الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


يشعرون بالقلق..!!

تاريخ النشر : السبت ٢ يونيو ٢٠١٢



تـُرتكبُ مجزرة دموية شنيعة في قرية سورية، فيخرج المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة لينقل الى العالم خبراً مهماً مفاده أن سيادة الأمين العام (يشعر بالقلق)..! ويتم إحراق إطارين في طريق بإحدى القرى في البحرين فيخرج نفس المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ليعلن أن سيادته (يشعر بالقلق)..! والسؤال الأول الذي بات يقلقني شخصياً هو متى يشعر سيادة الأمين العام بأكثر من (القلق)..؟! أما السؤال الثاني فهو ماذا يفعل سيادة أمين عام الأمم المتحدة عندما يشعر بالقلق..؟ هل يتناول حبة (فاليوم) مثلاً، أم يذهب سريعاً إلى ثلاجة الأمم المتحدة فيتناول علبة آيس كريم من الحجم العائلي ويلتهمها أمام شاشة التلفزيون ليهرب من مشاعر (القلق) التي تنتابه..؟!
أعتقد جازماً أن العالم لم يعد يكترث مطلقاً لما ينتاب سيادة الأمين العام من (القلق).. وأعتقد أيضاً أن مشاعر (القلق) التي تنتاب وزيرة الخارجية الأمريكية حين يتعرض احد المتظاهرين لخدش بسيط أثناء استفزازه وتعرضه الى رجال الأمن في البحرين، وحين يتعرض سكان قرية سورية كاملة للتعذيب ولقتل والتمثيل بجثث الأطفال الأبرياء، لم تعد تعني اي شيء للعالم. لأنها مشاعر ليست عقلانية ولا عادلة بالمطلق، ولأنها تشتمل على مقدار كبير جداً من التمييز وغياب الإنسانية ومقدار أكبر من السياسة. وفي الحقيقة فباستثناء الفضائيات والصحف العربية، فإن الصحافة العالمية لم تعد تفرد ولو سطراً واحداً لأخبار حالات (القلق) التي تنتاب أمين عام الأمم المتحدة ووزيرة الخارجية الأمريكية..
وبنفس القدر من عدم الاكتراث يمكن لنا ان ننظر إلى (القلق) المصحوب بالتوتر الشديد والعصبية الزائدة الذي أبدته السيدة لورا ديبي لاسر رئيسة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لوضع حقوق الانسان في البحرين..! والمؤشرات واضحة للعالم كله، فنحن حتى الآن لم نسمع تصريحاً واحداً من السيدة لورا يتجاوز حالة الشعور بـ (القلق) تجاه جرائم الانتهاك اليومي والممنهج لحقوق الانسان وحقوق الاطفال في سوريا، بل لم نسمع لها تصريحاً واحداً يدين جرائم الإعدام شبه اليومية لعرب الاحواز في إيران، وهي لم تشعر بـ (القلق) والتوتر لكل المجازر التي تعرض لها مدنيون وأبرياء عراقيون على أيدي مليشيات حكومية تابعة لنفس الحكومة التي تعتبرها الإدارة الأمريكية والأمم المتحدة (نموذجاً للديمقراطية)..!
مع ذلك فقد شعرت بالفضول لهذه الحالة الهيستيرية الغريبة التي أصابت السيدة لورا ديبي تجاه ملف حقوق الإنسان البحريني في الوقت الذي لا يمكن مقارنة أعظم المخالفات في هذا الملف بمخالفة واحدة يرتكبها نظام الأسد أو نظام المالكي أو النظام الإيراني..! ومن خلال بحث بسيط جداً ومتاح على موقع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بدت الأسباب واضحة للغاية.. إذ أن ثلاثة من المستشارين والمسئولين الرئيسيين في مكتب السيدة لورا هم من العراقيين..! وأكثر من ذلك فقد كشفت الجمعية المعنية بالدفاع عن الطائفة البهائية في تقرير مفصل رفض السيدة لورا الإجابة على رسائلهم المتكررة حول ما يتعرضون له في ايران، واشار التقرير إلى وجود موظفين ومساعدين في مكتبها يحولون دون وصول بعض الآراء والمواقف إليها..!!
وبالعودة إلى مشاعر (القلق) التي تنتاب بين فينة وأخرى أمين عام الأمم المتحدة، والرئيس أوباما ووزيرة خارجيته.. فكذلك السيدة لورا تنتابها أحياناً مشاعر (القلق).. ولكن المرة الوحيدة التي عبّر تصريح باسمها عن هذه المشاعر، كانت حيال التمييز السلبي الذي يتعرض له الجنس الثالث في الباكستان..! وحدث هذا في نفس الوقت الذي كان المدنيون الأبرياء في الباكستان يتعرضون بشكل يومي للقتل (الخطأ) من الطائرات المقاتلة الأمريكية..!!
هذه الحقائق عن (قلق) هؤلاء المسئولين الرئيسيين على مستوى العالم، لم تعد خافية على أحد في الغرب نفسه، وهي بالمناسبة محل تندر وتعليقات ساخرة في كثير من صحف العالم. وقد نشرت إحدى الصحف الفرنسية الساخرة رسماً للشيطان يشير إلى الرئيس الأسد وهو يذبح مجموعة من الأطفال فيخاطب الشيطان أمين عام الأمم المتحدة قائلاً: أنا أشعر بالغضب يا رجل.. فكيف تستطيع أن تكتفي بالقلق..؟!
في الشأن الوطني: الثورات
الإصلاحية لا تستهدف المدارس..!
منذ بداية العام الدراسي الحالي تعرضت مدارسنا إلى 84 اعتداء بقنابل المولوتوف اضافة الى اعتداءات أخرى تضمنت التكسير والتخريب والإضرار بالاجهزة التعليمية، وهذا الرقم بحد ذاته يكفي ليكشف للعالم بأسره أن ما يحدث في البحرين لا يمكن أن يكون ثورة إصلاحية أو احتجاجات وطنية، لأن الإصلاح يجب ان لا يستهدف المدارس والمؤسسات التعليمية.. ولأن هذه المدارس لنا ولأبنائنا وليست للحكومة..