الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


وفاة نسبة (99,9%)

تاريخ النشر : الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢

جمال زويد



عزاء واجب:
خالص العزاء والمواساة لأهلنا في قطر الشقيقة لمصابهم الأليم في حادث الحريق الذي ذهب ضحيته عدد من أبنائنا وإخواننا نسأل المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.
خارج التوقعات:
لا أخفي سراً ان قلت إن نتائج الانتخابات الرئاسية في مصر العزيزة شكلت بالنسبة إلي مفاجأة لم أكن أتوقعها، لم أتوقع أن محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذي يمثل الإخوان المسلمين سيحصل على كل هذه الملايين من الأصوات في صناديق الاقتراع وأنه سيحتل المركز الأول بين المرشحين.
وسبب مفاجأتي لا يعود إلى عدم كفاءة أو أهلية هذا المرشح الرئاسي أو حزبه الذي ينتمي إليه، إنما السبب هو أنني كنت أتابع خلال الأسبوعين الماضيين حجم التحشيد والتجييش الذي أحسب ألا أحد في أي انتخابات في أي مكان في العالم قد تعرّض لمثل ما تعرّض له محمد مرسي. قنوات فضائية، صحف وأقلام، حسابات على مواقع التواصل الإلكتروني، داخل مصر وخارجها تفرّغت تماماً للتشويه والإساءة بشكل فاضح ومقزز كان من الواضح أنها اجتمعت - رغم مابينها من خلافات واختلافات وعداوات - على محاربة الإسلاميين، على وجه الخصوص «فوبيا» الإخوان المسلمين، وأعتقد أنها كانت شبه معركة حياة أو موت بذلوا فيها الغالي والنفيس، ليس من أموالهم فحسب وإنما أيضاً من أخلاقهم وضمائرهم وذممهم ومهنيتهم. حتى ان بعض الليبراليين واليساريين الذين كانوا يصرخون بأنهم أصحاب الثورة ومفجريها؛ لشدّة عدائهم وفجورهم في خصومة الإسلاميين يقولون الآن بعد إعلان النتائج «نار النظام السابق أفضل من جنة الإسلاميين»!
«الماكينة» الإعلامية القوية والمنظمة لمحاربة محمد مرسي لم تترك في ذهني أي فرصة لتوقع أنه يمكن أن يحقق فوزاً، حتى استطلاعات الرأي الكثيرة التي كانوا يعملونها أو يعلنون عنها لم تظهر أي تقدّم له نحو المركز الأول مما ينبئ أن غالب تلك الاستطلاعات كانت ضمن «ماكينة» التحشيد والتجييش ضد المرشح الإخواني الذي خيّب رجاءاتهم وتحليلاتهم واستطلاعاتهم واحتل المركز الأول مع بداية فرز نتائج الانتخابات فور إغلاق لجان ومراكز التصويت.
في المقابل كانت حملة الدكتور مرسي مشغولة بعرض وتسويق برنامج ومشروع انتخابي للنهضة والتنمية باعتبار أن المخرجات النهائية للانتخابات إنما تفرز برامج وليس مجرّد أشخاص، أو هكذا يُفترض لولا أن هذه المثالية اعتدنا في دولنا العربية والإسلامية أن تبقى غائبة عن الحضور في خضم أجواء الانتخابات التي تتسم في دولنا بالمشاحنات والتوترات والانحدار في الحملات نحو تسقيط الأشخاص والانشغال بتسفيههم وتشويههم عوضاً عن أن تكون الانتخابات فرصة للمناقشات والندوات والأطروحات وعرض برامج عمل وإصلاح ومعالجات يقدمها المترشحون بمختلف أحزابهم وكتلهم وتوجهاتهم بحيث ينشدّ لها ويستمتع بها الناخبون وتستقطب اهتماماتهم وتلبي طموحاتهم، وبالتالي يكون أمام الناس خيارات سياسات مستقبلية في السياسة، وفي الاقتصاد والتعليم والصحة والأمن والإسكان والقوى العاملة يستطيعون المفاضلة بينها.
على العموم، مساء يوم الاثنين الماضي تبين أن هذه الحرب الشرسة من التلفيقات والتدليسات والإشاعات كانت كما السراب الذي تبخّر بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وتبين أن كل تلك (الهجمة) غير المسبوقة إنما كانت مجرّد أحلام وأمنيات غير موجودة في دنيا المصريين، وأن مجالها كان منحصراً في مخيلة هؤلاء الحالمين أو الحاقدين فقط من دون غيرهم.
سانحة:
سُئلت سيدة مصرية كانت تقف في طوابير الانتخابات الرئاسية يوم الخميس الماضي: منذ متى تنتظرين في الطابور؟ قالت: أنتظر هذه اللحظة منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. وسُئل آخر: ما هو أكثر شيء أعجبك في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية؟ قال: وفاة النسبة المئوية التي أعتدنا عليها في العقود الماضية، وهي (99,9%).