الجريدة اليومية الأولى في البحرين


دراسات


وزارة التربية والتعليم خلال الثلث الأول من عام (2012).. عرض وتقييم

تاريخ النشر : الاثنين ٤ يونيو ٢٠١٢



كان مؤشر التنمية البشرية في السابق قاصرًا على بعض المؤشرات الاقتصادية، كالناتج القومي للدولة ومعدل النمو الاقتصادي، ولكن الوضع تغير مع تبني البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في بداية التسعينيات مفهوم «التنمية البشرية المستدامة» الذي أسسه الباحثان «محبوب الحق» (باكستاني) و«أماراتيا سن» (هندي) أثناء عملهما بالبرنامج الإنمائي، وهو المفهوم الذي أعاد الاعتبار إلى الإنسان مرة أخرى جاعلاً منه محور التنمية وصانعها وهدفها، ويقوم على حقيقة مفادها أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم.
ومن هذا المنطلق، وضعت مملكة البحرين تنمية العنصر البشري ورفع قدراته نصب عينيها، وجعلت من الاستثمار في البشر هدفا أساسيا تسعى إلى تحقيقه، كما كان يقول دومًا «الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة» ـ طيب الله ثراه ـ وذلك في ضوء إدراكها الكامل للارتباط الوثيق بين تحقيق التنمية الاقتصادية والمستدامة، وبين الإنجاز المحقق في مجال التنمية البشرية، الذي يعد التعليم أحد أبرز أبعاده وأركانه، بل يمكن القول إنه المفتاح الرئيسي لهذه التنمية.
وهنا تبرز ملحوظة مهمة يجب الالتفات إليها، وهي أنه حينما اهتمت المملكة بهذا المحور من محاور التنمية، تعاملت معه انطلاقًا من أن التعليم لم يعد يقوم فقط على نسبة من يعرفون القراءة والكتابة، أو عدد سنوات التمدرس في المراحل المختلفة للتعليم، ولكنه أخذ ينصرف إلى مضمون العملية التعليمية، فأخذ يهتم بتوفير الكوادر المدربة لقيادة هذه العملية، وتوفير الأبنية والوسائل التعليمية والمكتبات المتطورة ومناهج الرياضيات والعلوم الطبيعية والتعليم الفني وبعدد خريجي العملية التعليمية من مهندسين وعلماء وأطباء وكيميائيين وفيزيائيين ونسبة من يستخدمون الحاسب الآلي والشبكة العنكبوتية للمعلومات، وذلك نتيجة التحول في الاقتصاد العالمي في اتجاه اقتصاد المعرفة، وغلبة المكون المعرفي على غيره من عناصر الإنتاج، ذلك أن هذا المضمون يكفل استيعاب التكنولوجيا الحديثة والإسهام في تطوير هذه التكنولوجيا، كما أنه يوفر الخريج الذي يحتاج إليه سوق العمل بالمستويات المهارية المختلفة المطلوبة لهذه السوق، وقد أصبح معلومًا أن جانبًا كبيرًا من مشكلة البطالة يأتي من عدم التكامل بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل.
وكان من المهم في إطار تطبيق هذه الرؤية التفاعل المباشر بين وزارة التربية والتعليم كجهة إدارية مسؤولة عن إدارة العملية التعليمية وجميع مفردات هذه العملية، من خلال المتابعة الدقيقة والميدانية للمدارس والجامعات الخاصة والحكومية وتقييم أدائها باستمرار، وهو ما تجسد في قيام وزير التربية والتعليم بنحو 40 زيارة ميدانية للمدارس خلال الثلث الأول من عام 2012 تعرف من خلالها أداء المدارس وهمومها ومقترحاتها، فضلاً عن الزيارات التي يقوم بها مسؤولو مختلف الإدارات بالوزارة، وكذلك التفاعل مع ما تنشره الصحافة والرأي العام في هذا الخصوص سواء أكان نقدًا أم اقتراحًا، من خلال الحرص على الرد على ما يرد بالصحافة من مقالات تنتقد بعض مشروعات الوزارة وتصحيح ما بها من أخطاء، إلى جانب قيام كبار المسؤولين بالوزارة وعلى رأسهم الوزير بإجراء الحوارات مع الصحافة والإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى قيام الوزير بالتنسيق مع السلطة التشريعية في البلاد من أجل تهيئة المناخ التشريعي المناسب للنهضة التعليمية في البحرين، وهو ما تمثل في حرص وزير التربية والتعليم على حضور جلسات مجلس النواب عند مطالبته بذلك إلى جانب الحرص على توضيح النقاط غير الواضحة في المشاريع التي لا تلقى قبولاً من جانب بعض أعضاء المجلس، والتي كان أبرزها مشروع تحسين الزمن المدرسي، وهو ما يحسب للوزارة في ظل ما ألقي على عاتقها من حمل إضافي بعد ما شهدته البلاد من أحداث مؤسفة في شهري فبراير ومارس 2011 وتداعياتها التي امتدت إلى الآن، وذلك لجهة لعب دور أساسي في صيانة الوحدة الوطنية، ومجابهة أعمال شغب وتخريب في بعض المدارس.
وإذا كانت البحرين قد حققت العديد من الإنجازات في مجال التعليم؛ إذ وصل معدل معرفة القراءة والكتابة بها إلى 86,5% وهو ما يفوق المعدل العالمي الذي يقدر بـ78,5، مرتفعًا في الفئة العمرية من 15 - 24 عامًا إلى 97% بما يعني انخفاض معدل الأمية في هذه الفئة إلى 3% فقط، كما ارتفعت نسبة طلاب العلوم والهندسة والتصنيع والبناء إلى 17% من طلاب المرحلة الثانوية، وهي نسبة متقدمة تتجاوز النسبة المحققة في ايسلندا والنرويج والولايات المتحدة البالغة 16%، فإنه من المهم الاستمرار في تقييم مراحل تطور الأداء في مجال التعليم للوقوف على السلبيات ومحاولة تلافيها والبناء على الإيجابيات، وهو ما يعرض له هذا التحليل عبر المحاور التالية التي تقيم أداء الوزارة خلال الثلث الأول من عام 2012:
أولاًـ التربية والتعليم وصناعة التنمية:
أدركت البحرين منذ وقت مبكر من استقراء الخبرات التنموية المعاصرة للدول التي حققت حديثًا انتقالاً من حالة التخلف إلى حالة التقدم كدول النمور الاسيوية، أن الركيزة الأساسية كانت التعليم، من خلال الاعتماد على منهاج التصنيع المتوجه للتصدير، وإعمال هذا المنهاج يقتضي قوى عاملة متعددة المهارات تعرف كيف تدير وتطبق فنونًا إنتاجية وإدارية في استخدام خامات أو سلع نصف مصنعة وتشغيل وتطوير وصيانة آلات وتصميم منتج أو تعديله أو إنتاجه بكُلفة أقل أو بجودة أعلى، كما تعرف كيف تسوق هذا المنتج وإلى أين وبكم تبيع وكيف تحافظ على أسواقها وتطورها، وهذه المعرفة لا تتأتى إلا عن طريق التعليم الجيد الأساسي بفروعه المختلفة ثم المتخصص المتميز ثانيًا ثم تأهيل خريج هذه العملية التعليمية عن طريق التدريب كي يستطيع امتهان الحرفة المطلوبة في الوحدة الإنتاجية أو الإدارية.
هنا تكون الدولة قد وضعت يدها على أهم مدخل في العملية التنموية وهو البشر القادرون، فافتقاد العنصر البشري المؤهل عن طريق العملية التعليمية لا يفقد التنمية أهم مكوناتها المحلية فقط ويستعاض عنه باستيراد العمالة بما يعنيه هذا من استيراد ثقافات مغايرة وأعباء على ميزان المدفوعات في زيادة التحويلات للخارج، ولكنه يجعل العنصر البشري المحلي في حالة تعطل ولا يكون أمامه غير الأنشطة الهامشية.
وتأسيسًا على ذلك، تبنت المملكة التعليم النظامي وتعليم الفتيات منذ أوائل القرن الماضي، وواصلت تطوير العملية التعليمية عبر أجيال من رواد التعليم، أمثال المرحوم «أحمد العمران» الذي يطلقون عليه في البحرين أبوالتعليم والمفكر والمربي «علي فخرو» وزير التربية والتعليم الأسبق الذي وضع أسس التعليم الحديث، ثم جاء «عبدالعزيز الفاضل» وبعده د. «محمد الغتم»، الذي رسخ الانضباط عند الطالب واحترام مدرسه ومدرسته وجامعته وحقق الأمن والأمان للعملية التعليمية وأسهم في تقدمها، ثم جاء «ماجد النعيمي»، كما حققت البحرين إلزامية التعليم ومجانيته، وعممت التعليم الإليكتروني في مدارسها عن طريق مشروع الملك «حمد» لمدارس المستقبل الذي يضم حاليٌّا كل المدارس البحرينية، وفي 2010 حققت الأهداف الأساسية لبرنامج الأمم المتحدة الخاص بالتعليم للجميع قبل موعده المحدد 2015، ووفق تقرير المعرفة العربي تعد البحرين أكثر الدول العربية تحقيقًا لمعدلات الالتحاق بالتعليم ونسبة المساواة بين الجنسين وأقل نسبة تسرب وأنها بين الدول العربية الأولى في استمرار الفرد في التعليم حتى نهاية المرحلة الجامعية، وكتقدير دولي لما وصلت إليه المملكة من أداء متميز في مجال التعليم تم انتخابها بالإجماع نائبًا لرئيس مجلس التربية الدولي التابع لليونسكو، بجانب اختيارها عضوًا في فريق العمل المكلف بالنظر في وضع أنشطة وبرامج المجلس الدولي للتربية للفترة القادمة.
ومن أجل ضمان استمرار المسيرة ترجمت الحكومة اهتمامها ليس فقط بالالتزام بإلزامية التعليم ومجانيته ولكن أيضًا في تيسير الاستعانة بالخبرات الأجنبية وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للعملية التعليمية، ووضعتها على رأس أولويات الإنفاق الاجتماعي، وفاقت نسبة ما تخصصه المملكة لهذه العملية الكثير من البلدان النامية، فبينما يبلغ متوسط هذه البلدان نحو 4 - 5% من إجمالي مصروفات الموازنات العامة، فإن هذه النسبة في المملكة تدور حول 10%.
وتعكس الأرقام تصاعدًا في قيمة مصروفات هذا القطاع في الوقت الذي أخذ فيه أيضًا التعليم الخاص في التوسع، وهو الأمر الذي انعكس في زيادة القدرات الاستيعابية للمؤسسات التعليمية وتحسن جودة العملية التعليمية.
ووفق رؤية تكاملية، كان هناك ارتباط بين عمل المؤسسة التعليمية في البحرين وإصلاحات سوق العمل، وإنشاء هيئة تنظيم سوق العمل وصندوق العمل (تمكين) وهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، وذلك بهدف الحد من نمو أعداد العمالة الأجنبية مقابل زيادة فرص عمل البحرينيين والبحرينيات وجعل العملية التنموية صناعة وطنية، وكان هذا واضحا في رؤية البحرين 2030 والمشروع الوطني لتطوير التعليم ونجاح العملية التعليمية في هذا الشأن نجد ترجمته في ارتفاع نسب البحرنة في قطاعات تتطلب مستويات مهارية عالية كالشركات النفطية التابعة للهيئة الوطنية للنفط والغاز؛ فقد بلغت نسبة البحرنة مثلاً في شركة «بابكو» 98% وفي «بناغاز» 94%، وبلغت في قطاع التأمين 65% وفي إجمالي القطاع المالي نحو 80% وفي مصاهر قطاع الألومنيوم 87%، وارتفاع المستوى المهاري للعمالة البحرينية ومستوى تعلمها وتأهيلها هو ما جعل البحرين منذ عقود تمثل المركز المالي لمنطقة الخليج العربية، وأهم مواطن الجذب الاستثماري لصناعات الحديد والصلب.ثانيًاـ الكم والجودة:
إذا كانت مملكة البحرين حققت نسبة استيعاب في التعليم الابتدائي بلغت 100% والثانوي 97% بما يجعلها تحتل المرتبة الأولى عربيٌّا في هذا الشأن، فقد أدركت أهمية ارتباط الجودة بالكم؛ حيث غدت الجودة على رأس أولويات وزارة التربية والتعليم، وهذه الجودة تشمل مجموعة المدخلات التي توفر مخرجات بمستوى تنافسي عالمي من التكوين العلمي والمهاري قادرة على الانخراط في سوق العمل المحلي والدولي متشبعة بالمنظومة القيمية لوطنها منتمية إليه، ومعنى هذا أن هذه الجودة لا تنصرف إلى العملية التعليمية فقط ولكنها تمتد إلى كل جوانب الحياة المدرسية، وتشمل المنهج والمعلم وسلوك الطالب والقيادة المدرسية والبيئة المدرسية، التي يتعين أن تكون صحية وآمنة، ولهذا كان إنشاء هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب المنبثقة عن المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب كهيئة وطنية مستقلة، وتقوم هذه الهيئة بشكل مستمر بمراجعة أداء المدارس الحكومية والخاصة ومؤسسات التدريب المهني ومؤسسات التعليم العالي، وإصدار تقارير هذه المراجعة بشكل دوري يغطي كل هذه المؤسسات، وقد استكملت في الثلث الأول للعام الحالي إعداد هذه التقارير وإصدارها، وهذا بالتوازي مع قيام وزير التربية والتعليم وقيادات الوزارة ـ كما سبقت الإشارة ـ بالزيارات الدورية والتفقدية للمؤسسات التعليمية، وتحقيق الانضباط في الحياة المدرسية، واجتثاث الفساد، واحتواء الممارسات الخاطئة.
ولأن مراجعة هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب تشمل العوامل المؤثرة في الأداء التعليمي، وهي القيادة والإدارة والطلبة وأولياء أمورهم، وتغطي مدخلات العملية التعليمية ومخرجاتها، فإن ما تقوم به وزارة التربية والتعليم في الارتقاء بجودة العملية التعليمية قد أصبح يتعلق بمشروعات وبرامج تشمل الآتي:1ـ مشروع تحسين الزمن المدرسي:
وقد بدأت الوزارة تطبيقه في المدارس الثانوية بعد دراسة متأنية وتجربته في 2009، ويستفيد منه 30 ألف طالب في 32 مدرسة ثانوية، ويعد مثالاً بارزًا على مواكبة البحرين للتطورات الدولية في مجال التعليم، ويسعى لتلافي الفجوة بين عدد ومحتوى ساعات التعليم في المملكة والدول المتقدمة في التعليم، التي تبلغ نحو 30%، يذكر أن الدوام قبل هذا المشروع كان يضيع 3 سنوات دراسية من عمر الطالب؛ إذ إن الطالب البحريني يتلقى 635 ساعة فقط مقارنة مع 920 ساعة في الدول المتقدمة و1000 ساعة أوصت بها اليونسكو، ويصب هذا المشروع مباشرة في جودة مخرجات العملية التعليمية بزيادة وقت التعلم ومحتواه وتعزيز العلاقة بين الطالب والمعلم وتعزيز الأنشطة الإثرائية ومساعدة المعلم على مراعاة الفروق بين الطلاب في الفصل الدراسي، ولتمكين وزارة التربية والتعليم من تقييم هذا المشروع الحيوي وافقت الخدمة المدنية على تعويض شاغلي الوظائف التعليمية والإدارية وغيرهم في هذا المشروع عن عملهم الإضافي بصرف مكافآت مالية عن الساعات الإضافية اعتبارًا من ابريل حتى يونيو 2012، وقد حرص وزير التربية والتعليم في لقائه النواب والإعلام البحريني على توضيح الصورة الكاملة لأهمية هذا المشروع وجدواه في الارتقاء بالعملية التعليمية وتحقيق قبول مجتمعي لهذا المشروع.
2ـ مشروع تحسين أداء المدارس:
ويتم ذلك من خلال برامج محددة تقوم على تطبيقها وتنفيذها المؤسسة المدرسية بإشراف كوادر مؤهلة ومتخصصة تتعامل مع البرنامج التعليمي المعد، ويشمل الأداء أيضًا النشاط المدرسي الذي يقبل عليه المتعلمون بصورة تلقائية تتحقق من خلالها الأهداف التربوية التي تقودهم إلى تنمية خبراتهم وقدراتهم ومهاراتهم، ويشمل هذا المشروع حاليا 5 مبادرات هي: رؤية المدرسة البحرينية المتميزة، ومشروع الشراكة من أجل الأداء، والتدريس بهدف التعلم، والقيادة من أجل النواتج، ومشروع دعم المدارس، ويستهدف أن يغطي مشروع تحسين أداء المدارس جميع مدارس المملكة في 2012/2013، وبما يمكن من تحسين الأداء المدرسي ما تقوم به الوزارة من مراعاة إنشاء المدارس والمباني الأكاديمية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية حتى يكون الطلاب قريبين من أماكن سكناهم، وتراعى في المدارس الجديدة جميع الجوانب المتعلقة بجودة الحياة المدرسية، إضافة إلى مراعاة صيانة المباني المدرسية ومرافقها بشكل دوري، وتخفيف الكثافة الطلابية والاهتمام بالصحة المدرسية، وتوافر الاشتراطات الصحية، والارتقاء بالبيئة المدرسية ومرافقها وتجهيزاتها.
غير أن أهم مقومات تحسين أداء المدارس تأتي عن طريق التدريب، كما أنه يمثل حلقة الوصل بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل، ومن أبرز أنشطته في الثلث الأول لـ 2012 ورشة العمل التي عقدها من 12- 16 فبراير مركز الاستشارات والتدريب والتعليم المستمر حول جمع وتخزين ومعالجة البيانات وتحليلها بهدف التمكن من التحليل الإحصائي، ومن ذلك تدريب المعلمين الأوائل على التخطيط وفق أفضل الممارسات، وورشة العمل التي حضرها وزير التربية والتعليم في إدارة التدريب وتطوير المهن حول تحسين المرفق المدرسي والإجراءات المتخذة لتنفيذه وفوائده، وتنظيم عدد من ورش العمل والبرامج التدريبية حول طرائق التدريس الحديثة وآليات الاستغلال الأمثل للحصة المدرسية، والتدريب على نشاط التكيف مع الأزمات من خلال حملة «وحدة واحدة» التي شملت ثلاثة أنشطة، وهي: قافلة الخير، والتكيف مع الأزمات، والتعلم عن طريق اللعب، وورشة العمل التي نظمها قطاع التعليم العام للتربويين والمشرفين الاجتماعيين الملحقين ببرامج الدعم والمساندة في برنامج تحسين أداء المدارس، ومنتدى تأصيل التقييم الذاتي في المدارس ورياض الأطفال في 15 و16 فبراير الذي نظمته هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، التي نظمت دورات تدريبية أيضًا عن أهمية الاتصال الحكومي وتحدياته.
وفي هذا السياق، أقر مشروع الملك «حمد» لمدارس المستقبل جائزة التميز التكنولوجي في التعليم لجعل المعلم المربي يتحول إلى مبدع للأفكار والإثراءات ووسائل التكنولوجيا المعززة للتعليم الإليكتروني، وحرصت وزارة التربية والتعليم من خلال تعاونها مع اليونسكو على إجراء تقييم مستمر لأداء المعلم وطرائق التدريس، وتشمل جودة المعلم أيضًا تدريبه بكفاءة في مجالات تعزيز المواطنة وحقوق الإنسان، فضلاً عن التدريب المستمر على طرائق التدريس الحديثة ومهارات القيادة وآليات الاستغلال الأمثل للحصص الدراسية، ومن جانبها حرصت وزارة التربية والتعليم على توفير فرص الابتعاث الخارجي للمعلمين لنيل درجات الماجستير والدكتوراه، وفي إطار استراتيجية تطوير التعليم في البحرين كانت المملكة قد قامت بتدشين كلية البحرين للمعلمين بجامعة البحرين في سبتمبر 2008 وذلك بهدف تخريج وتطوير المعلم التربوي المتخصص في المجالات التعليمية.
3ـ التعليم المستمر:
بهدف غرس حب التعلم عند الطفل حظيت رياض الأطفال باهتمام شديد؛ حيث تخضع رياض الأطفال للرقابة المستمرة من وزارة التربية والتعليم سواء من خلال الزيارات أو من خلال الإشراف الإداري والفني، وهي تضم حاليا 132 روضة، واهتمامًا بهذه المرحلة التعليمية التمهيدية يقوم الوزير برعاية معرض فن الطفل السنوي في دوراته المتعاقبة الذي تنظمه إدارة الخدمات الطلابية، ولاستقطاب المتسربين من العملية التعليمية قامت الوزارة بافتتاح مراكز لمحو الأمية وتقديم أفضل الفرص التعليمية للمتعلمين الكبار وتجويد وتدعيم الخدمات المقدمة لهذه الفئة، وهو ما مكن البحرين من أن تحقق هدف الألفية المتعلق بخفض معدلات الأمية لدى الكبار قبل موعده، وفي إطار التعليم المستمر وكيانه المؤسسي المتمثل في إدارة التعليم المستمر بوزارة التربية والتعليم تتم دعوة الراغبين من الجمهور لتعلم اللغات الأجنبية وتشمل برامج هذه الإدارة حاليٌّا في هذا الشأن اللغات التركية والفرنسية والأسبانية والروسية والإنجليزية واليابانية.ثالثًاـ رعاية الموهوبين والأنشطة المدرسية:
نظرًا لما هو متوقع منها مستقبلاً لجهة إسهامها في الرصيد التنموي للمملكة ترعى الدولة العناصر المتميزة في العملية التعليمية، من ذلك ما تكشفه المنافسات الإقليمية كتلك التي نظمها المجلس الثقافي البريطاني، واستمرت حتى 3 فبراير 2012 بين البحرين والأردن وقطر والسعودية وعُمان والعراق والإمارات حول إجراء الأبحاث الخاصة بمشكلة نقص المياه وإيجاد حلول مبتكرة لها، ومن ذلك أيضًا مسابقات جائزة التميز التكنولوجي في التعليم ويشارك فيها جميع الطلبة، وقد أوجدت الوزارة كيانًا مؤسسيٌّا لرعاية الموهوبين بصفة مستمرة، وهو مركز رعاية الموهوبين، الذي طرح في الآونة الأخيرة حزمة دورات وبرامج تستهدف استكشاف المواهب، منها برنامج الحاسوب حول تصميم الإعلان الناجح، ودورة تدريبية حول الملكية الفكرية للموهوبين في مجال الاختراع والاحتكار، ومعارض فنية وبرنامج إثرائي في مجال الرسم والأشغال اليدوية.
وباعتبارها أنشطة مكملة للعملية التعليمية أنشأت الوزارة إدارة معنية بالتربية الرياضية ونشاط الكشافة والمرشدات وأنيط بها الإشراف على برامج الرياضة المدرسية، وتقوم بتنظيم العديد من البرامج والفعاليات والدورات سنويٌّا، فضلاً عما تقوم به من دورات تدريبية للنهوض بالتربية الرياضية وترشيح من تقوم الوزارة بابتعاثهم للخارج للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه في التربية الرياضية، كما اتجهت الوزارة إلى فتح أندية مسائية مع بدء الفصل الدراسي الثاني للراغبين في ممارسة الأنشطة الرياضية، وفي إطار هذا النشاط المدرسي قامت إدارة التربية الرياضية بتنظيم مهرجان «البحرين تستاهل» بحضور الوزير الذي اعتمد أيضًا إقامة المخيم الكشفي 41 من 2 - 6 فبراير 2012 الذي تأسست فيه أول حركة كشفية لذوي الاحتياجات الخاصة بهدف إدماجهم مجتمعيٌّرابعًاـ رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة:
إيمانًا بحقهم في التعلم تقوم وزارة التربية والتعليم بإدماجهم في المجتمع بداية عن طريق دمجهم في المدارس الحكومية وتوفير ما يحتاجون إليه من مقررات ومعلمين ووسائل تعليمية مساندة، كما تحفزهم إلى المشاركة في المسابقات الخارجية، وقد قام وزير التربية والتعليم بالفعل برعاية تدشين الدليل الكامل لتعليم الأطفال ذوي الصعوبة، وهو يعد أول دليل شامل عن التوحد يستفيد منه المعلمون وأولياء الأمور.
خامسًاـ رعاية التأليف والبحث العلمي:
في إدراك منها لأهمية ربط العملية التعليمية بالأنشطة الإنتاجية أولت وزارة التربية والتعليم أهمية خاصة بالبحوث العلمية وخاصة التطبيقية منها، وفي هذا الشأن فقد دشنت جامعة البحرين مشروع 13 مجلة إليكترونية الذي نظمه مركز النشر العلمي بالجامعة بغرض نشر وتوثيق المعرفة بأفضل صيغة، كما تأسس بجامعة الخليج كرسي الملك «حمد» للتعليم الإليكتروني، وهي الجامعة الوحيدة في المنطقة التي تقدم برنامج ماجستير في مجال التعليم الإليكتروني والتعلم عن بعد، ويتم حاليٌّا تطوير استراتيجية وطنية للبحث العلمي في المملكة، وتشجيعًا للتأليف قام وزير التربية والتعليم برعاية معرض المؤلف البحريني بمناسبة اليوم العالمي للكتاب 2012 في الفترة من 23 ؟ 26 ابريل 2012؛ حيث نظمت إدارة المكتبات العامة ومراكز مصادر المعرفة بالوزارة هذا المعرض ودعت إليه جميع المؤلفين البحرينيين الذين أقرت كتبهم من قبل لجنة تقييم المطبوعات البحرينية.سادسًاـ التعاون مع الجامعات البحرينية وتطوير التعليم الفني:
في إطار ضرورة الإفادة من الخبرات الأكاديمية والمتخصصين في الارتقاء بالعملية التعليمية وتطوير التعليم الفني وقعت هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب وجامعة البحرين مذكرة تعاون بشأن تقييم امتحانات الصف الثالث الثانوي من قبل فريق بحثي متخصص من الجانبين، والاستفادة من الفعاليات التي تقيمها الجامعات مثل مؤتمر جامعة الخليج العربي الدولي الثاني حول ضمان جودة التعليم، كما قامت الجامعات بتنظيم برامج لإعداد قادة المستقبل للمؤسسات الحكومية والخاصة.
وفي مقاربة لما طرحه مجلس التنمية الاقتصادية تم الاهتمام بالكوادر التي تقوم بالتعليم وتنفيذ برنامج التلمذة المهنية، والتدريب الميداني في شركات ومؤسسات سوق العمل، الذي يشمل مشروع الإطار البحريني للمؤهلات الذي بدأ العمل به في 2010 ويستغرق تنفيذه عامين، كما تحفز الوزارة الطلاب وأولياء أمورهم إلى الالتحاق بالتعليم الفني حتى بلغ عدد الملتحقين به 1321 طالبًا وطالبة في 2010/ 2011، وبالتعاون مع أستراليا بدأ مركز التميز للتعليم الفني والمهني بوزارة التربية والتعليم في آخر عام 2011 برنامج تدريب المعلمين والمعلمات المستجدين على النظام المطور للتعليم الفني والمهني.
سابعًاـ نشر قيم حقوق الإنسان والمواطنة ومواجهة أعمال التخريب:
في مسعى منها للقيام بدورها في احتواء الاضطرابات السياسية التي شهدتها المملكة منذ فبراير ومارس 2011 حتى الآن، وصيانة الوحدة الوطنية، اتخذت وزارة التربية والتعليم خطوات تضمن التشجيع على زيادة روح التسامح والقبول بالرأي الآخر؛ حيث عقدت وزارة التربية والتعليم في مارس 2012 ورشة عمل تحت عنوان: «استراتيجيات تعليم حقوق الإنسان والتوعية للمواطنة: العيش المشترك وقبول الاختلاف والتسامح»، كما نظمت لجنة مدارس البحرين المنتسبة إلى اليونسكو تحت رعاية وزير التربية والتعليم ورشة عمل ناقشت دور المدارس في تعزيز ثقافة الحوار من أجل نشر السلم والأمن في المجتمع، وأوصت بإضافة مقررات تنشر ثقافة الحوار وتدريب المعلمين عليها.
وفي السياق أيضًا تقوم وكالة الوزارة لشؤون التعليم والمناهج بعقد دورات تدريبية حول تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في الحقل التربوي وتوفير أطر تربوية قادرة على نشرها، وقد تم بالفعل تخريج دفعات من هذه الدورات المتخصصة.
ومن زاوية أخرى، لعبت الوزارة دورًا مهمٌّا في احتواء تداعيات هذه الاضطرابات سواء كانت أعمالا تخريبية طالت المؤسسات التعليمية أو بث روح الفرقة بين أبناء الشعب البحريني أو نشر ثقافة التعامل مع الظروف الطارئة، أو ما يتعلق بقرارات فصل أو إيقاف سواء للطلاب أو الموظفين أو المعلمين؛ ففي خلال الفترة من سبتمبر 2011 حتى مارس 2012 بلغ عدد الانتهاكات والاعتداء على المدارس 154 حادثة؛ حيث تمت إعادة جميع المفصولين، كما قامت الوزارة باستحداث برامج لاحتواء الآثار السلبية لهذه الأحداث، من ذلك ما أقامته من دورات حول الصحة ومكافحة الحرائق والإخلاء في 20 مدرسة.ثامنًاـ الاستعانة بالخبرات الدولية:
بهدف النهوض بالقطاع التعليمي، والاستفادة بنجاحاتهم على المستوى الدولي وتطبيقها في الداخل بما يتلاءم مع خصائص القطاع التعليمي في المملكة عملت وزارة التربية والتعليم على الاستعانة بالخبرات الدولية، ولعل أبرز ما قامت به في هذا الإطار: التعاون مع اليونسكو؛ حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين للسماح لوزارة التربية بتلقي المساعدة والمشورة اللازمة فيما يتعلق بإصلاح المناهج الدراسية من قبل اليونسكو، فضلاً عن التنسيق معها للاحتفال بتسليم جائزة اليونسكو - الملك حمد لتكريم الباحثين والدول والمؤسسات البحثية على الأعمال والمبادرات التي تشجع استخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم، إلى جانب التعاقد مع خبراء أجانب، فضلاً عن توقيع الاتفاقيات الدولية مثل توقيع اتفاقية التعاون بين وزارة التربية والتعليم وجامعة أدنبرة لإنشاء «شبكة للمعرفة والبحث العلمي» في البحرين بهدف ربط البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي بقطاع الأعمال والصناعة.
وهكذا، استكملت بنجاح وزارة التربية والتعليم بقيادة وزيرها «ماجد النعيمي» ومن معه من المربين المخلصين في الثلث الأول من عام 2012 استراتيجيتها للنهوض بالعملية التعليمية بمختلف أبعادها، انطلاقًا من أن الإنسان البحريني هو الاستثمار الحقيقي، وهو هدف وأداة التنمية في الوقت ذاته، غير أن ذلك لا يمنع من القول إن هناك تحديات مازالت تواجه الوزارة وفي حاجة إلى متابعة دقيقة وعمل مضن، وهو محو آثار تداعيات أحداث شهري فبراير ومارس 2011 وتعزيز روح الإخاء والمواطنة، وكذلك أيضًا الاستمرار في محاربة الفساد في المؤسسات التعليمية واستئصاله، كما حدث مع قضية «بوليتكنك البحرين»، فضلاً بطبيعة الحال عن مواكبة ما يطرأ على العملية التعليمية من تطوير، ولاسيما أن التعليم من المجالات التي تشهد تطورات سريعة ومتلاحقة.
ولا شك أن الوزير الحالي «ماجد النعيمي» يحقق نجاحات يلمسها الجميع، بتوجيه ومتابعة المعلم وحكيم هذا الوطن «خليفة بن سلمان»، ويسير على خطى من سبقوه في ترسيخ العملية التعليمية التي تكفل لأبناء هذا الوطن خدمة وطنهم وضمان حياة كريمة لهم.