الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


الأوهام الإيرانية وواقع عروبة البحرين

تاريخ النشر : السبت ٢ يونيو ٢٠١٢



هل تخرج البحرين عن المألوف باتحادها مع المملكة العربية السعودية؟ ولماذا يسبب هذا الاتحاد إزعاجا كبيرا للبعض في الداخل والخارج؟
إن ما قالته وصرحت به طهران حول فكرة اتحاد مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية يعتبر أمرا مستهجنا وغير سديد، وخاصة ان هوية الاتحاد مازالت غير معلنة وأسس قيامه لم يتم اعلانها، وبذلك وقع الساسة الإيرانيون في المحظور الذي يسمى بالعرف «فلتة وجع رأس».
والمرة ليست بالأخيرة اخطأ ساسة طهران عندما طالبوا بضم البحرين إلى إيران كمحافظة سموها الرابعة عشرة، واخطأ من ظن من كبار الساسة ورجالات الدين الإيرانيين بأن طهران ستكون قبلة لأبناء البحرين، ألا يعلمون الحقائق التاريخية عن عروبة البحرين منذ الأزل؟ وان شيعتها وسنتها هم أحفاد اعرق القبائل العربية؟
فمهما حصل، فان الحديث عن الاتحاد مع المملكة العربية السعودية هو أمر طبيعي، ستظل متطلباته كثيرة والتزاماته أكثر، وان تأجيله في القمة التشاورية جاء لمزيد من الدراسة والإعداد الجيد، وهذا عين العقل.
نعم، ان قضية الوحدة الخليجية هدفها الاستراتيجي ونهايتها هما العمل من اجل الوصول إلى الوحدة العربية التي تعتبر مطلبا مصيريا لأي إنسان عربي، ولكن متى وكيف ستتم هذه الغاية؟ أسئلة شغلت أجيالا تلو أجيال من أبناء العروبة، ولا يعلم احد إجابتها إلا الله سبحانه وتعالى، فنحن لسنا بحاجة إلى وحدة محدودة، بل وحدة مستكملة في طموحاتها وأهدافها ليكون ذلك أساسا لاستمراريتها.
علينا أن نعي بأن أنصاف الحلول أو ما تسمى الحلول الترقيعية لأي مشروع للوحدة لن تحقق النتيجة المرجوة لها، التي تتمثل في الاستقرار الاقتصادي والأمني والاجتماعي، وكذلك في استمرار التنمية الشاملة، والعمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية.
ويمكن للمرء أن يغض الطرف عن التباينين النوعي والكمي لبلدان مجلس التعاون، ولكن لا يمكن أن يغض الطرف عن وحدة قد تقوم على أساس عدم التكامل، حيث من الأهمية خلق مفاهيم مجتمعية لدى الشعوب، وهذه المفاهيم تأتي وفق معطيات معينة يتم التوافق عليها بين الحكومات والشعوب الخليجية حتى يأتي الاتحاد متجاوبا مع التطلعات الشعبية الخليجية.
هناك بعض التجارب العربية التي مرت علينا واتخذت أشكال الاتحاد ولكنها اخفقت في الاستمرار، منها تجربة الوحدة بين مصر وسوريا، ذلك الاتحاد الذي لم يستمر سوى سنوات قليلة.
نعم، أنا كمواطن خليجي يشكل لي الاتحاد بين دول المجلس حلما وهدفا لا يمكن التنازل عنهما، لكن في الوقت ذاته لا أريد أن يكون اتحادا فقط لمواجهة المخاطر الإقليمية وفي طليعتها الخطر الفارسي أو خطر التيارات الدينية المتطرفة، ولكن نتطلع لأن يكون خيارا استراتيجيا شاملا من اجل المستقبل الخليجي كله.
لنتفق على ضرورة مراعاة الغايات الخليجية المحورية وذلك للوصول إلى القرارات النافذة، فالأهم هو تحقيق غاية الشعوب الخليجية بأن يكون الاتحاد قائما على التكاملية للوصول إلى اندماج الإنسان بالكيان في صورة تكاملية تؤسس مستقبلا للاندماج.
منتهى القول: إن العقل البحريني يرفض المزايدات على عروبة ارض وشعب البحرين، ويكره خزعبلات طهران التي نعتبر اقوالها وتهديداتها جملة «نكرة»، ويقبل فكرة الاتحاد كاملا لأنه الخيار الاستراتيجي الحقيقي من اجل المستقبل.
* عضو اللجنة التأسيسية للهيئة الدولية لكتاب الصحافة
moc.liamg@inahiafladejam