فهي المرة الاولى في تاريخ مصر التي نختار فيها حقا رئيسنا».
في الاسكندرية والسويس، كانت المشاركة بعد الظهر اقل منها خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة ولكن، كما هي الحال في القاهرة، كانت عمليات الاقتراع تجري بهدوء. وفي جنوب شبه جزيرة سيناء، اوضح مكتب المحافظ ان نسبة المشاركة بلغت قرابة 12% في منتصف النهار.
وتستمر الجولة الاولى من الانتخابات اليوم. واذا لم يحصل اي مترشح على الاغلبية المطلقة في الجولة الاولى وهو الامر المرجح، تجري جولة ثانية في 16 و17 يونيو المقبل.
ويبدو من الصعب معرفة نتيجة هذه الانتخابات بسبب العدد الكبير من المترددين الذين لم يحسموا خيارهم حتى اللحظة الاخيرة مع حرية الاختيار غير المسبوقة المتاحة امامهم.
ومصر، التي تمثل مركز الثقل في العالم العربي مع اكثر من 82 مليون نسمة، تبدو منقسمة بين التيار الاسلامي المدافع عن الدولة الدينية وتيار الحداثة والاستقرار المدافع عن الدولة المدنية. ويقول المعلق السياسي هشام قاسم «يوجد تنافس بين نوعين من التصويت: التصويت الاسلامي والتصويت من اجل الاستقرار» مضيفا «كل الاحتمالات واردة بالنسبة إلى الجولة الثانية. والنتائج غير واضحة بشكل كبير».
وابرز المترشحين هم وزير الخارجية الاسبق في عهد حسني مبارك طوال تسعينيات القرن الماضي الامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى وآخر رئيس وزراء في العهد السابق، القائد الاسبق للقوات الجوية احمد شفيق، ومترشح الاخوان المسلمين محمد مرسي والاسلامي المستقل عبدالمنعم ابوالفتوح والناصري حمدين صباحي. ويعتمد موسى وشفيق على اصوات «الذين ضاقوا ذرعا بهذا الوضع ويريدون عودة الاستقرار» كما يرى هشام قاسم.
وفي حي شبرا الشعبي في القاهرة، أكد العديد من المسيحيين انهم يصوتون لأحمد شفيق.
ويعتمد الاسلاميون على النجاح الذين حققوه في الانتخابات التشريعية الاخيرة مع سيطرة الاخوان والسلفيين على مجلسي الشعب والشورى. وقد سخرت جماعة الاخوان كل ماكينتها الانتخابية القوية لخدمة مرسي. وقال مترشح الاخوان محمد مرسي عقب مشاركته في التصويت ان «المصريين قادرون على الاختيار الصحيح». اما منافسه ابوالفتوح، فأعرب عن امله في ان «يختار الشعب رئيسا لمصر لا يخضع لأي إملاءات وليس من فلول النظام السابق».
وقد اقيم 13 الف مركز اقتراع موزعة على جميع انحاء مصر.
ودعا المجلس العسكري المصريين إلى المشاركة في الاقتراع محذرا من اي خروج عن القانون ومتعهدا ان تكون الانتخابات «شفافة 100%». وكان المجلس العسكري الذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب ادارته للمرحلة الانتقالية، التي شهدت اعمال عنف واحتجاجات عديدة، وعد بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب قبل نهاية يونيو.
الا ان العديد من المحللين يرون ان الجيش، الركيزة الاساسية للنظام منذ سقوط الملكية عام 1952 والذي يملك قوة اقتصادية ضخمة، سيبقى له دور قوي في الحياة السياسية.
وتبقى صلاحيات الرئيس الجديد غير واضحة المعالم في ظل غياب دستور جديد للبلاد يحدد طبيعة النظام السياسي مع تعليق العمل بدستور 1971 الذي كان ساريا في عهد مبارك وعدم وضع دستور جديد. فقد اثار تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة وضع الدستور الجديد للبلاد ازمة سياسة كبيرة بسبب هيمنة حزبي الحرية والعدالة والنور السلفي عليها. وانسحب ممثلو الازهر والكنائس المسيحية المصرية وكل الاحزاب الليبرالية واليسارية والعديد من الشخصيات العامة من هذه اللجنة احتجاجا على عدم توازن تشكيلتها وعدم تمثيلها لكل طوائف الشعب المصري.
وقضت محكمة القضاء الاداري الشهر الماضي ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية في قرار اعتبر انتكاسة سياسية لجماعة الاخوان المسلمين وانتصارا لليبراليين واليسار.
وسيكون على الرئيس الجديد مواجهة وضع اقتصادي صعب مع التفاوت الاجتماعي الشديد الموروث من النظام السابق وبطء عجلة الانتاج وتراجع النشاط وخصوصا في القطاع السياحي منذ ثورة 25 يناير.