الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


طلب وظيفة

تاريخ النشر : الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢



بالأمس شاهدت على الإنترنت من خلال رابط أرسله لي أخ عزيز مقابلة من ضمن برنامج بثته هيئة الإذاعة البريطانية في سنة 1956 مع عدد من البحرينيين عن الأوضاع الراهنة في تلك الحقبة من الزمان. وبداية أود أن أبدي إعجابي بالبحرينيين الذين أجريت معهم المقابلات فقد كانوا واعين بحقوقهم وقادرين على التعبير عن آرائهم وباللغة الإنجليزية وبطلاقة، أما عن مطالبهم فقد تركزت حول السير تشارلز بلجريف الذي طالب العديد منهم أن ينحى عن منصبه لكونه في تلك الحقبة حائزا على كل المناصب إن لم يكن أغلبها في الحكومة، فكان مسئولا عن شئون البلد المالية، شرطتها، محاكمها ومستشفياتها كل ذلك في نفس الوقت.
والحق يقال، ولنا أن نقرأ كتاب السير تشارلز بلجريف «العمود الشخصي» لنرى أن الرجل عمل مع حكام البلد في بنائها وفي القيام بها، تطويرها وتنظيمها ولكن أن يناط به كل الأمر؟ فالأكيد ثم الأكيد ان المثل الشعبي «ما في البلد إلا هالولد؟» انطبق عليه هنا، فالتذمر كان حول من سيحاسب السير تشارلز إذا كان هو الوزير والشرطي والقاضي.
وحول هذا الموضوع نقرأ في كتاب «سياست نامه»، الذي كتبه الوزير «حسن بن علي الطوسي» الملقب بـ «نظام الملك» وهو في منصب وزير البلاط السلطاني الذي خدم فيه السلطان «الب ارسلان» السلجوقي فترة زمنية قاربت الثلاثين عاما ومن بعده ابنه السلطان «ملكشاه»، ما يزال يعتبر قاموسا للحكم وقاعدة للملوك حيث تطرق في كتابه إلى الكثير من البروتوكولات والعديد من الأمور المتعلقة بسير الملوك وطريقة حكمهم.
وفي الباب المتعلق بضرورة أن يسعى الملك للحصول على المعلومات عن تصرفات الجباة والقضاة والشرطة والمأمورين يورد نظام الملك قصة خياط في بغداد عاش في زمن الخليفة المعتصم، شاهد ذات يوم أحد الأمراء في حالة سكر وهو يجر امرأة شريفة من حجابها ليبطش بها، وحين حاول هذا الخياط ومعه عدد من رجال البلد، إثر استنجاد المرأة بالأشراف ممن كانوا يشاهدون الأمير وهو يجرها جراً، ان يمنعوا الأمير المخمور من فعلته فما كان من الأمير إلا أن قام وبمعية جنوده بضرب كل من حاول أن يتدخل. وبعد أن استرجع الخياط قواه من أثر الضرب المبرح فكر في طريقة يمنع من خلالها هذا الأمير المخمور من البطش بهذه المرأة الشريفة فما كان منه إلا أن فكر في أن يتجه إلى المسجد ليؤذن في غير وقت الصلاة لكي يظن الأمير المخمور أن وقت صلاة الفجر قد حان عل وعسى أن يترك المرأة في حالها وأن يتوجه إلى المسجد لأداء الصلاة ليتمكن هو- المؤذن - أو غيره من إنقاذ المرأة من براثنه.
وقد كانت الصدفة أن الخليفة المعتصم سمع الأذان في غير وقته وغضب ممن قام بهذه الفعلة وطلب من جنوده أن يأتوه بمن أذن في غير وقت الصلاة. وعندما أوتي بالخياط إلى الخليفة شرح له الخياط سبب فعلته فأرسل حرسه إلى الأمير المخمور وطلب من الخياط أن يرجع المرأة إلى أهلها شخصيا ليشهد لهم أنها ما غابت عن منزلها إلا مكرهة. أما الأمير المخمور فقد وضع في كيس وضرب حتى تكسرت عظامه ورمي بالكيس في نهر دجلة.
وقد أمر الخليفة المعتصم الخياط بأن يؤذن في غير وقت الصلاة في كل مرة يرى فيها منكرا أو ظلما ممن هم في السلطة لكي يشد بذلك انتباه الخليفة إلى أن في مملكته ظلما يستوجب أن يعيره انتباهه وأن يمنعه. وقد انتشر خبر هذا الخياط فكان في كل مرة يحس فيها أحد الرعية انه مظلوم أو بصدد أن يظلم يتجه إلى الخياط لكي يؤذن في غير وقت الصلاة.
وفي هذا المقام أود أن أسأل عدة أسئلة، أولها أِبقرب مساكن قيادات البلد الكرام مسجد؟ وثانيها أيُسمع أذان هذا المسجد في أوقات الصلاة العادية أم أن التكنولوجيا الحديثة وطبقات الزجاج العازل تمنع وصول الصوت إلى داخل هذه المساكن؟ وفي حالة ما إذا كان الجواب في الحالتين نعم فسؤالي الثالث هو هل لي هنا أن أتقدم الى وظيفة المؤذن لواحد من هذه المساجد؟.
محام ومستشار قانوني