قمة مجموعة الدول الثماني وقمة رِيو البيئية
 تاريخ النشر : الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢
بقلم: د. إسماعيل محمد المدني
انتظرت طويلاً حتى نهاية قمة مجموعة الثماني التي عقدت في منتجع كامب ديفيد في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من ١٨ إلى ١٩ مايو لأكتب هذا المقال بعد الاطلاع على الوثائق والقرارات كافة التي تمخضت عنها.
والسبب في هذا الانتظار هو رغبتي في الكتابة عن قمة التنمية المستدامة التي ستعقد في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في العشرين من يونيو من العام الجاري، وذلك بعد مرور عشرين عاماً على قمة ريو التاريخية التي عقدت في يونيو ١٩٩٢ وتمخضت عنها وثيقتان هما «إعلان ريو» و«الأجندة ٢١ أو جدول أعمال القرن الحادي والعشرين». فقد كنت أود معرفة مستقبل هذه القمة المرتقبة، وإمكانية نجاح أعمالها وتحقيق ما تصبو إليه الشعوب من خطط عمل واضحة تنعكس إيجاباً على البيئة ومواردها الحية وغير الحية.
فقد جاءت وثائق قمة مجموعة الثماني مخيبة للآمال ولا تعطي أي مؤشرات ايجابية على نجاح هذه القمة البيئية، وتمثلت في وثيقة واحدة رئيسة هي «إعلان قمة مجموعة الثماني»، التي تكونت من ٣٩ بنداً تم تقسيمها تحت ستة أبواب، أو ستة عناوين رئيسة. فالعنوان الرئيس الأول هو «الاقتصاد الدولي»، والثاني «الطاقة والتغير المناخي»، والعنوان الثالث «الأمن الغذائي»، ثم «أفغانستان»، والخامس «التحول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، وأخيراً «قضايا سياسية وأمنية».
فهذا الإعلان لم يتطرق بتاتاً إلى قمة ريو للتنمية المستدامة الشهر القادم، ولم يشر إليها، وكأن هذه القمة لن تعقد ولا أهمية لها البتة. ومن جانب آخر فقد خلا الإعلان من الإشارة إلى أي قضية بيئية دولية، سوى قضية التغير المناخي، التي جاءت في سياق «أمني» و«اقتصادي»، وليس في السياق «البيئي»، وهو السعي نحو تحقيق أمن الطاقة للدول المشاركة، وتوفير مصادر الطاقة البديلة لها من أجل توفير الوظائف وتعزيز النمو الاقتصادي. أما قضية التلوث الناجم عن التغير المناخي وخفض انبعاث الملوثات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون، فلم تذكر بتاتاً في وثائق قمة مجموعة الثماني، وكأنها قضية لا وجود لها في جدول أعمال دول العالم، ولا تهم أي دولة، ولا تأثير لها على مستقبل استدامة عطاء الكرة الأرضية برمتها.
وعلاوة على هذا المؤشر القوي الذي يؤكد لي فشل قمة ريو للتنمية المستدامة، فإن هناك مؤشرات ودلائل أخرى تؤيد هذا الرأي. فالمؤشر الثاني هو ضعف مستوى التمثيل في هذه القمة، فأوباما لن يشارك، فهو مشغول بِحَدثٍ أهم من البيئة والتنمية المستدامة، وهو الحفاظ على مقعده في البيت الأبيض أثناء الانتخابات الرئاسية القادمة، ومستشارة ألمانيا أنجلا ميركيل ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون أرسلا اعتذارهما لعدم الحضور، إضافة إلى أن وفد الاتحاد الأوروبي لا يعتزم المشاركة.
أما المؤشر الثالث فهو فشل اللجنة التحضيرية للإعداد لقمة ريو حول التنمية المستدامة والمكونة من ١٩٣ دولة في تحقيق الإجماع حول جدول أعمال القمة وخطة العمل التنفيذية العالمية التي ستأتي تحت عنوان «لمستقبل الذي نريد»، فهذا الفشل يشير إلى حِدة وتوسع الخلاف بين الدول حول جدول الأعمال والوثائق التي ستتمخض عنها.
ولذلك فالأضواء العالمية على قمة ريو ستكون خافتة جداً، ولن تلق الزخم نفسه الذي صاحب قمة ريو لعام ١٩٩٢، وهذا هو حال جميع القضايا البيئية الدولية الآن، فقد تم تهميشها، وقذفها في مؤخرة جدول الأعمال وقائمة الأولويات.
.