الرأي الثالث
تقارير إعلامية ومواقف سياسيةئ
تاريخ النشر : الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢
محميد المحميد
في نهاية مناقشات مجلس حقوق الإنسان للملف البحريني في جنيف بررت رئيسة المجلس موقفها من المطالبة بحماية أعضاء المنظمات الحقوقية غير الحكومية وعدم تعرضهم للمساءلة حين العودة للبحرين، بأن حديثها كان بناء على «تقارير إعلامية»، ورغم اعتراض العديد من الدول على هذا الموقف الغريب، فإن رد الوفد البحريني الرسمي جاء واضحا باحترام حقوق الإنسان وأن وجود ممثلين عن جمعيات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان في البحرين وهم يتنقلون بكامل حرياتهم من بلد إلى آخر ومن مكان إلى آخر من دون مصادرة لأي حرية من حرياتهم.
أي أن الموقف الغريب والمتناقض لرئيسة مجلس حقوق الإنسان يطالب الدولة بأن تترك هؤلاء يقولون ما يشاءون ويكتبون من التقارير ما يحلو لهم باعتبار ذلك من حرية الرأي والتعبير، أما أن يكتب أي صحفي وكاتب وصحيفة ووسيلة إعلامية رأيه عن مواقف هؤلاء فهو تهديد وانتقام وليس في ذلك أي حرية رأي وتعبير..!!
مثل هذه المواقف الغريبة والمتناقضة تشير الى أن أعمال المعارضة الطائفية ومحاولة قلب نظام الحكم وكل أعمال التخريب والإرهاب والقتل والمطالبة بتخفيف الأحكام، هي مجرد تعبير عن رأي، وبذلك تأتي المطالبة بالإفراج عن كل مدان قضائيا وقاتل، وكل متطاول على المصالح العامة والخاصة أمرا عاديا وطبيعيا، أما أن يقوم كاتب ويدافع عن وطنه، ويكشف المخططات ويفضح التدريبات ويكتب عن التمويل الأجنبي ويتصدى للمحرضين ويكشف الأكاذيب والفبركات فهو شخص يدعو الى الكراهية والانتقام ويتعدى على حقوق الإنسان، وليس لهذا الأمر من علاقة بحرية الرأي والتعبير..! فإن لم يكن هذا هو التناقض الغريب فكيف يكون إذا..؟؟
لذلك وحيث إن رئيسة مجلس حقوق الإنسان قد استندت في حديثها عبر «تقارير إعلامية» الى اتخاذ مواقف سياسية فنحن نقول لها إنه وبحسب «التقارير الإعلامية» كذلك فإن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ضالع في دعم المعارضة الطائفية وأسهم في تمويل تنقلات ورحلات هؤلاء، وأن البعض منهم اتخذ مواقف تندرج تحت «الخيانة للوطن»، والبعض منهم انتهك حقوق الإنسان ومبادئ الشفافية في مواقف طائفية وكذب وتدليس.
وبحسب «التقارير الإعلامية» فإن أعضاء في جمعية الشفافية وفي جمعيات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني في البحرين هم طائفيون من الدرجة الأولى، وأن موقف رئيسة مجلس حقوق الإنسان في دعم هؤلاء هو موقف فيه من التمييز والعنصرية والأحكام غير الموضوعية، وبناء على تلك «التقارير الإعلامية» فعلى رئيسة مجلس حقوق الإنسان أن تستقيل وتغادر كرسيها لأنها ليست أهل له.
مفارقة غريبة أننا أصبحنا نعيش في زمن يريد البعض فيه أن يعمل وفق معايير متناقضة في حماية الإرهابيين والمخربين، ودعم المحرضين والحقوقيين، ومنح الأوسمة والشهادات والجوائز للوسائل الإعلامية المدانة بالكذب والفبركة، وكل هذه الأمور لا يجرؤ أحد أن يضع معايير كهذه مع دول أخرى، ويبدو أن فشل التحرك الطائفي في البحرين والمدعوم من الخارج في فبراير الماضي بدأ يخرج اليوم عبر منظمات حقوقية كنا نظن أنها محايدة وموضوعية، ولكنها بدأت تخلط العمل السياسي بالحقوقي، من أجل تحقيق أهداف مشبوهة في المنطقة عبر بوابة مملكة البحرين.
بحسب «التقارير الإعلامية» والمعايير المهنية والصحفية فإن ما كتبناه اليوم يندرج تحت حرية الرأي والتعبير، وليس شيئا آخر، إلا إذا كانت «التقارير الإعلامية» لرئيسة مجلس حقوق الإنسان ترى غير ذلك..!!