بالشمع الاحمر
مذابح القرن الحادي والعشرين..!
تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢
محمد مبارك جمعة
ما هذا الذي يجري في سوريا؟ نحر الأطفال وذبحهم وقطع رؤوسهم بدم بارد، والمجتمع الدولي يتفرج. والحقيقة أنه ليس هناك شيء اسمه «مجتمع دولي»، هناك قوى عظمى تتحكم في العالم وتسير قراراته. وهذه القوى هي التي تتفرج، ولا تريد أن تفعل شيئاً. بمجرد أن استخدم معمر القذافي سلاح المدفعية والطيران، هرعت الأمم المتحدة وسارعت الدول الأوروبية إلى التدخل، تحت ذريعة «حماية المدنيين» طبعاً. لكن بشار الأسد تجاوز القذافي بمراحل، إنه بالفعل سفاح هذا العصر من دون منازع، أنزل بطشه بالصغار قبل الكبار، وحرق المدن والقرى على ساكنيها وهجّرهم منها، وقتل من الأبرياء ما قتل. المدنيون في سوريا هم اليوم أكثر شعب في حاجة إلى الحماية في العالم، ومع ذلك فإن الكل يتفرج. كل ما تستطيع الأمم المتحدة فعله هو إصدار بيانات صحفية، ومجلس الأمن عاجز عن اتخاذ قرار تحت ذريعة الفيتو الروسي الصيني الذي تختبئ خلفه واشنطن ولندن والبقية.
موقف الجامعة العربية هو الآخر مخزٍ ومعيب، وأمينها العام الذي يتحدث في كل مرة عن «ضرورة وقف إراقة الدماء في سوريا» دائماً ما يعقب تصريحاته هذه برفض تسليح المعارضة السورية للدفاع عن المدنيين ورفض التدخل الدولي أيضاً..! إذن كيف تتم حماية المدنيين؟
بعد مجزرة الحولة التي قتل فيها أكثر من 100 سوري، من بينهم أكثر من 50 طفلاً قضوا ذبحاً بالقصف أو بسكاكين الشبيحة، تمخض مجلس الأمن فولد فأراً، ورغم أن أحد الدبلوماسيين البريطانيين قال إن بعد هذه المجزرة لم يعد هناك من خيار سوى خروج الأسد على الطريقة اليمنية أو التدخل العسكري، فإن رد نظام الأسد على كل ذلك كان مجزرة أخرى نفذها بالمدافع والرشاشات في حماة. الناس يقتلون بالعشرات والمئات ولا أحد يحرك ساكناً. حتى رئيس بعثة المراقبين، روبرت مود، يقول سوف نحقق في مجزرة الحولة وسنعاقب الفاعلين، رغم أن هذه البعثة لم تحقق أي شيء على أرض الواقع سوى إتاحة الفرصة للأسد ليقتل أكثر وأكثر كل يوم. بعد أكثر من 15 شهراً من القصف والقتل والتنكيل والتهجير الذي أصاب الشعب السوري، فإنه لا يزال هناك من يتحدث عن مراقبين ولجان تحقيق، ويوم أمس ذكرت «الاندبندنت» ان أوامر القتل في سوريا تصدر مباشرة من بشار الأسد وعائلته، ولم يعد هذا الأمر يخفى على أحمق. كلها مهل لإعطاء الأسد مزيداً من الوقت لإخماد الثورة التي لن تخمد مهما حصل، وكل الشواهد تشير إلى ذلك.
لقد ترك الشعب السوري يواجه مذابح القرن الحادي والعشرين التي ترتكب أمام مرأى ومسمع العالم المتحضر، وكأنه قد كتب عليه أن يتخلص من طاغية العصر من دون مساعدة أحد، ليكون الفضل كل الفضل في ذلك للشعب السوري فقط ولا أحد غيره.