الجريدة اليومية الأولى في البحرين


في الصميم


من المتهم؟!

تاريخ النشر : الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢

لطفي نصر



في خبر نشر مؤخرا عقب اجتماع مجلس الخدمة المدنية برئاسة نائب رئيس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، مقتضاه أن ديوان الخدمة المدنية نجح خلال عام 2011 ميلادية في توفير مبلغ 21 مليون دينار بحريني من خلال ضبط نفقات القوى العاملة.
في البداية أود الإشادة بجهود القائمين على ديوان الخدمة المدنية.. حيث جميعهم إضافة إلى أنهم من الأكفاء.. فإنهم يتعاملون بضمائرهم ولا يبتغون غير مرضاة الله في أداء واجبهم.
لكنني أقولها صراحة، إنه كان بوسع الديوان أن يوفر ضعف هذا المبلغ.. بل وأكثر من الضعف لو دقق القائمون عليه بعض الشيء في بدلات سفر كبار الموظفين.. وفي التخمة المشهودة في أعضاء الوفود الحكومية.. وفي مدى أهمية المهام التي تسافر من أجلها هذه الوفود إلى الخارج.
والظاهرة التي لا يريد أحد الالتفات إليها أو معالجتها، هي أن النتائج أو الفائدة التي تعود من وراء سفر المشاركين في المناسبات والمؤتمرات تكاد تقترب من الصفر.. فالكثير من المشاركين في المؤتمرات والتجمعات يعودون كما لو لم يسافروا.
أريد القول، إن المجال أمام ديوان الخدمة المدنية من أجل التوفير والترشيد في الإنفاق واسع المدى.. لكن بشرط عدم المساس بحقوق صغار الموظفين.. أو بدلاتهم.. أو التغيير في مجال الأجور المقابلة لساعات العمل الإضافية الفعلية.
بقيت ظاهرة شكا منها الكثيرون.. وتمنوا لو تم وضع حد لها أو التخفيف من حدتها في يوم من الأيام!
هذه الظاهرة تتمحور حول أن ديوان الخدمة المدنية متهم دائما بالتسويف في إنجاز معاملات موظفي الحكومة.. والحقيقة أن المتهم الحقيقي في هذه القضية الأزلية، وفي الأعم الأغلب، هي بعض الوزارات والهيئات وجهات العمل.. هذه الجهات التي تتعمد تعطيل إنجاز معاملات الموظفين إمعانا في التعقيد وإذلال خلق الله، ولا تتورع عن إلقاء التهمة ظلما وعدوانا على ديوان الخدمة المدنية.
تأتي إلينا رسائل الكثير من الموظفين، والتي يقولون فيها: تتعطل معاملاتنا، وعندما نسأل الإدارات المختصة بالوزارات والهيئات يكون الجواب بأنها معطلة عند ديوان الخدمة المدنية.. بينما الحقيقة المرة هي أن المعاملة تكون قابعة في أدراج بعض المسئولين.. لا لشيء إلا لتصفية حسابات أحيانا.. أو استمتاعا بالتعطيل وتعقيدا للأمور.. وحرمان أصحاب الحقوق من حقوقهم.. وغير ذلك من الأسباب التي لا يرضى عنها سمو رئيس الوزراء، بل يرفضها رفضا قاطعا، وهو الذي يحض الجميع دائما على سرعة إنجاز المعاملات ورد الحقوق إلى أصحابها.. ولدينا الكثير من الشكاوى في هذا الخصوص!
}}}
أقسم بالله أنني لا أظلم أحدا.. ولذا أقول إنه من خلال متابعاتي لعملية توزيع الاعتمادات المالية التي تخصصها الشركات للمساعدات والإعانات، وهي ضخمة، عندما تخصم كنسبة من الأرباح يتم توزيعها في معظم الأحوال على غير المحتاجين إليها.. ويحرم منها من هم في مسيس الحاجة إلى أي شيء منها!
الأسوأ من ذلك أن بعض الجهات التي تتبرع بأموالها وأرباحها تتباهى بعملية توزيع هذه التبرعات.. بل تنافق في عملية التوزيع في كثير من الأحيان.. وتتقرب إلى بعض الجهات.. ويكون الهدف من عملية تسليم الشيكات هو التقاط الصور والمسارعة إلى نشرها عبر الصحف.. أي أن هذه التبرعات تستخدم من أجل الدعاية لبعض الجهات المتبرعة.. ولذلك لا تكتب لهؤلاء ذرة من حسنة واحدة عند الله.. والسبب هو أنه لا ينفع تصويرهم مع الغلابة والمساكين والمحتاجين، وإن كان هذا التصوير ممكن، فإن هذه الصور لا يجوز نشرها في الصحف!
أسجل ذلك وأنا أشعر بمرارة تملأ الحلق، حينما كنت أتابع الحوار الذي دار في آخر جلسات دور الانعقاد الثاني لمجلس النواب بين الوزير الدكتور عبدالحسين ميرزا والنائب الدكتور علي أحمد حول توزيعات بابكو لتبرعاتها البالغة 6 ملايين دينار بحريني!
6 ملايين دينار وزعتها بابكو على مطار البحرين الدولي، وحلبة الفورمولا، ومستشفى الإرسالية الأمريكية، والمعهد البريطاني، ونوادي الروتاري.. وكان الألم أشد وأنا أرى الدكتور علي أحمد يضرب كفا بكف وهو يتساءل: هل يعقل أن تذهب التبرعات إلى مطار البحرين والفورمولا والمعهد البريطاني.. هل هؤلاء تنطبق عليهم معايير استحقاق التبرعات؟!
وإذا كان الأمر يهون مع جميع الجهات المذكورة.. فهل يجوز توزيع تبرعات بابكو على نوادي الروتاري.. والكل يعلم ما هي نوادي الروتاري؟!
مرافعة الدكتور علي أحمد كان ينقصها أن يوجه في ختامها اتهاما صريحا إلى القائمين على شركة بابكو مقتضاه أنهم يتعمدون نشر الفقر والمعاناة في البحرين عندما يصرون على عدم توجيه تبرعات الشركة العامة - وهي أموال عامة - إلى المستحقين الحقيقيين في المجتمع!
}}}
تحية تقدير وإعجاب أرفعها إلى السيد عبدالحكيم الخياط الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي في البحرين، عندما فكر ونفذ دورة تدريبية خاصة لموظفي البنك حول كيفية التعامل مع الصم من زبائن البنك من أجل سهولة فهم ما يريدون ضمانا لسرعة تقديم الخدمة المصرفية إليهم، وهذه الدورة تؤكد أن هناك مسئولين يفكرون ويبدعون في خدمة الناس!
أقول ذلك وهناك الكثير من البنوك والشركات والمؤسسات وحتى الوزارات، تضرب بمتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة عرض الحائط!