الثقافي
قصة قصيرة
تطهير الشرف (2)
تاريخ النشر : السبت ٢٦ مايو ٢٠١٢
ملخص ما سبق: تقلد الجندي الرديف رامون بالومو رشاشه الصغير وأخذ يتحين الفرصة لقتل خطيبته فلورنتينا المتهمة بخيانته مع أحد جنود الأعداء، ورغم نصيحة الأهل والزميل العجوز له بالتريث وعدم الانتقام السريع فانه مصمم على ذلك.
»هيه، رامون بالومو« صاح المرشد من باب الثكنة. »اسمع يا رامون بالومو، هل تعرف هذه المسماة فلورنتينا لوبيز التي تعيش بالقرب من مكان أخيك؟«.
»بالتأكيد،أيها المرشد الرفيق. إنها صديقتي، خطيبتي الرسمية التي طلبت يدها كما ينبغي لي«.
قال المرشد له: »حسناً، كن حذراً مع تلك الصديقات اللاتي يكتبن إلى الجنود الردفاء« وسمح لورقة من دفتر ملاحظات بأن تسقط، مكتوبة بأناقة ومطوية بعناية فائقة.
ظلت الرسالة قابعة على الأرضية الخشبية وهي نصف مطوية. في الثكنات كان هناك نفس الصمت الذي يحدث حينما لم يفكر الله بعد في خلق السماء والأرض.
»من أين؟« ارتعش صوت رامون بالومو.
من روزاليو فالديز الذي اصطدته يوم أمس عندما كان يحاول أن يعبر الخطوط.
ثم قال المرشد: حسناً أسرع للتدريبات، واستدار نصف استدارة تاركاً المدخل فارغاً.
فك رامون بالومو أربطة حذائه وخلعه. في الثكنات استمروا في عدم الحديث. رامون بالومو استلقى على سريره. بدأ الجنود الردفاء ترك الثكنات ولدى وصولهم إلى الباب تجشموا عناء السير حول الرسالة.
جميعهم غادروا، ثم وصل رامون بالومو إلى الباب.
في اليوم التالي، في الساعة التاسعة صباحاً مشى والد فلورنتينا من منزله إلى حقل نبات اليكة الذي كان يعده. حينما رجع في فترة العصر كان رامون بالومو لايزال نائما ورأسه على الطاولة والرشاش على ركبتيه. الرجل العجوز أحضر مخدته: مخدة ناعمة، ووضعها تحت رأس رامون بالومو.
رامون بالومو لم يستيقظ. قررت أم فلورنتينا أن تضع الرشاش في الخزانة خشية أن ينفجر من ذاته.
فتح رامون بالومو عينيه في الساعة التاسعة تلك الليلة وتناول طبقاً من العصيدة التي قدموها له. سأل عن سلاحه وغادر من دون أن يقول وداعاً.
فلورنتينا التي أغلقت الباب على نفسها في غرفتها منذ الصباح لم تخرج من البيت مرة أخرى أياما عديدة. مع مرور الوقت ولقرابة سنة كلما ذهبت فلورنتينا إلى المدينة تكلم الناس من وراء ظهرها.
طلب الصفح
وثيقة وجدت في حقيبة ظهر جندي رديف قتل في معركة بتاريخ 11 مايو 1963:
السيد روزاليو فالديز،
صلِّ لله ولمريم العذراء بأنه حالما تصل هذه السطور إلى يديك أن تجد نفسك بصحة جيدة. سيدي، هذا رد على رسالتك البديعة وفي نفس الوقت لإخبارك بعدم التفكير بي منذ الآن وأنا آسفة لأنني لا أستطيع أن أجعلك سعيداً.
أعرف أنك تحبني لكن ينبغي لك أن تدرك أنني مخطوبة ولا أستطيع أن أقبل حبك المقدس بالرغم من أنني أعرف أنك تستحقه لأنك طيب جداً. كيف لي أن أترك خطوبة لأجل أخرى وأفكر كم هو صعب ذلك بالنسبة لي؟ لقد شعرت بالميل نحوك ولا شيء أكثر. أنت تعلم أنه لا يمكن أن تكون أية رغبة هناك. أنا آسفة من أعماق قلبي لأنك قد تعرضت لكل هذه المتاعب لكنني لا أستطيع أن أسلك أي طريقة ثانية. آه، لو لم أكن مخطوبة لكان الأمر مختلفا جدا.
سوف أحتفظ دائما بمشاعر طيبة تجاهك لكن ليس رغبة.
لا تكتب لي مرة ثانية وأنا آسفة أن أقول ذلك لكنني لا أرى أي حل آخر. أستمتع برؤية كتابتك. تستطيع أن تكتب لي كصديق ولكن ليس برغبة. لن أكتب لك مرة أخرى لأنني أخشى أن يروني.
وبذلك أنا التي تتمنى ان الله سوف يصحبك ويساعدك دائماً، أقول لك وداعاً وعلى ذلك تقبل تحيات رقيقة من:
فلورنتينا لوبيز
ملاحظة: شكراً للحلويات اللذيذة التي أرسلتها لي. إذا كان لديك ملابس متسخة أرسلها لي مع الأولاد لكي أقوم بغسلها. مع تحياتي،
فلورنتينا لوبيز.ئ