سينماتك
من ذاكرة السينما..
(Kingdom of Heaven)
مملكة السماء وملحميةالمعركة ( 2 ـ 2 )
تاريخ النشر : الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢
حسن الحداد
قدم سكوت أول أفلامه عام 1977 بعنوان «المتبارزون» The Duelists. وكان دراما تدور في حقبة الحروب النابليونية. ومثّل فيه كيث كارادين دور البطولة كجندي يُجبر على الدخول في سلسلة مبارزات مع هارفي كيتيل وفي مرحلة لاحقة مثّل كارادين دور القاتل الأسطوري وايلد بيل هيكوك في فيلم ديدوود Deadwood الذي حقّق شعبية كبيرة والذي أنتجته قناة أتش بي أو.
بعد ذلك، قام بإخراج فيلم «من الفضاء الخارجي» Alien وهو فيلم رعب يدور في الفضاء الخارجي تولّدت عنه أفلام كثيرة فيما بعد. ثم جاء فيلم «عدّاء» Blade Runner، وهو من أول أفلام الخيال العلمي. وما زال سكوت يفتخر بهذا الفيلم.
ريدلي سكوت في فيلمه الجديد (مملكة السماء) شغلته فكرة هامة، وسيطرت على تفكيره.. وجعلتنا أيضاً نسجل احترامنا لها وله كفنان صاحب فكر بل وشجاع في طرحه الفكري هذا دون اهتمامه فقط بالفكرة التاريخية.. جل اهتمامه كان منصبا على الإنسان الذي يعلو فوق كل شيء حتى ولو كان ذلك على حساب المقدس من الأديان جميعها.. فالفيلم بكل أحداثه ينتصر لقيمة الإنسان قبل أي شيء.. لا يقدم لنا أحداثاً تاريخية بالمعنى الحقيقي، بل ينطلق من نقطة في التاريخ ليتخذها ركيزة أساسية يبدأ بها.. الفيلم يقدم لنا وجهة نظر المخرج الذي يسقطها على الأحداث من خلال التاريخ.. ولا يلتزم حرفياً بالأحداث التاريخية، باعتبار أن الفيلم غير مطالب بكل ما هو حقيقي وواقعي.. وذلك لإضفاء صفة الإبداع والرؤية الفنية الخاصة لصانع الفيلم.
إضافة إلى هذه الفكرة الشجاعة.. هناك معارك ملحمية أدارها سكوت بتكنيك يخطف الأبصار.. مؤكدا ما شاهدناه سابقاً في فيلمه (Gladiator)، خاصة المعركة التي تجسد سقوط القدس على يد صلاح الدين والمسلمين، والتي ستبقى في الذاكرة السينمائية ضمن كلاسيكيات السينما العالمية.. حيث نجح ريدلي سوت في إعطائها صفة الجمال والعظمة دون أن يسقط في فخ التعبير التجاري الاستهلاكي.
لقد تمّت الاستعانة بحوالي 1,500 جندي مغربي في تصوير المعارك. وتم بناء عدد من الأبراج كجزء من معارك الذروة التي تدور على أبواب القدس، كما أنه ضاعف من استخدام الرسومات الكمبيوترية لجعل المشاهد أكثر مواءمة لحقبتها التاريخية.
مشاهد كثيرة رائعة تجعلنا نعلن صراحة بأننا أمام مخرج كبير.. يذهلنا استخدامه لتقنية الإضاءة، تلك الإضاءة التي اقتربت من الإظلام والضبابية المتعمدة، للإيحاء بالجو النفسي الكئيب للحدث.. ذلك الحدث الذي يقسو على الإنسان ويستبيح دمه تارة باسم الدين وتارة أخرى باسم الثروة والنهب.