بالشمع الاحمر
ليلة «ليلاء» مع الانتخابات المصرية..!
تاريخ النشر : السبت ٢٦ مايو ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
سهر العالم أجمع مع فرز أصوات الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية، وكنت من بين الساهرين حتى الصباح. مازالت عملية الفرز مستمرة حتى وقت كتابة هذه المقالة مساء أمس، رغم أن النتائج الأولية كانت تشير إلى تقدم محمد مرسي وتنافس أحمد شفيق وحمدين صباحي على المركز الثاني. ربما الآن بتنا نعرف من سيخوض سباق الإعادة، ولعل صعود الفريق أحمد شفيق وحصوله على هذا الكم الكبير من الأصوات في مقابل تراجع عبدالمنعم أبوالفتوح وكذلك عمرو موسى كان المفاجأة التي لم يتوقعها أحد إطلاقاً.
من الواضح أن أصوات الناخبين المصريين قد تفتتت وانقسمت بين المرشحين أبوالفتوح وصباحي، مما أدى إلى تفوق شفيق وبقائه في المركز الثاني خلال معظم أوقات الفرز. وعلى أي حال، فإن شفيق قد حاز ثقة معظم الأقباط المصريين، ودعموه بأصواتهم خشية وصول قوى دينية متشددة إلى الحكم، وتكرار مشاهد الاعتداء على الكنائس وبعض أبناء الطائفة القبطية، ولا يستطيع أحد أن يلومهم على ذلك.
ما لفت نظري على أي حال، بغضّ النظر تماماً عن رأيي الشخصي تجاه أي من المرشحين، هو ذاك الاستنفار غير الاعتيادي الذي قادته قناة الجزيرة منذ صباح أمس ضد المرشح أحمد شفيق، وكأن قضية الانتخابات المصرية هي قضيتها الخاصة وقد تنعكس سلباً عليها بقدوم مرشح لا تريده «الجزيرة»..! على سبيل المثال لا الحصر، كان مقدم برنامج «الاتجاه المعاكس»، على رأس حملة إعلامية «تويترية» للتحذير من فوز أحمد شفيق، وليس من عادة د. فيصل القاسم أن يقضي يومه كاملاً على «تويتر» يكتب تارة، وتارة أخرى يعيد نشر تغريدات آخرين حول نفس القضية. كان الاستنفار واضحاً جداًّ.
الانتخابات نزيهة بالطبع، والكل كان يراقب عمليتي التصويت والفرز، ولم تحدث الكثير من الخروقات أو المخالفات التي تؤثر في نزاهة الانتخابات بشهادة الجميع. وهذا الأمر يحتّم القبول بنتائج الديمقراطية المصرية، ونتائج الصناديق التي ملأها الناخبون أصواتاً. البعض عبر عن صدمته التامة، ووصل إلى حد الانهيار برؤيته النتائج الأولية، والبعض الآخر راح يكيل الشتائم لشعب مصر بأكمله بسبب تفوق مرشحين وتأخّر آخرين، وهذا خطأ كبير، إذ لا ينبغي النظر إلى هذه الفترة المرحلية من تاريخ مصر على أنها كل الثورة ونتاجها، بل هي مرحلة من مشهد كبير بعضه مضى وبعضه يمضي والباقي قادم. مصر تحتاج إلى سنوات من الآن كي تكتمل لديها عناصر النهضة، وإذا كانت مخاوف الكثير من المصريين بسبب الانفلات الأمني الذي رافق الثورة وما بعدها، وتنصل بعض الأحزاب من وعودها للناخبين قد أدى إلى ردة فعل معاكسة و«طبيعية» قلبت موازين نتائج الانتخابات، فإن السنوات القادمة يجب أن يتعلم منها المصريون المزيد من الدروس والخبرة.
كلنا أمل في أن يعود الى مصر الحبيبة أمنها واستقرارها، وأن تبدأ عجلة تطورها ونهضتها في الدوران من جديد بسواعد أبنائها الذين لا بد أن يتكاتفوا جميعاً مع رئيسها القادم بغض النظر عن هويته ومن يكون، لما فيه صالح مصر وشعبها وصالح كل العرب والمسلمين.