الجريدة اليومية الأولى في البحرين


زاوية غائمة


مبروك لسومة السمسومة

تاريخ النشر : الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٢

جعفر عباس



اختفت التركية كلثوم أصلان من بيت أهلها، في ولاية قونيا، بعد أن غادرته للذهاب إلى المستشفى.. عندما تأخرت في العودة إلى البيت توجه بعض أقاربها إلى المستشفى للسؤال عنها، ولكن العاملين في المستشفى، الذين يعرفون كلثوم جيدا قالوا إنها لم تأت إليهم في ذلك اليوم، فكان لا بد من التوجه إلى الشرطة.. وبدأت عمليات البحث عن كلثوم في القرى والبلدات المجاورة.. وعثروا عليها في اليوم الثالث.. أين؟ في بيت رجل يدعى كاظم بلديز!! يا عيب الشوم يا سومة (بالمناسبة فالمصريون من أكثر الشعوب العربية «ذوقا وكياسة»... المصري لا يمكن ان ينادي شخصا باسمه «حاف».. لازم يا سيد أو يا أستاذ أو يا ابن العم.. والمصريون يحسنون الاستئذان والشكر وإن كان هناك من يرى أنهم يبالغون في ذلك.. ولكونهم «ناس ذوق» فإنهم رأوا أنه من العيب ان يطلقوا على المطربة الراحلة أم كلثوم لقبا مشتقا من اسمها فجعلوها سومة بدلا من «ثومة».
المهم أنه اتضح أن سومة التركية تعيش قصة حب مع كاظم، وأنها لجأت إلى بيته بعد ان رفض أهلها مرارا زواجها به.. وحتى بعد ان عثر عليها أقاربها بمساعدة الشرطة، لم تتراجع سومة عن قرارها، ووقفت أمام أهلها وهي تنظر إلى كظومي مستشهدة بأغنية سميرة سعيد: مش حتنازل عنك أبداً مهما يكون! سأتزوج بك يعني سأتزوج بك.. سألوا كاظم عما إذا كان فعلا يخطط للزواج بكلثوم فقال «نعم... متعودة.. دايماً».. باختصار أكد كظمظم وسومثومة أنهما يحبان بعضهما البعض وأنهما قررا الزواج في العام الجديد (كان ذلك في نوفمبر الماضي مما يعني أن الأمور لو سارت كما يشتهيان فمن المفترض أنها تزوجا قبل أسابيع او أشهر).. ومع هذا التأكيد دخل شاب من أقارب سومة في غيبوبة وتم نقله إلى المستشفى.. وبالمناسبة فإن الأتراك صعايدة في أمور الشرف.. لا تسمع كلامهم عن مسعاهم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وعضوية بلدهم سلفا في حلف الأطلنطي.. المرأة عندهم لا تملك أمر نفسها والحب «عيب».
كلثوم أصلان تبلغ من العمر 84 سنة، وعريس الغفلة أكبر منها بأربع سنوات. نعم في قاموسنا هي عجوز حيزبون دردبيس توفي زوجها قبل عشرين سنة، والذي أغمي عليه هو أحد أحفادها الكثيرين.. لو كان الحفيد عربيا لما دخل في غيبوبة بل لهجم على جدّته لغسل العار.. فعندما تقدم كاظم طالبا الزواج من كلثوم ضحك عليها عيالها وعيال عيالها: يا جدتي ركزي على حسن الخاتمة وبلاش كلام عيال.. فما كان منها إلا ان أقدمت على خطوة طفولية باللجوء إلى بيت الحبيب.. ومن عجائب ابن آدم أنه يرتدّ إلى الطفولة عندما تتقدم به السنون كثيرا.. ويخطئ في حساب بعض خطواته ونتائج أفعاله وقراراته.
أولاد وأحفاد كلثوم هذه - ونحن معهم - نعتقد ان الحب أمر لا ينبغي أن «يتورط» فيه إنسان عنده أحفاد.. وتجد في مجتمعاتنا أرامل في منتهى العافية والنضار ولكن أولادهن (بالذات) لا يريدون لهن الزواج، ويا ويلها من غضب أهلها إذا أعلنت أنها «تحب» فلانا الذي طلب الزواج منها... فالحب في قاموس مجتمعاتنا جريمة يرتكبها الجانحون، وهوجة يتعرض لها صغار السن، وبالتالي فقد وضعنا سنا للتقاعد عن الحب.. لأننا نربط الحب بالجنس فقط.. ولهذا لم يفهم أولاد وأحفاد كلثوم التركية أنها ليست بحاجة إلى رجل فحل بل رجل يؤنس وحدتها ووحشتها، وترتاح له ويرتاح لها لتمضي معه بقية عمرها باسمة.



jafabbas19@gmail.com