عربية ودولية
في دلتا النيل الفلاحون يصوتون
للعمل والأمن والتعليم والصحة
تاريخ النشر : الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢
نامول - (ا ف ب): يصوت حمص إبراهيم السبعيني الذي يرتدي جلبابا رماديا ويلف رأسه بعمامة بيضاء، للمرة الأولى في حياته في انتخابات رئاسية حرة في قريته الزراعية نامول التي يحلم سكانها الذين يعيش الكثير منهم في فقر شديد بالعمل والأمن وظروف معيشية أفضل.
ويقول هذا الرجل المسن وهو يصعد الدرج إلى مكتب الاقتراع باحد فصول مدرسة القرية الواقعة في دلتا النيل «أتمنى أن نرى تغييرات كبيرة وان يتخذ الرئيس الجديد اجراءات ملموسة حتى يتمكن الناس من الحصول على مياه الشرب والتعليم ونظام صحي جيد».
في هذه المدرسة تدل الجدران المتداعية غير المطلية والفناء الترابي ودور المياه التي يكاد يستحيل استخدامها من سوء الحال وشدة القذارة، على مدى الاهمال الذي عانت منه في السنوات الاخيرة منشآت الجهاز التعليمي في مصر التي يعاني 40 في المائة من سكانها من الأمية.
وحتى يتمكن الجميع من الادلاء بأصواتهم من دون تدخل طرف آخر تحمل استمارة التصويت الطويلة إضافة إلى اسم المرشح صورته ورمزه الانتخابي. فمثلا رمز مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي هو الميزان والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى الشمس وآخر رئيس وزراء لمبارك أحمد شفيق السلم والمرشح الناصري حمدين صباحي النسر والإسلامي المعتدل عبد المنعم أبو الفتوح الحصان.
وهكذا ليس على الناخبين سوى وضع علامة على اسم مرشحه قبل ان يغمس اصبعه في الحبر الفوسفوري للتأكد من انه أدلى بصوته.
سميرة سعيد محمد، التي تلف رأسها بوشاح أسود اختارت احمد شفيق الذي تأمل ان يتمكن من «حل الكثير من مشاكل» البلاد.
وتقول غاضبة «الكثير من الناس عاطلون عن العمل والشباب يتخرجون في الجامعة او الثانوية ولا يجدون عملا» مشيرة إلى ابنتها ذات العشرين عاما التي تبحث عن عمل منذ تخرجها في المدرسة قبل عامين.
وقد ارتفعت نسبة البطالة، التي كانت عالية بالفعل في عهد مبارك (9 في المائة)، إلى 12 في المائة منذ ثورة 25 يناير بل وصلت إلى 24 في المائة لدى الشباب في ظل اقتصاد بطيء.
وتشكو سميرة من صعوبة الحياة اليومية مع ضرورة توفير لقمة العيش لخمسة افواه بدخل زوجها الذي لا يزيد على 20 جنيها يوميا (نحو 2,60 يورو) عندما يحالفه الحظ ويعمل في الزراعة، إضافة إلى راتبها كعاملة منزل الذي يبلغ 150 جنيها أسبوعيا. لكنها تعترف بأنها اسعد حالا من الكثير من أبناء القرية.
وعلى بعد بضع خطوات من المدرسة يحرص شردح فرج على اظهار ورشته الصغيرة لاصلاح إطارات العربات المقامة على قارعة الطريق. ويقول شردح: «آمل ان يأتي عهد جديد. بعد أن أخذ مبارك أموال البلد كلها».
وأضاف «بعض الأيام لا أجني شيئا وأحيانا أحصل على عشرة جنيهات وأحيانا عشرين جنيها. انتظر من الرئيس الجديد أن يوفر العمل للجميع» وان يتحسن الوضع الاقتصادي حتى «أتمكن من إطعام أبنائي الخمسة».
وبينما تسير عملية الاقتراح بلا مشاكل ويدور النقاش بين الجميع في هدوء تندلع فجأة مشادة بين أنصار مرشحين مختلفين.
وبدا النائب عمرو حمزاوي الذي جاء يزور القرية كمراقب في نزع ملصق لأحد المرشحين بسبب مخالفة ذلك لفترة الصمت الانتخابي. وسرعان ما احتدم التوتر قبل ان يسود الهدوء من جديد.
وفي الشوارع القريبة التي يعمل نصف سكانها في الزراعة والباقي كعمال تشاهد الدراجات النارية الجديدة وهي تمر بين الحمير التي تنقل الأهالي والأطفال في مشهد يعكس النمو المتفاوت.
فيما يسير بعض الأطفال حفاة على الأرض المغطاة بالفضلات والقاذورات.
رضا رشاد صاحب محل القماش الذي تتوسط جبينه زبيبة داكنة يريد وضع حد للفوارق التي سادت في عهد مبارك، لكن عودة الأمن هي أهم ما يريده.
ويوضح انه لم يعد يجرؤ على الخروج من منزله بعد هبوط الظلام بسبب السرقات والاعتداءات التي تزايدت منذ الثورة آملا أن يغير الرئيس الجديد كل هذا. لكنه يقر بأنه لم يلمس «أي تغيير حتى الآن».