المال و الاقتصاد
فروقات قياسية في أسعار الغاز حول العالم وصلت إلى 10 أضعاف بين منطقة وأخرى
تاريخ النشر : الأربعاء ٣٠ مايو ٢٠١٢
قال بدر جعفر، رئيس في شركة نفط الهلال «إن الاختلاف الحالي في أسعار الغاز حول العالم يعتبر مؤشرا على مدى إهمال الغاز عند إعداد سياسات الطاقة». حيث شهدت أسعار الغاز في الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة تراجعا في مركز التداول الرئيسي في البلاد إلى دون 2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فيما تم شراء شحنات الغاز الطبيعي المسال من قبل اليابان في الوقت ذاته بنحو 20 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، أي عشرة أضعاف السعر للمنتج نفسه في منطقتين مختلفتين من العالم.
وأضاف جعفر: «هناك حاجة الآن إلى مؤشرات تحدد الحد الأقصى لدفع الأسواق إلى التوازن. ويأتي هذا الخلل في السوق بفعل الخلل في السياسة ليشكل دروسا لسياسة الطاقة في منطقة الخليج».
وبينما تسير الأسعار في اتجاهين متعاكسين، يبدو العامل المسبب لهذا الاختلاف الشديد في الأسعار ذاته في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ويكمن في عدم التوازن بين العرض والطلب. فقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تغيرات ثورية في الإمداد بفعل الابتكارات في الإنتاج غير التقليدي، فيما لم يتم بذل الجهد اللازم لتحفيز الطلب على الغاز، ولاسيما بعد عزوف مشغلي محطات توليد الطاقة الكهربائية واللاعبين الكبار في قطاع الصناعة عن الاستثمار في استخدام الغاز كوقود بعد ارتفاع أسعار الغاز إلى 13 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2008.
أما في اليابان، فقد أدى الإغلاق المفاجئ للمفاعلات النووية في البلاد بعد كارثة فوكوشيما إلى إشعال الطلب على الغاز، حيث كانت هذه المفاعلات توفر 30% من إمدادات الطاقة في البلاد. ولأن اليابان لم تكن تتنبه إلى الحاجة إلى إمدادات غاز أكثر مرونة قبل الآن، فإنها تدفع أسعارا باهظة اليوم، وتفتقر إلى البنى التحتية الكافية لاستيراد الغاز الذي تحتاج اليه.
ولا تخضع أسعار الغاز المحلي في منطقة الخليج بالتأكيد إلى مستويات الأسعار السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، أو اليابان، أو أوروبا، حيث يتم عادة تنظيم الأسعار وتحديدها من قبل الحكومة عند مستويات منخفضة بغض النظر عن عوامل العرض والطلب. بيد أن تنظيم سعر الغاز لا يعني أن المنطقة بمنأى عن تأثير الاختلافات في أسعار الغاز عالميا، ولاسيما أن الكويت، وعمان، ودبي تستورد احتياجاتها من الغاز، فيما تراوح معدلات إنتاج الغاز في المملكة العربية السعودية دون المستويات المطلوبة، ويتم تصدير الغاز الطبيعي المسال في قطر، وعُمان، وأبوظبي. وبالتالي، فإن الأسعار في أسواق الغاز العالمية تمثل فرصة لمُصدّري الغاز لتعويض إمداد الأسواق المحلية بأسعار منخفضة. أما مستوردو الغاز، فعليهم المنافسة للحصول على إمدادات الغاز.
ويؤدي تحديد الأسعار المحلية في منطقة الخليج دون سعر التكلفة المحلية لإنتاج الغاز، كما الحال في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، إلى خلق مؤشرات سوقية خاطئة، ينجم عنها نقص في الاستثمار في الإنتاج وزيادة في الطلب، مما يجعل الاقتصاد أكثر عرضة لديناميات سوق الغاز العالمية، حيث يجب على صانعي السياسات، عندما تخفق إمدادات الغاز المحلية في تلبية الطلب، الإسراع الى الاختيار بين العجز في الإمداد أو الاستيراد لردم الهوة. وتبدو كُلفة المنافسة مع المشترين الآسيويين بالأسعار المرتفعة إلى مستويات قياسية حاليا أفضل إلى حد بعيد من قبول ارتفاع أسعار الغاز المنزلي، حيث إن ربط الأسواق المحلية بتقلبات أسعار الغاز العالمية من شأنه أن يعيق الخطط الصناعية المحلية ويحد من تطورها.
وقال جعفر «أعتقد بأن أفضل وسيلة لضمان تطوير الخليج لصناعة الغاز والقطاعات الاقتصادية الصناعية بكفاءة وفعالية تتمثل في أن تعكس أسعار الغاز كُلفة الإمدادات الحقيقية في السوق». وأضاف: «في الوقت ذاته، فإن المنطقة بحاجة إلى تجنب المنزلقات التي أدت إلى تدهور أسعار الغاز في الولايات المتحدة الأمريكية وصعودها في في اليابان بسبب عدم تكافؤ العرض مع الطلب. فيجب أن تسير خطط تعزيز الطلب وتحفيز العرض لتلبية هذا الطلب معا لضمان نمو مسؤول ومستقر. وتُظهر استراتيجية نفط الهلال المتكاملة التي ترتكز إلى تطوير إنتاج الغاز، وتحفيز الطلب من خلال إقامة محطات توليد الطاقة الكهربائية، وتنفيذ مفهوم مدن الغاز مدى نجاعة هذا النهج عند وضعه موضع التطبيق».