الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


أنقذوا لقب «دكتور»

تاريخ النشر : الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢

جمال زويد



قررت جامعة سيميلويس المجرية في أواخر شهر مارس الماضي تجريد رئيس جمهورية المجر بال شميت من لقب «دكتور» الذي حصل عليه عام 1992، وذلك بعد ظهور نتائج لجنة تحقيق جامعية توصلت إلى أن السيد شميث قد نسخ مجمل رسالته من مؤلفين آخرين. وعلى الفور، أعلن الرئيس المجري في بداية إبريل الماضي استقالته من منصبه (رئيس جمهورية) بسبب هذه الفضيحة المتعلقة بانتحاله رسالة علمية من أجل حصوله على لقب الدكتوراه. بل دفعته شجاعته الأدبية إلى أن يقف أمام البرلمان ويعلن استقالته قائلاً: «يجسد الرئيس وحدة الأمة وفي الموقف الراهن أشعر بأنني ملزم بالتخلي عن الرئاسة».
وفي شهر مارس من العام الماضي، أي في 2011م استقال أيضاً وزير الدفاع الألماني كارل تيودور تسو غوتنبرغ الذي كان يحظى بلقب «البارون» ولقب الأكثر شعبية في حكومة المستشار الألماني انغيلا ميركل، على خلفية فضيحة اتهامه بالتزوير أيضاً في أطروحة دكتوراه في القانون قامت جامعة بيروث بسحب لقب «الدكتور» الذي حصل عليه في 2007 معتبرة أن أطروحته لم تكن نتيجة «عمل علمي صحيح».
وقدّم تسوغوتنبرغ - الذي هو أصغر الوزراء سنا في حكومة ميركل حيث يبلغ عمره (39) عاماً - اعتذاره قائلاً «اقدم اعتذاراتي إلى جميع الذين أسأت اليهم» وأكد حسّه بالمسؤولية والانتقادات الكثيفة المتعلقة بمصداقيته. وأضاف «إنها مسألة أدبية. لطالما أبديت استعداداً للنضال لكنني قمت بأقصى ما يمكنني القيام به.. انني أنسحب».
وهذا ما يحدث في دول العالم المتحضرة التي تُعطي للعلم قيمته وترفض أن يُساء إلى المؤهلات العلمية أو استغلالها من قبل أي شخص حتى لو كان وزيراً، بل رئيساً للدولة.
بينما عندنا يتهافت البعض على اقتناء لقب «دكتور» من جامعات هي أقرب إلى «الدكاكين» تعطي هذا اللقب بحسب ما يُدفع لها من أموال. هي «دكاكين» معروفة لبيع الألقاب العلمية، بعضهم فجأة صار يحمل لقب «دكتور» مع أنه ليس لديه ماجستير ولا بكالوريوس وربما من دون ثانوية عامة! هنالك تسابق غريب على الحصول على هذا اللقب الذي صار من متطلبات الوجاهة و(الرزّة) رغم فضائحية حصولهم عليه. بعض طلبة الجامعة عندنا يستغربون من أساتذة يحملون لقب «دكتور» وربما أصبحوا رؤساء أقسام أو عمداء كليات لكنهم لا يصلحون إلاّ أن يكونوا في مستوى «يعرف القراءة والكتابة» فقط.
عندنا ليس مطلوباً التحقيق في كيفية حصول هذا البعض على اللقب، أو سلامة حصوله عليه، فهذا التحقيق يكون في حالة اكتسابه للقب من جامعات مرموقة ومعترف بشهاداتها. المشكلة أن ألقاب البعض من جامعات معروف عنها أنها مجرّد «دكاكين» تُعطي الألقاب لمن يدفع. أنه بلا شك أمر فضائحي أن يهدر بعضهم الحياء إلى حدّ أن يرفض أن يناديه أحد أو يُكتب اسمه من دون أن يكون مقروناً بلقب «دكتور» الذي حصل عليه بغير الطريقة العلمية الصحيحة، بالغش والخداع والشراء، مع علمه وعلم جمع من الجهات بذلك.
سانحة:
كيف نعرف أو نميز بين «الدكاترة» الأصليين والمغشوشين؟ الأصليون لايهتمون كثيراً باستخدام اللقب بجانب أسمائهم بينما أصحاب اللقب المغشوش إذا ذكرت اسمهم من دون اللقب يقولون لك: دكتور لو سمحت!