أخبار البحرين
الدكتور عبداللطيف آل محمود في خطبة الجمعة:
أحذر الشعب الخليجي كله من الدورة الثانية لمخطط التمزيق
تاريخ النشر : السبت ٢ يونيو ٢٠١٢
في خطبة الجمعة بجامع عائشة أم المؤمنين بالحد تحدث فضيلة الشيخ الدكتورعبداللطيف آل محمود في موضوع «الحق والباطل شجرتان طيبة وخبيثة» حيث قال:
ضرب الله مثلا للحق والباطل بكلمتين إحداهما طيبة والأخرى خبيثة، وبين أثر كل منهما، فالكلمة الطيبة شجرة لها كيان وظلال يأوي إليها أصحاب الحق، ولها ثمار وآثار طيبة يجنيها من يستجيب لها ويعمل بها ويستظل بظلالها، والكلمة الخبيثة شجرة لها كيان وظلال يأوي إليها أصحاب الباطل، ولها ثمار وآثار خبيثة وسيئة يجنيها من يستجيب لها ويعمل بها ويستظل بظلالها.يقول الله تعالى في سورة إبراهيم:
«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ × تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ × وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ × يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدلانْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَيُضِللا اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ».
فما تلك الكلمة الطيبة وما تلك الكلمة الخبيثة؟
اتفق المفسرون على أن أول ما ينطبق على هذه الآية كلمة التوحيد وهي قول (لا إله إلا الله)، وأن كلمة الكفر سواء كانت تكذيبا بالله أو كفرا به أو جعل أنداد وشركاء له هي كلمة خبيثة. فالأولى توصل صاحبها إن عمل بمقتضاها للحياة الطيبة في الدنيا وتدخله الجنة في الآخرة. والثانية توصل صاحبها إن عمل بمقتضاها للحياة البائسة في الدنيا وتدخله النار يوم القيامة. ويستدلون على ذلك بقوله تعالى بعد ضرب المثلين: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدلانْيَا وَفِي الآخرَةِ وَيُضِللا اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ».
والحكمةُ في تمثيل الكلمتين الطيبة والخبيثة بالشجرة: هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء: عِرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال. كذلك الإيمان والكفر لا يتمان إلا بثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.
وتشبيه الله تعالى الكلمتين الطيبة والخبيثة بالشجرتين للدلالة على أن لكل منهما أثرا في الحياة وأن آثارهما تتعاظم وتكبر وتنتج ثمرة.
والفرق بين الشجرتين أن الشجرة الطيبة صلبة قوية عميقة الجذور فمن الصعب اقتلاعها، أما الشجرة الخبيثة فهي رغم هيكلها وما لها من جذع وفروع إلا أنها ضعيفة لأن عروقها تكون على ظاهر الأرض ولذلك من السهل اقتلاعها بالحجة والبرهان.
الكلمة الطيبة لا تقتصر على كلمة التوحيد والكلمة الخبيثة لا تقتصر على كلمة الكفر غير أن الكلمة الطيبة التي ضرب الله بها المثل لا تقتصر على كلمة التوحيد بل إنها عامة تشمل كل كلمة تدل على الحق وتدعو للخير، كما أن الكلمة الخبيثة التي ضرب الله بها المثل لا تقتصر على كلمة الكفر والشرك بل إنها أيضا عامة تشمل كل كلمة تدل على الباطل وتدعو للشر، وتشمل الأقوال والأفعال، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ) وقال: (مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ). اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنك سميع مجيب.
كيف ينظر الساسة الغربيون إلى الإنسان وحقوق الإنسان؟
وأخص بالذكر السياسيين الغربيين ومنهم العسكريون حتى لا نخلط بينهم وبين عامة الشعوب الغربية، فالشعوب الغربية ليسوا مثل الساسة الغربيين.
فعموم الشعوب الغربية لديها احترام للإنسان أيا كان جنسه أو لونه أو جنسيته، فالفطرة الإنسانية متساوية لدى الإنسان، وإنما يؤثر عليها الإعلام أو التوجيهات السياسية أو الثقافية ومنها التوجيهات الدينية.
الساسة الغربيون يقسمون الإنسان إلى قسمين
أما الساسة الغربيون فإنهم يتعاملون مع الإنسان باعتباره نوعين:
النوع الأول: الإنسان الذي يحمل جنسية إحدى الدول الغربية أو يهودي الديانة، فهذا الإنسان يجب أن يكون محترما محفوظ الكرامة يدافع عنه عند أي انتهاك لحقوقه مهما كان صغيرا.
النوع الثاني: إنسان لا يحمل جنسية الدول الغربية وليس يهودي الديانة، فهذا الإنسان ليس له حق من حقوق الإنسان إلا بمقدار ما يخدم السياسة الغربية، وهذه الحقوق التي يدافع عنها هي مؤقتة بوقت أدائه لهذه الخدمة.
والنوع الثاني من الإنسان عند الساسة الغربيين هم وبلادهم مختبر للتجارب ومحل للتلاعب بهم وبمقدراتهم لفائدة المصالح الغربية، يتدخلون لحمايته إن كان في ذلك تحقيقا لمصالحهم السياسية، ويتخلون عنه ولا يبالون به ولما يتعرض له، بل يتاجرون في قتله إن كان في ذلك تحقيقا لمصالحهم السياسية.
أنواع تعامل الساسة الغربيين بقضايا غير الغربيين
وللدلالة على هذا النوع من التفرقة انظروا ماذا فعل الساسة الغربيون بالأفارقة والآسيويين منذ أن وطئت أقدام الغربيين أراضيهم واستعمروها وبسطوا عليها هيمنتهم، وانظروا كيف يتعاملون مع المشاكل التي تحدث في الدول العربية والإسلامية ودول العالم الإفريقي والآسيوي، حيث رأينا أربعة أنواع من التعاملات في التعامل مع الدول العربية خلال السنتين الماضية والحالية:
ـ دول انقلبت فيها السياسة من الدعم التام للنظام الحاكم المستبد إلى الوقوف مع حركات الشعوب كما حدث في تونس ومصر.
ـ دول تدخلوا في نزاعها بقوة السلاح كما حدث في ليبيا واليمن للوصول إلى حل يرتضون به ولو مؤقتا.
ـ دول يساندون فيها دعاة التمزيق وبث الكراهية كما حدث لدينا في البحرين كما هو واقع من التصرفات السياسية للولايات المتحدة الأمريكية بتحركات مكشوفة. من ذلك التقاء نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي دينيس ماكدونو في البحرين خلال هذا الأسبوع بدعاة تمزيق الوطن وبيعه والذين عملوا على بث الكراهية بين أبنائه بناء على الانتماء الطائفي باعتبارهم ممثلين للمجتمع المدني، فليس لغيرهم اعتبار لأن غيرهم لا يحقق لهم مصالحهم السياسية. علما بأن الأنباء تتحدث عن مفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لصفقات سياسية في الشرق الأوسط لمصلحتهما على حساب دول المنطقة وشعوبها.
ـ دول يطيلون أمد الأزمة فيها رغم الآلاف المؤلفة من القتلى من المدنيين والنساء والأطفال كما حدث ويحدث في سوريا العزيزة، ورغم قيام النظام السوري بمذابح ضد الإنسانية خلال ما يزيد على السنة، إلا أن الدول الغربية لا تتخذ أدوات الضغط الكافية لحماية الشعب السوري من النظام الطائفي الذي يستخدم كل أدوات القتل والتنكيل والتعذيب ضد أبنائه لأن هذا النظام خدم المصالح الغربية، ويرون أن تغييره لا يساعد على تحقيق المصالح الغربية ومنها حماية أمن إسرائيل الذي قام به النظام الطائفي الحاكم منذ أن تولى الحكم إلى اليوم الحاضر.ويعينهم في ذالك النظام الروسي الذي يدعم هذا النظام بالسلاح والعتاد ويستخدم مع الصين الفيتو في مجلس الأمن لعدم اتخاذ أي عمل ضد هذا النظام الذي ثبت بما لا يدع مجالا للشك قيامه بأعمال ضد الإنسانية، مع إمكانية اتخاذ إجراءات ضغط أكبر مثل الحصار الجوي والحصار البحري حتى ينقذ الشعب السوري من قبضة هذا النظام الطائفي الملطخة أياديه بدم الشعب السوري ودم الشعب اللبناني.
هذا ما تفعله السياسة الغربية نحو غير البلاد الغربية، إنها الكيل بمكيالين للإنسان.
تحذير لشعوب ودول الخليج من الدورة الثانية لمخطط التمزيق
ويجب على الدول العربية والإسلامية عامة ودول الخليج العربية وخاصة أن تكون على مستوى المسؤولية وأن تعد العدة للدورة الثانية من تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني الإيراني بعد أن فشل في الدورة الأولى من تنفيذ ذلك المخطط، وعلى شعوبنا أن تعي ما يدور في الكواليس وأن تعلم أن وحدتها على اختلاف توجهاتها هو الدرع الأول لإنقاذها وإنقاذ دولها من الحرب التي تنتظرها كما أثبته شعب البحرين لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
أرى تحت الرماد وميض نار
واخشى أن يكون لها ضرام