أخبار البحرين
الشيخ الحسيني يتحدث عن التناصر وفضائله
تاريخ النشر : السبت ٢ يونيو ٢٠١٢
قال الشيخ عبدالله الحسيني في خطبة الجمعة بجامع خليفة بن موسى بالحالة
إن من عظمة ديننا الإسلامي الحنيف، ومن ركائزه المتينة، خلق نبيل، وسلوك جليل، كل منا يحتاج إليه، ذلكم الخلق هو خلق التناصر، الذي يعني إعانة المستضعفين في الوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتأييدهم على الخلاص والنجاة من أنواع الظلم عن طريق الوسائل المشروعة، والسعي الحثيث في القيام بحاجاتهم حين يحيط بهم مكروه، وينزل عليهم بلاء.
هذا التناصر حق من حقوق الأخوة الإسلامية التي هي أصل الأخوات، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره)، وقال عليه السلام: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: (تحجزه، أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره).
وأضاف: بعدما تطرقنا إلى أهمية خلق التناصر وفوائده يجب علينا أن نقف على وسائل النصرة، وهي كثيرة منها: المناصرة الدعوية، وذلك بإصلاح أنفسنا ومن حوالينا إصلاحاً شاملاً ليتحقق لنا أملنا، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، وقال: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
ومن الوسائل: المناصرة المالية، فبذل المال في سبيل الله من أعظم القربات، وقد قدمها الله على الجهاد بالنفس في العديد من المواضع، لأن بذل المال يتعدى نفعه إلى الآخرين، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ)، وقال سبحانه: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً).
ومن الوسائل: المناصرة الإعلامية، وذلك من خلال الاستثمار الأمثل لوسائل الإعلام المختلفة لنصرة قضايانا، فنحن ندرك تماماً أن أي قضية مهما كانت عادلة إذا لم يكن وراءها إعلام صادق نزيه فهي قضية ميتةٌ ليس لها راعٍ، ولا قائمٌ بحقها، وأن أي قضية مهما كانت ظالمةً إذا كان وراءها إعلامٌ فستجد آذاناً صاغية ومناصرة دائمةً.
ومن الوسائل: المناصرة القانونية، وذلك بأن يتحرك أهل الاختصاص في القانون لدعم قضايانا العادلة ونصرة إخواننا المستضعفين، والاستفادة من خبراتهم في ملاحقة المجرمين والمسيئين والظلمة والطغاة وتقديمهم إلى المحاكمة.
ومن الوسائل: المناصرة السياسية، وذلك بأن يتبنى القادة والساسة وأصحاب القرار قضايا الأمة ويحملوا همومها ويدافعوا عنها بحكمة وإخلاص وجدية في الميادين السياسية المختلفة.
وأختم بوسيلة عظيمة من وسائل النصرة ألا وهي الدعاء من غير كلل ولا ملل، فهو سلاح الخطوب، ودواء الكروب، قال تعالى: (وَقَالَ رَبلاكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، فهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد استقبل القبلةَ يوم بدرٍ ثم مدّ يديه فجعل يهتف بربه: (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم ائتني ما وعدتني، اللهم إن تهلِك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبدُ في الأرض)، فما زال يهتف بربه مادًا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتُك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: )إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدلاكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)، فأمده الله بالملائكة.
أيها المسلمون المباركون: حديثي هذا لا ينفك أبداً عما يلاقيه إخواننا في بلاد الشام من مآس ومصائب على يد عصابات باطنية مجرمة لا تعرف للإنسانية معنى فتاريخها يتقطر دماً وخيانة، وآخرها مجزرة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من 50 طفلاً.
فأروا الله من أنفسكم نصرة حقيقية صادقة بشتى الوسائل لإخوانكم في سوريا، واسألوا الله النصر لهم وأنتم موقنون بالإجابة، فلعل الله أن يجعل من بيننا من لو أقسم على الله لابره.