الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ صلاح الجودر:

مجلس التعاون جسّد صورة
الوحدة والتلاحم بين أبناء الخليج

تاريخ النشر : السبت ٢٦ مايو ٢٠١٢



قال الشيخ صلاح الجودر خطيب جامع الخير في قلالي في خطبته أمس إنه في ظل الصورة القاتمة للأمة الإسلامية اليوم وما تتعرض له من رياح الفتنة والمحنة، وسموم التدمير والتخريب بأيدي أبنائها المغرر بهم، يمكن النظر إلى المستقبل بشيء من الأمل والتفاؤل، فأمتكم تمتلك بفضل الله تعالى مقومات القوة والبقاء، ما يجعلها في صدر مواقع التأثير، ومراكز التغيير، فمع ما تعانيه من تحريض ممنهج على العنف والتخريب والتدمير لتغيير هوية أبنائها نرى بواعث الأمل والتفاؤل في الكثير من المواقع، وقبل هذا وذاك ؟عباد الله- لنتأمل في أوضاع الأمة، ولنعيد تقييم مواقفنا ومراجعة أدائنا من أجل نهضة الأمة وتأكيد هويتها:
فأول مقومات هذه الأمة وأساس بقائها واستمرارها هو تمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها محمد (صلى الله عليه وسلم)، ففيهما عقيدة المسلم ومنهج حياته، والأمة اليوم- بفضل الله - متمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها، فرغم حملات التشويه والاستهزاء والسخرية، من الإسلام ونبيها، فإن أوروبا وأمريكا تشهدان فتحاً إسلامياً كبيراً، وما دخول أبناء تلك الدول في الإسلام إلا من خلال الكلمة الطيبة والأخلاق الحميدة التي كان عليها سلف الأمة.
ثانياً: الوحدة والاتحاد، فهذه الأمة تتميز عن سائر الأمم بطاقاتها البشرية الهائلة، طاقات مختلفة من الأجناس والأطياف والأعراق، وقد استطاع الإسلام أن يوحدها تحت كلمة التوحيد، قال تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) ]آل عمران:103[.
في مسالك الوحدة والاتحاد -عباد الله- تأتي أهمية التماسك الأجتماعي في المجتمع الواحد، بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا كما صح عن رسول الله(صلى عليه وسلم)، وهي ضرورة مجتمعية لاستتباب الأمن والاستقرار، فلا تعصف به العواصف، ولا تؤثر فيه إثارة النعرات، ولا تنال من عزيمته المؤامرات والمخططات.
ثالثاً: من أعظم مقومات هذه الأمة هي تمسكها بهويتها العربية والإسلامية، في توازن بين المحافظة على الأصل والاستجابة للعصر، قال تعالى: (أصلها ثابت وفرعها في السماء) ]إبراهيم:24[، شجرة راسخة، جذورها ضاربة، محافظة على أصلها وهويتها، تتعاطى مع المتغيرات بكل مرونة ويسر، وتميل مع الرياح القوية العاتية، لا تتزحزح من مكانها ولا تنكسر، ولا يقف نماؤها أو عطاؤها، فهذه خاصية أمة الاسلام التي تعرضت عبر تاريخها للكثير من الابتلاءات، والتاريخ شاهد على ذلك، كفار قريش ومنافقو المدينة ويهود خيبر، وحروب الردة وفتنة الجمل وصفين وكربلاء، وغزو التتار والصليبيون والصفويون، وما زادتها تلك الأحداث إلا قوة وتمكيناً.
أمة الإسلام تقوم على المبادئ والقيم، فهي الحصن المنيع لها، فالسياسة والاقتصاد والأمن يمكن استردادها متى ما تعافت الأمة، وقامت من كبوتها، ولكن إذا فقدت مبادئها وقيمها فإنها تفقد كل شيء، فرياح الفتنة والمحنة التي هبت على المنطقة أبداً لن تنال من هوية الأمة.
مع تلك المقومات يجب التأكيد على قضية مهمة، وهي الحذر من الخلاف والشقاق الذي يثيره أعداء الأمة عبر مراكز التواصل الاجتماعي (التويتر) وأجهزة الاتصال الرقمي (الأيفون)، فمنهج أعداء الأمة يقوم على التحريش بين المسلمين، بنشر الأكاذيب والأراجيف، وافتعال الأزمات والإشكاليات، واستدعاء الأجنبي الغريب للتدخل في الشئون الداخلية، وما حضور 21 بحرينيا في جنيف تحت غطاء الاستجداء بالأجنبي الغريب إلا مؤامرة على هذا الوطن.
في مثل هذا اليوم (25مايو عام 1981م) تم تدشين مجلس التعاون الخليجي بإرادة قادة وشعوب المنطقة لمواجهة الأخطار التي كانت تعترض عملية التقدم والتطور، فقد استطاع مجلس التعاون الخروج من ثلاث حروب اقليمية تدميرية، حرب العراق وإيران عام 1980م، وحرب الخليج الثانية (غزو الكويت) عام 1990م، وحرب العراق عام 2003م، فجسد مجلس التعاون صور الوحدة والتلاحم بين أبناء دول الخليج العربية، ونال مباركة المجتمع الدولي بأسره ماعدا إيران التي ما فتئت من السخرية والاستهزاء والنيل من المجلس.
مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بالتحول من مرحلة التعاون إلى (الاتحاد الخليجي) تتوافق مع نصوص النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي الذي ينص على أن من أهداف المجلس الوصول إلى مرحلة الإتحاد، وهذا هو مطلب شعوب دول الخليج العربية التي تتعرض هذه الأيام لمشروع إيراني تدميري قائم على ثقافة طغيان الدم وروح الكراهية والتحريض الطائفي.
المجلس الاتحادي المنشود يأتي في عالم يموج بالأطماع الإيرانية، لذا نرى أن الدولة الوحيدة التي رفضت مشروع الاتحاد الخليجي هي إيران، وما ذلك إلا من أجل أن تبقى هي الدولة القوية في المنطقة، وكما قال الكاتب جهاد الخازن في جريدة الحياة (إذا وجدت مؤامرة فهي من إيران).
فأصلحوا -رحمكم الله- ذات بينكم، واحذروا سموم إيران وأتباعها في العراق وسوريا ولبنان، وامتثلوا لقوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) ]الحجرات: 10[.