أخبار البحرين
في كلمة شاملة لرئيس الوزراء أمام المنتدى الاقتصادي في بانكوك:
الاقتصاد العالمي سيواجه أزمات جديدة
تاريخ النشر : الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢
أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أن الاقتصاد العالمي سيواجه أزمات من حين لآخر بصور وأشكال مختلفة الأمر الذي يتطلب منا العمل على التعامل معها بشكل جدي وموضوعي للتخفيف من أي أضرار سلبية والحيلولة دون تأثيرها على معدلات النمو، أو على الجهود المبذولة في سبيل تحقيق الأهداف التنموية لمكافحة الفقر، وزيادة معدلات فرص العمل.
وشدد سموه على أهمية استمرار التعاون والتنسيق بين الدول، وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري، وإلغاء الحواجز المقيدة للاستثمار، وذلك بهدف الحد من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية.
جاء ذلك في كلمة شاملة بالغة الأهمية ألقاها سموه أمس أمام المؤتمر الاقتصادي لدول آسيا المنعقد في العاصمة التايلندية حيث يشارك سموه في هذا المنتدى العالمي بوصفه ضيف شرف رفيع المستوى.
ولم يفت سموه أن يؤكد من خلال كلمته أن دول مجلس التعاون قد حققت خطوات كبيرة في مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي عبر ثلاثين عاما، وهي الآن بصدد تطوير هذا التعاون للوصول إلى الاتحاد.. هذا الاتحاد الذي سوف يحقق نقلة اقتصادية للمنطقة تقدر بتريليون دولار.
وقال سموه: إن دول التعاون تتمتع بميزات في مجالات وفرة الطاقة والغاز الطبيعي وتسيطر صناديق الثروة السيادية بدول المجلس على 50% من مجموع قيمة صناديق الثروة السيادية في العالم.
وقال سمو رئيس الوزراء: إن العلاقة بين دول المجلس ومجموعة دول «الآسيان» هي علاقة تكاملية يمكن ان تؤدي إلى زيادة رفاهية المواطنين من خلال الازدهار المشترك.
وأشار سموه إلى ان الموضوعات المعروضة على المنتدى وتتعلق بدول مجموعة الآسيان تهمنا نحن أيضا من حيث القضاء على الفقر، وتمكين المرأة، وتطوير القوى البشرية، وتعزيز الأوضاع المالية والمصرفية، واستقطاب التكنولوجيا.. كما أشار إلى ان هناك نية لتوسيع عضوية «الآسيان» لتضم الدول الآسيوية المتعاونة معها حاليا الأمر الذي سيجعل المنطقة كتلة اقتصادية كبرى تتوحد جهودها لمواجهة التحديات.
(التفاصيل)
أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أن الاقتصاد العالمي سيواجه من حين لآخر أزمات بصور وأشكال مختلفة، الأمر الذي يستدعي منا العمل على التعامل معها بشكل جدي وموضوعي للتخفيف من أية اضرار سلبية على دولنا، والتأكد من عدم تأثيرها في معدلات النمو الاقتصادي، والجهود المبذولة في سبيل تحقيق الاهداف التنموية لمكافحة الفقر، وزيادة معدلات فرص العمل، وتطوير الرعاية الاجتماعية والصحية.
وشدد سموه على ان تزايد أهمية استمرار التعاون والتنسيق بين الدول، وفتح آفاق جديدة للتبادل التجاري، وإلغاء الحواجز المقيدة للاستثمار، وذلك للحد من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، بالاضافة إلى تحفيز النشاط الاقتصادي، وهو ما يتطلب توافر التمويل التجاري بصورة كافية، والسيولة اللازمة من العملة الاجنبية، وحسن ادارة تدفقات رؤوس الاموال ذات الطبيعة المتقلبه، بالاضافة إلى حماية الاستقرار المالي في المنطقة.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها سموه أمس أمام «المنتدى الاقتصادي العالمي لدول شرق آسيا» الذي شارك فيه الرئيس الاندونيسي ورؤساء وزراء كل من تايلند وفيتنام ولاوس، بالإضافة إلى البروفيسور كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي ورئيس الاجتماع وبمشاركة حوالي 650 من المسؤولين الحكوميين ورجال الصناعة والتجارة والخبراء وممثلين عن مجموعات اقتصادية عالمية، وعدد من قادة الشباب وأصحاب المشاريع الاجتماعية، فضلا عن العديد من منظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ورجال الصحافة والاعلام.
ولفت صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء في كلمته إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حققت خطوات كبيرة في مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي خلال السنوات الثلاثين الماضية، وهي الآن بصدد تطوير هذا التعاون للوصول إلى مرحلة الاتحاد، وبما يحقق لهذا التجمع آفاقا اقتصادية وسياسية كبيرة ينعكس إيجابا على شعوب المنطقة، ويفتح آفاقا جديدة للتنمية الاقتصادية، ويحقق للمنطقة كتلة اقتصادية تقدر بـ 1 تريليون دولار.
ورأى سموه أن هناك امكانات وفرصا كبيرة لتطوير وتعزيز التبادل التجاري بين «الآسيان» ودول مجلس التعاون، لما تمثله المجموعتان من أهمية كبيرة على المستوى الدولي في ظل ما تم تحقيقه في الجوانب التنموية والامكانات الاقتصادية لكل منهما، حيث تشير احصائيات صندوق النقد الدولي باستمرار معدل النمو في دول «الآسيان» في حدود 5% و4% لدول مجلس التعاون في عام .2012
وأوضح سموه أن أحدث الاحصائيات تشير إلى أن عدد سكان دول «آسيان» يبلغ 600 مليون نسمة، وأن الناتج المحلي الإجمالي لدول «الآسيان» يفوق 1,8 تريليون دولار، ولديها وفرة وتنوع في المواد الغذائية ووفرة في العمالة الماهرة ذات الأجور المناسبة، وهي أحد الشركاء الأساسيين لدول مجلس التعاون في مجال استيراد الطاقة.
وأشار سموه إلى أن دول مجلس التعاون تتمتع بميزات في مجالات وفرة الطاقة حيث تنتج مجتمعة حوالي 14,5 مليون برميل نفط في اليوم بما يعادل 20% من الإنتاج العالمي، كما تنتج من الغاز الطبيعي 284 مليار متر مكعب بما يعادل حوالي 9,5% من اجمالي الانتاج العالمي، وتسيطر صناديق الثروة السيادية فيها على 50% من مجموع قيمة صناديق الثروة السيادية في العالم، بالإضافة إلى إمكانية استفادة دول «الآسيان» من القنوات الاستثمارية التي توفرها المصارف الإسلامية، فضلا عن أن دول الخليج تعد أحد أهم الأسواق لدول «الآسيان» في مجال استيراد المواد الغذائية والتبادل التجاري بصفة عامة واستيعاب العمالة الآسيوية.
وأكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أنه من هذا المنطلق فان العلاقة بين المنطقتين هي علاقة تكاملية يمكن أن تؤدي إلى زيادة رفاهية المواطنين من خلال الازدهار المشترك، لافتا سموه إلى أن تحقيق هذا يتطلب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات الوزارية المشتركة، والمضي قدما لترسيخ التعاون وفتح مجالات جديدة يسهم فيها القطاع الخاص بدور كبير.
وأوضح سموه أن هذا الأمر سيكون ميسراً الآن أكثر من أي وقت مضى نسبة الى التحول الذي حدث في بنية الاقتصاد العالمي، من حيث بروز قوى اقتصادية جديدة ومؤثرة مثل «آسيان»، منوها سموه إلى أن التكتلات الاقتصادية ومنها «آسيان» تلعب دورا مهما في التغلب على التحديات التي تعجز الدول عن مواجهتها منفردة، وبهذا تصبح هذه التكتلات حلقة ربط وسيطة بين الدول والتكتلات الاخرى والاقتصاد العالمي بصفة عامة.
وأعرب سموه عن سعادته أن يعقد هذا المنتدى في مملكة تايلند التي تربطها علاقات وثيقة ومميزة مع مملكة البحرين، مشيرا سموه إلى أن الاجتماع الوزاري المشترك الأول لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة شعوب جنوب شرق آسيا «آسيان» قد عقد في مملكة البحرين في عام 2009، والذي اعتمد رؤية مشتركة لتطوير العلاقات بين الجانبين لتحقيق المنافع والمصالح المشتركة للمنطقتين، الأمر الذي يؤكد الأهمية التي توليها دول المجلس لتوثيق علاقاتها مع «آسيان». وقال سموه «مما لاشك فيه أن المواضيع المعروضة على جدول أعمال هذا المنتدى، والتي تتعلق بالأوضاع في مجموعة الآسيان، تهمنا أيضا سواء من حيث القضاء على الفقر، وتمكين المرأة، وتطوير القوى البشرية، وتعزيز الاوضاع المالية والمصرفية، واستقطاب التكنولوجيا، وأن وجود هذه النخبة من رجال الاعمال والسياسة والمختصين سيسهم في تناول المواضيع المختلفة بما يسهم بالخروج بتوصيات عملية ومفيدة لنا جميعا».
وأكد سموه الأهمية الكبيرة للمحور الرئيسي الذي ينعقد في اطاره المنتدى وهو «صياغة مستقبل المنطقة عن طريق التواصل»، منوها سموه أنه تابع باهتمام المداخلات القيمة للمشاركين في المنتدى فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية لدول «الآسيان»، وخاصة في ظل المتغيرات العالمية المتلاحقة علي مختلف الأصعدة، والتي تؤثر وتتأثر بها دول المنطقة، والتحديات التي تواجهها في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وبناء وتحديث البنى التحتية بما في ذلك شبكات الربط التكنولوجي والبنية الأساسية بين الدول، وتوثيق عرى التعاون فيما بين دول المنطقة والاندماج الايجابي في الاقتصاد العالمي بما يعود بالفائدة على آسيان.
وأشار صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إلى أن «آسيان» حققت نجاحات كبيرة منذ تكوينها عام 1967، من حيث تعزيز حصتها في الناتج العالمي والتجارة البينية، إلى جانب إسهام المنطقة في التجارة الدولية، ونوه سموه إلى أن تحقيقها لمستويات مرتفعة من النمو الاقتصادي والحد من الفقر يعد أعظم انجازاتها ومصدر الهام للعديد من الدول النامية، حتى أضحت «آسيان» واحدة من الكتل الاقتصادية والتجارية المؤثرة في العالم.
وأوضح سموه أنه على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها «آسيان»، إلا أنها كغيرها من الدول والتكتلات الاقتصادية لم تسلم من الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، والتي تبدأ في العادة من الدول الصناعية، وتنتقل آثارها ومضاعفاتها الى الدول النامية، ويكون لها أسوأ الاثر على معدلات النمو الاقتصادي، وإحداث خلل في موازين المدفوعات وتخفيض قيمة العملات وازدياد معدلات البطالة نتيجة للترابط الوثيق بين اقتصاديات الدول في إطار العولمة والانفتاح، وقد اتضح هذا جليا خلال تعرض «آسيان» إلى الازمتين الاقتصاديتين والماليتين في 1997-1998و2008-2009 وازمة منطقة اليورو حاليا.
وبيّن سموه أن التحديات الراهنة التي تواجهها دول المنطقة تتمثل في احتواء المخاطر الناجمة عن التقلبات المالية والتجارية العالمية، والتي ستجد طريقها إلى هذه الدول عن طريق التجارة والاسواق. وقال سموه «من حسن الحظ أن دول آسيان تجد نفسها في موقف جيد نسبيا بالمقارنة مع بقية الدول النامية للتعامل مع هذه الازمات والتحديات الناجمة عنها والتصدي لها، حيث استفادت من التجارب التي مرت بها سابقا، واستطاعت هذه الدول منذ ذلك الحين بناء احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية، وتحسين موازين مدفوعاتها وموازينها التجارية مع الدول الأخرى، كما خفضت ديونها وعززت الرقابة البنكية».
وأكد سموه أن من أهم عوامل القوة التي يتميز بها «آسيان»، والتي ستسهم بشكل ايجابي في صياغة مستقبل المنطقة عن طريق الربط، هي اعتمادها على المدخل الاقتصادي كأساس لبناء التعاون الإقليمي، وخلق المصالح المشتركة بين الدول الأعضاء على النحو الذي يدفع تجاه المزيد من التعاون في المجالات الأخرى.
وقال سموه «يجب العمل على تعزيز هذا التوجه، ريثما يُستكمل بناء جماعة رابطة آسيان بحلول عام 2015، حيث ستركز الترتيبات التكاملية الجديدة على مجالات جديدة مثل الاستثمار وسوق العمل وسياسيات المنافسة، والتكامل النقدي و المالي، والتعاون العلمي والتكنولوجي والبيئي، كما أن توسيع عضوية الآسيان ليضم الدول الآسيوية المتعاونة معها حاليا سيجعل من المنطقة كتلة اقتصاديه كبرى تتوحد جهودها لمواجهة التحديات والانطلاق نحو آفاق أرحب للتعاون، والإسهام الايجابي في معالجة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي».
وأعرب سموه عن بالغ السرور والاعتزاز بالمشاركة في أعمال هذا المنتدى الاقتصادي العالمي، وعن جزيل الشكر والتقدير للسيدة «ينجلوك شيناواترا» رئيسة الوزراء في مملكة تايلند على دعوتها الكريمة للمشاركة في هذا المنتدى المهم، وبحضور هذه النخبة المميزة من رجال الاقتصاد والسياسة والأعمال والمثقفين، متمنيا سموه لحكومة وشعب مملكة تايلند كل التقدم والازدهار ولاعمال هذا المنتدى النجاح والتوفيق.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء قد وصل إلى فندق شانغريلا للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي لشرق آسيا، حيث كانت في استقبال سموه لدى وصوله رئيسة وزراء تايلند ينجلوك شيناواترا والبروفسير كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي ورئيس الاجتماع وعدد من كبار المشاركين في المنتدى حيث صافح سموه كبار مستقبليه.
بعدها توجه سموه إلى القاعة المعدة لكبار الضيوف حيث التقى سموه بقادة ورؤساء الدول والحكومات المشاركين في المنتدى وتبادل معهم الموضوعات المطروحة على جدول أعمال المنتدى، وقد أكد سموه ضرورة التعاون بين مملكة البحرين ودول الآسيان، وأهمية المنتدى في إلقاء الضوء على مختلف النماذج الاقتصادية، وتبادل الخبرات في هذا المجال.
ثم توجه سموه إلى المكان المخصص له حيث بدأت وقائع الجلسة الافتتاحية للمنتدى، وقد القى كل من الرئيس الاندونيسي ورؤساء حكومات كل من تايلند وفيتنام ولاوس كلماتهم التي تناولت السبل الكفيلة لإيجاد تنوع اقتصادي بين دول الآسيان واجمعوا على أهمية التعاون بين دول شرق آسيا وإيجاد مزيد من النمو الاقتصادي والحفاظ على امن واستقرار المنطقة.
ثم وجه البروفيسور كلاوس شواب رئيس الاجتماع سؤالاً حول رؤية قادة دول الآسيان لما ينبغي ان تكون عليه دولهم مستقبلاً، وقد تحدث كل من هؤلاء القادة عن رؤيته ونظرته بما يمكن ان يحقق تطلعات الدول من خلال التعاون في مختلف المجالات وكيفية مواجهة التحديات المستقبلية.