الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


«الثلاثة الكبار» ومستقبل مصر

تاريخ النشر : الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢

السيد زهره



لسنا بحاجة إلى القول مجددا بأن انتخابات الرئاسة المصرية التي انتهت قبل يومين تمثل تحولا تاريخيا في مصر.
هي نقطة تحول تاريخي لأنها جرت بين مرشحين يمثلون تقريبا كل التيارات والقوى السياسية والفكرية في مصر، وانها جرت بشكل حر مفتوح أتيح فيه المجال أمام الناخب المصري كي يختار من يشاء.
وحين جرت الانتخابات ثبت فعلا بشهادة الجميع انها جرت من دون أي عمليات تزوير بالمعنى المباشر المعروف الذي لطالما عرفته مصر في السابق في انتخاباتها.
بالطبع، هناك بالفعل أساليب كثيرة أخرى غير التزوير المباشر مورست للتأثير على إرادة الناخبين, لكن هذا على أية حال هو حال أي انتخابات في العالم.
المهم هنا انه لأن نتائج التصويت في الانتخابات تعبر بشكل عام عن ارادة الناخبين المصريين، فإنها تستحق ان تدرس بعناية وتأمل لسبب محدد.. ان هذه النتائج ترسم خريطة للتيارات والقوى السياسية الرئيسية التي تتصارع على مستقبل مصر.
بالطبع، هذه الخريطة للتيارات والقوى السياسية والفكرية الموجودة على الساحة المصرية معروفة قبل الانتخابات. لكن الجديد المهم هنا ان نتائج الانتخابات أظهرت الى حد ما مختلف الأوزان الشعبية لكل قوة وتيار. أي أظهرت مدى وحدود التأييد الشعبي الذي يحظى به كل تيار وقوة بغض النظر عن رؤيته هو لنفسه وبغض النظر عن الجدل السائد في المجتمع عموما حول هذه القضية.
«الثلاثة الكبار» الذين تصدروا نتائج الانتخابات وحصلوا على أكبر أعداد من أصوات الناخبين هم، الدكتور محمد مرسي، والفريق احمد شفيق، وحمدين صباحي.
هؤلاء الثلاثة يمثلون ثلاثة تيارات وقوى سياسية وفكرية كبرى موجودة على الساحة المصرية، والانتخابات أثبتت انها هي التيارات الرئيسية على الساحة الشعبية.
هذه التيارات والقوى هي:
التيار الأول: التيار الديني ممثلا أساسا في جماعة الاخوان المسلمين.
كما هو معروف هذا هو تيار الدولة الدينية، وأفكاره ورؤاه بهذا الصدد معروفة.
ورغم ان هذا التيار حاول بعد الثورة ان يبدو جزءا من الثورة ومن تيار الدولة المدنية ويتبنى مبادئها ومطالبها، ففي نهاية المطاف جوهر قناعات ومواقف المنتمين إلى هذا التيار معروفة.
والتيار الثاني: هو التيار الذي يطلق عليه شعبيا في مصر، تيار «الفلول»، أي تيار المنتمين الى النظام السابق أو المحسوبين عليه.
على الرغم من ان رموز هذا التيار وأبرزهم الفريق شفيق لا يطرحون في خطابهم العلني اعادة النظام السابق، لكن من المتعارف عليه بشكل عام انهم لا يتعاطفون مع الثورة.
هذا التيار في خطابه للشعب في الفترة الماضية ركز أساسا على اعتبار ان استعادة الأمن والاستقرار وترسيخهما هي الأولوية المطلقة في المرحلة القادمة التي تتقدم أي أولوية أخرى.
التيار الثالث: هو بالطبع تيار الثورة والتغيير، والذي أصبح رمزه الأبرز بحسب نتائج الانتخابات هو حمدين صباحي.
معروف بالطبع ان هذا التيار يعتبر ان المهمة الأساسية في مصر اليوم وفي المستقبل القريب هي استكمال تحقيق أهداف ومطالب ثورة 25 يناير. وبالتالي، فإن التغيير الشامل هو شعاره الأساسي.
إذن، هذه هي التيارات الثلاثة الكبرى في الساحة المصرية التي أظهرت نتائج الانتخابات أنها تتصدر المشهد السياسي في مصر اليوم.
لكن ما الجديد الذي أتت به نتائج الانتخابات فيما يتعلق بهذه التيارات والقوى الثلاثة؟
الجديد هنا أمران:
الأول: ان نتائج الانتخابات أثبتت ان هذه التيارات الثلاثة موجودة بقوة في الشارع. بمعنى انها أثبتت ان كلا من هذه التيارات وراءه قطاعات شعبية يعتد بها تؤيده وتقف وراءه.
بالطبع، هذا أمر معروف بالنسبة للتيار الديني ولتيار الثورة قبل الانتخابات. لكن الذي بدا جديدا وحتى مفاجئا للكثيرين, هو ما كشفت عنه النتائج من ان تيار «الفلول» له قاعدته الشعبية أيضا، والدليل العدد الكبير من الأصوات التي حصل عليها شفيق.
بالنسبة للكثيرين هذا أمر قد يبدو غريبا على اعتبار ان الثورة قامت لاسقاط النظام السابق وأسقطته بالفعل، فكيف يمكن إذن تفسير صعود مرشح مثل شفيق؟!
والحقيقة التي أثبتتها النتائج ان هناك قطاعا لا يستهان به من الشعب تشغله بالفعل قضية الأمن والاستقرار ويخشى الفوضى وهو جوهر خطاب هذا التيار كما قلت.
والثاني: ان نتائج الانتخابات أثبتت انه لا يوجد أي تيار من هذه التيارات الثلاثة له الغلبة في الشارع. النتائج أثبتت بشكل عام ان الشارع يكاد يكون موزعا بالتساوي تقريبا بين هذه التيارات.
إذن، القراءة الاولية لنتائج الانتخابات تشير إلى ان هذه هي التيارات الثلاثة التي بناء على صراعها أو توافقها سوف يتحدد مستقبل مصر.
وللحديث بقية بإذن الله.